مجلس التعاون الخليجي.. أهداف مشتركة و رؤى مختلفة


 توقعات:

– ستساعد التهديدات الأمنية على تماسك مجلس التعاون الخليجي، الذي يتأثر إلى حد كبير بأكبر أعضائه، المملكة العربية السعودية.

– تعمل كل الدول الأعضاء في المجلس على إصلاح اقتصادها وتنويعه،لكن كل دولة ستتبنى مقاربة مختلفة للوصول إلى هذا الهدف.

– يسعى مجلس التعاون الخليجي ككل لتعاون اقتصادي شامل يجذب الاستثمارات الأجنبية، على غرار النموذج الإماراتيّ.

* تحليل:

كما هو الحال في أي دورة ازدهار وكساد، تؤثر أسعار النفط المنخفضة على سلوك الدول المعتمدة على النفط عالميًا، وتدفعها إلى التنويع وخصخصة أصولها النفطية للحد من الخسائر.

وتعتبر دول مجلس التعاون الخليجي- السعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وعمان- من الاقتصادات الأكثر اعتمادًا على النفط والغاز الطبيعي في العالم.

ورغم النقاش المطوَّل، والتقدم الذي أحرزته في مجال الإصلاح الاقتصادي، ثمة حاجة متجددة وملحة تقف وراء الجهود الخليجية، لا سيما في ضوء الاعتراف بأن أسعار النفط قد تظل منخفضة على مدى السنوات الخمس المقبلة، وربما لفترة أطول.

وبدافعٍ من استمرار المنافسة مع إيران على الهيمنة السياسية والاقتصادية، عملت الدول الأعضاء في مجلس التعاون على مواءمة مواقفها مع السعودية، القوة الخليجية الأكثر مناوءةً لمصالح طهران في المنطقة.

بل في الواقع، تقود المملكة- التي يتجاوز عدد سكانها إجمالي سكان بقية دول مجلس التعاون مجتمعة- التنسيق الأمني بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.

الالتزام بالأمن

نتيجة الرغبة المشتركة لمواجهة التهديدات الأمنية؛ سوف تستمر دول المجلس في تنسيق تعاطيها مع قضايا الأمن الإقليمي، رغم وجود الكثير من الخلافات الأيديولوجية والسياسية بينها. وإن كانت الرؤى المتنافسة بخصوص مستقبل الشرق الأوسط، بين قطر والسعودية على سبيل المثال، لا تزال مصدر تنازع.

إذ إن دعم قطر لجماعة الإخوان، والجماعات الإسلامية الأخرى، وكذلك المجموعات المتمردة ذات الميول الإسلامية في سوريا؛ يضع الدوحة أحيانًا في خلافٍ مع نظرائها في الخليج، ويُعَقِّد العلاقات من حلفاء مجلس التعاون، بما في ذلك الأردن ومصر.

ومع ذلك، لا تزال الدول الخليجية الأكثر قوة، مثل السعودية والإمارات، تنظر إلى قطر باعتبارها متمردًا تحت السيطرة، كما دعمت الدوحة مؤخرًا جهود المملكة في مجال مكافحة الإرهاب.

وسوف تؤدي التهديدات التي تواجه منطقة الخليج ككل إلى أن تعتمد دول مجلس التعاون الأصغر- بما في ذلك قطر- على السعودية وقوتها العسكرية، التي توسعت مؤخرًا مع تدخلها في اليمن وتحالفها العالمي لمكافحة الإرهاب.

وكانت العمليات العسكرية المشتركة التي قامت بها قوة درع الجزيرة، المؤلفة من 30 ألفًا وتستضيفها السعودية التي تعتبر ممولها الرئيس، قد أظهرت مدى فعاليتها في حماية أعضاء مجلس التعاون عندما تدخلت في البحرين إبان الربيع العربي.

واليوم، تشعر دول مجلس التعاون الخليجي بالقلق حيال التهديدات التي تشكلها الاضطرابات في الدول المجاورة غير المستقرة، بما في ذلك سوريا والعراق واليمن.

إذ ترى دول الخليج أن هذه البلدان تعتبر أرضًا خصبة للجماعات المتطرفة، وأماكن تستطيع إيران تعزيز نفوذها فيها؛ وهذا هو السبب وراء الدعم الخليجي المالي والدبلوماسي والعسكري للوكلاء في أنحاء المنطقة؛ لتشكيل الحكومات وإدارتها.

وبعيدًا عن التعاون العسكري، تواجه دول مجلس التعاون الخليجي تحديات مشتركة تتعلق بموازنة اعتمادها على عائدات الطاقة، وإدارة ملف المعارضة السياسية، وخوض المنافسة مع إيران. لكن كل دولة تحتاج إلى حلول محلية مختلفة عن الأخرى، وسوف تتعامل كل دولة مع هذه التحديات بطرق متباينة قليلًا.

وتحتاج التحديات التي تواجه كل دولة إلى حلول محلية مختلفة، مع التركيز في الغالب على إدارة الشؤون الاقتصادية والخارجية الخاصة. على سبيل المثال، تتبع عمان وقطر نهجًا أكثر اعتدالًا مع إيران، وقد استفادت الدولتين من علاقاتهما الخارجية مع طهران.

وإذا كانت السعودية تقود دول مجلس التعاون الخليجي في المسائل العسكرية، فإن الإمارات القوية ماليًا تتولى زمام الإدارة الاقتصادية، لتقديم المجموعة إلى مجتمع الاستثمار الدولي باعتبارها وجهة جاذبة للاستثمار الأجنبي.

أما القيادة الإماراتية فستأتي عبر تقديم نموذج للسياسات والتنسيق المشترك، يشمل إصلاح القطاع ضريبة القيمة المضافة والقطاع المصرفي، بما يجعل مجلس التعاون الخليجي ككل وجهة استثمارية أفضل خلال السنوات القليلة المقبلة.

هذا المزيج من القيادة العسكرية والاقتصادية داخل مجلس التعاون الخليجي، سيُبقيه موحدًا في خضم الأوقات الاقتصادية والسياسية العصيبة.

تغيير بطيء

سياسيًا، لا تستطيع دول مجلس التعاون الخليجي إصلاح أنظمتها المعقدة بسرعة؛ لأنه قرار شديد الفردية يتعلق بالثقافة الخاصة وتغيير العقد الاجتماعي في كل دولة. وسوف يشهد هذا العقد القدر الأكبر من التغيير في المملكة الهشة، بما يضع القيادة السعودية الحالية على رأس قائمة الممالك المعرضة للخطر في الخليج.

ويعتبر مجلس التعاون الخليجي- مقارنةً بالاتحادات السياسية الأخرى مثل: الاتحاد الأوروبي- اتحادًا أمنيًا أكثر منه اقتصاديًا، رغم الدور الذي لعبه الأمن والسياسة في تأسيسه.

وفي ظل إعلان البنك المركزي السعودي مؤخرًا، انخفاض المعروض النقدي في المملكة خلال شهر فبراير، للمرة الأولى منذ ما يربو على عشر سنوات، من الواضح أن السعودية تحتاج إلى الأمن الذي تجده في اتحاد دول مجلس التعاون الخليجي الذي تقوده.

أما الإمارات العربية المتحدة، من جانبها، فسترى دورها في رسم نموذج اقتصادي لبقية الدول الأعضاء، وهو يحشد اهتمامًا أكبر خلال السنوات المقبلة.