ما قصة "الفيتو الأمريكي" الرافض تسليم المعارضة السورية أسلحة نوعية؟


تعاني المعارضة السورية من نقص في الأسلحة النوعية كي تتمكن من مواجهة الآلة العسكرية لقوات نظام بشار الأسد، حيث تمده روسيا لا سيما منذ سبتمبر/ أيلول الماضي بأسلحة حديثة متوسطة وثقيلة.

وكشف معارضون سوريون أن هذا النقص ناجم عما أسموه "فيتو أمريكي" يمنع تسليم المعارضة أسلحة قدمتها إليها دولة خليجية كبرى من بينها "أسلحة نوعية"، فيما أشارت مصادر أخرى إلى وجود "فيتو أمريكي" آخر يمنع حركة "أحرار الشام" من الانتقال إلى مناطق في شمال حلب لمقاتلة تنظيم "الدولة الإسلامية".

المعارضون قالوا في تصريحات لصحيفة "الشرق الأوسط"، اليوم الخميس، إن "تركيا طلبت من حركة أحرار الشام ومن تنظيم فيلق الشام إرسال ألف مقاتل إلى كل منهما لقتال داعش في منطقة شمال حلب". وأوضح مصدر معارض للصحيفة (لم تذكر اسمه) أن التنظيمين أرسلا لوائح بأسماء المقاتلين، وانتقل هؤلاء بالفعل إلى تركيا، غير أن المشروع سرعان ما توقف بسبب "فيتو أمريكي"، تم تحديداً على "أحرار الشام"، فيما سمح لـ"فيلق الشام" بالدخول.

وأكد أن عمليات تسليح المعارضة وتذخيرها متوقفة بشكل شبه كامل من غرف العمليات في الجنوب والشمال بطلب أميركي تحت عنوان "الإفساح في المجال أمام المفاوضات" الجارية في جنيف. وتابع المصدر أن "الوفد المعارض المفاوض أبلغ حرفياً من قبل وزير خارجية دولة خليجية صديقة، أن هذه الدولة أرسلت بالفعل مساعدات عسكرية إلى المعارضة لمساعدتها على مواجهة النظام، وأن من بين هذه الأسلحة أسلحة نوعية، وهي عبارة عن صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف، لكن واشنطن رفضت إدخالها إلى الداخل السوري".

وينظر معارضون سوريون إلى أن الموقف الأمريكي حيال القضية السورية "متذبذب"، ويشيرون إلى أن واشنطن تتعامل مع المعارضة بشكل "غير مفهوم".

وقال المعارض السوري رئيس مركز "جسور"، محمد سرميني مقيم في تركيا إن "هذه الخطوات بدأت منذ عام 2011، في اجتماع عقده السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد مع معارضين في 15 أبريل/نيسان من ذلك العام، حيث أكد أن الولايات المتحدة لن تتدخل عسكرياً، وأنها لن تسمح للإسلاميين بالوصول إلى الحكم، كما لن تسمح لفئة سورية بكتابة الدستور وحدها".

سرميني لفت إلى أن واشنطن تتصرف بهذه الطريقة، لأنها تريد دفع المعارضة إلى المفاوضات، وهي مقتنعة أن المعارضة القوية لن تقدم التنازلات، ولهذا تحرص على عدم تفوقها، كما عدم إضعافها، مما يؤدي إلى فوز النظام.

وأشار أيضاً إلى أن ما يعزز هذا المنطق هو التصرفات الأميركية على مدى السنوات الخمس من عمر الثورة، حيث إن واشنطن كانت تحرص على تحديد نوعية الأسلحة التي تصل للمعارضة بما يضمن هذه الأهداف. موضحا أن الموقف الأميركي من المنطقة الآمنة هو من الدلائل البارزة.

ولدى عسكريو المعارضة السورية مآخذ على الشروط الأمريكية المفروضة على قوات المعارضة من جهة، ولتعامل الإدارة الأمريكية وفق "الانتقائية بالدعم" من جهة أخرى، في إشارة منهم إلى دعم التحالف الدولي بقيادة واشنطن للقوات الكردية.

ونقلت الصحيفة عن القيادي في حركة "أحرار الشام" في قطاع حلب، محمد الشامي، قوله: إن "قضية الدعم المشروط هي أبرز الاعتراضات على تعامل الأميركيين مع المعارضة"، موضحًا أنه "حين دعمت واشنطن حركة حزم قبل عامين، وأمدتها بصواريخ (التاو)، كانت تشترط قتال المتشددين، وأن قتال (داعش) وسائر الحركات المتطرفة، أولوية على قوات النظام، كذلك فعلت حين أخضعت بعض العسكريين للتدريب ضمن برنامج التدريب الأميركي في تركيا، حيث أهلتهم لقتال (داعش) وليس النظام».

ويضيف: "من هنا، برزت الخلافات على اعتبار أن الولايات المتحدة لا تريد قتال النظام، بل تطمح لتنفيذ أجندتها في سورية وهي قتال المتشددين والحركات الإسلامية غير المعتدلة أو غير الموالية لها".

وحول الدعم المقدم للأكراد قال الشامي: منحت أمريكا الأكراد دعماً غير محدود في معارك كوباني وغيرها، فيما أثبت التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أن دعم المعارضة على غرار الأكراد، ليس متاحاً".، مشيرًا إلى أن طائرات التحالف "قدمت دعمًا للمعارضة خصوصًا فرقة السلطان مراد في قتال (داعش)، للسيطرة على بلدة الراعي بريف حلب عبر تنفيذ ضربات تمهيدية، لكنها لم تكمل الدعم لصد الهجمات المضادة التي أسفرت عن سيطرة (داعش) مرة أخرى على الراعي، ولم تستهدف أرتال (داعش) الذي يقطع مسافات طويلة من الموصل إلى ريف حلب".

ويرى الشامي أن هنالك هناك تبادل في المصالح بين التحالف والأكراد، في ظل غياب تنسيق دائم مع المعارضة، "علما بأن هناك عدواً مشتركا هو (داعش)، لافتًا إلى أن واشنطن توقف الدعم حين يتعارض تقدم المعارضة مع مصالح حلفائهم الأكراد ميداني"، حسب قوله.

ويأتي الـ"فيتو الأمريكي" على تسليح المعارضة في وقت تواصل فيه روسيا وإيران مدّ الأسد بالأسلحة والذخائر بشكل مستمر، فضلاً عن إرسالهما لقوات بشرية، كمستشارين ومقاتلين ضد المعارضة، فضلاً عن دخول الطيران الروسي منذ 7 أشهر على خط المعارك في سورية دعماً لقوات النظام.