“قف مع دوما” رسالة إنسانية للفت الأنظار إلى مأساة مدينة


مهند شحادة

أطلق ناشطون، ومجموعة من الفاعليات المدنية، داخل مدينة دوما -قبل أيام- حملةً بعنوان “قف مع دوما” بعد حملة شرسة، صعد خلالها النظام وحليفته موسكو من عمليات القصف على الأحياء السكنية، ما أدى إلى أوضاع إنسانية صعبة جدًا؛ بفعل ضعف الإمكانات داخل المدينة المحاصرة، وهو ما كان سببًا في زيادة أعداد القتلى؛ نتيجة العجز عن إسعاف عديد من الحالات الحرجة، والتي تتطلب إمكانات طبية عالية.

من جهته، قال الناشط عبد الملك عبود لـ (جيرون): “(قف مع دوما) حملة شعبية، أطلقتها مجموعة من الناشطين المستقلين غير المرتبطين بأي جهةٍ، وشارك في الترويج لها، وتصديق معلوماتها الجهات الطبية والمدنية كافة، وذلك عن طريق نشر إحصاءات توثق عدد الشهداء وعدد الجرحى، وتقيّم الخسائر اليومية؛ نتيجة حملات القصف المتواصلة على المدينة”.

أهداف الحملة

أكد الناشط ياسر الدوماني أن أبرز أهداف الحملة خلق حالة من الضغط الشعبي، وتحشيد ما أمكن من الرأي العام، لدفع الجهات المسؤولة، دوليًا وإنسانيًا، إلى تحمل مسؤولياتها تجاه ما يحدث من انتهاكات بحق المدينة وأهلها، وقال لـ (جيرون): “بدأت الحملة قبل أيام عن طريق نشر مجموعة من الصور عن المجازر المرتكبة -في الآونة الأخيرة- في مدينة دوما، والهدف منها إيصال رسالة للعالم، بضرورة التحرك لإيقاف القصف وفك الحصار، نحن نعرف أن العالم أجمع شاهد مئات، لا بل آلاف الصور عما يُرتكب بحق المدنيين من انتهاكات، دون أي حراك، ولم تفلح مقاطع الفيديو والصور المنشورة عبر وسائل الإعلام في وقف القصف، أو فك الحصار، اليوم نقول لكل من يهمه الأمر أن النظام وحلفاءه يعلمون بدقة المواقع العسكرية في الغوطة الشرقية عمومًا وفي دوما خاصةً، وعلى الرغم من ذلك، لا يستهدف القصف سوى الأحياء المدنية الآهلة بالسكان، بالتالي؛ الحقيقة الخالصة هي أن دوما تتعرض لإبادة ممنهجة والعالم يكتفي بالمشاهدة”.

وأضاف: “في الوقت الحالي تسيطر على الغالبية العظمى من الأهالي في المدينة المحاصرة حالة من الحنق والقهر؛ نتيجة سياسة الكيل بمكيالين، فيما يخص التعامل مع قضية استهداف المدنيين”، مشددًا على أنه “لا يمكن لأحد اليوم أن يسأل أهالي دوما لماذا تخاصمون العالم بأسره. فالإجابة بسيطة لا تتعدى أن المجازر يوميًا تّرتكب بحق أبنائهم والعالم مستمر في حياته، دون موقف يساعد في وضع حدٍ لهذا المسلسل المرعب، أو على الأقل، لحظة حداد؛ كي يقتنع أحد -هنا- بأن الإنسانية مازالت على قيد الحياة”.

بدوره قال عبود: “سبب إطلاق الحملة يكمن في أن ناشطي وأهالي مدينة دوما شعروا بالخطر المحدق بهم؛ نتيجة التصعيد غير المسبوق من القصف الصاروخي والمدفعي، إضافة إلى غارات الطيران الحربي، قابله تهميش واضح من وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية والدولية للمدينة؛ فكان القرار بإطلاق هذه الحملة؛ لنوضح للعالم أجمع مدى الخطر الذي يعيشه أهالي المنطقة، ولنثبت لهم بالأرقام والصور مجازر النظام ضد المدنيين العزل أمام صمت المجتمع الدولي، بالتالي يمكن القول إن هدف الحملة هو لفت أنظار شعوب العالم عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ لكي يكونوا وسيلة ضغط على حكوماتهم للتدخل الفوري والحقيقي لإيقاف مأساة المدنيين وحقن دمائهم”.

رسائل الحملة

في هذا السياق، أشار الدوماني إلى أن رسالة الحملة “واضحة”، وأن المطلوب “قرار ناجز يستطيع وقف سيناريو تدمير المدينة وقتل أهلها”، وأضاف: “رسالة الحملة للجميع، للدول العربية، للمجتمع الدولي، للمنظمات الإنسانية، فالسؤال الأكثر إلحاحًا كيف يمكن الاقتناع بأن هذا العالم، بكل إمكاناته ومؤسساته وأجهزته، يعجز عن إيقاف القصف على منطقة لا تتجاوز مساحتها أربعة كليو مترات، وبعيدًا عن الدخول في مناظرات واجتهادات، الحل واضح، وهو وقف الأعمال العسكرية وقفًا فوريًا، مدعومًا بقرار دولي، ربما ينجح في إنقاذ هذه المدينة المنكوبة والتي توقفت فيها كل سبل الحياة”.

أما عبود، فقال: “رسالة الحملة هي نداء للإنسانية، نداء لكل شعوب الأرض، وليس للحكومات، لأننا يئسنا من توجيه التقارير الحقوقية للمنظمات الدولية، بعد أن لمسنا كذبهم ومحاباتهم للنظام، فأردناها حملة شعبية مفتوحة، تصل لكل إنسان يحمل مفاهيم الإنسانية والسلام؛ ليقف معنا، لو بكلمة، ضد هذه الحملة الشرسة التي نتعرض لها يوميًا”.

الحملة لم تمر دون انتقادات أو منغصاتٍ، إن صح التعبير، حيث عدها بعضهم تحمل بعدًا مناطقيًا، بالتركيز على مدينة دوما، دون بقية مناطق الغوطة الشرفية، وفي هذا الجانب، قال عبود: ” حملة (قف مع دوما) لا تحمل أي بعدٍ مناطقي، ولا تحمل أي أبعاد تهدف إلى تمييز المناطق عن بعضها، لكن مدينة دوما في الفترة الأخيرة؛ وحتى اللحظة، تتعرض لحملة قصف شرسة بأنواع شتى من الأسلحة، والهدف الوحيد لهذه الحملة هو توضيح الواقع الأليم الذي نعيش، ولذلك؛ أدعو جميع إعلاميي الغوطة للمشاركة معنا في إيصال صوت الجرحى والمعوقين ومصابي الحرب؛ نتيجة القصف الممنهج الذي تتعرض له المدينة يوميًا”.




المصدر