في يومهم العالمي… 3 ملايين طفل عراقي بلا رعاية


مرّ أكثر من عامين وما زالت الطفلة عائشة وعمرها تسعة أعوام خارج المدرسة، لا تعرف إلا بعض الحروف التي علمتها إياها والدتها. ليس ثمة مدرسة تلتحق بها عائشة كما آلاف الأطفال غيرها من النازحين في مخيمات النزوح، لاسيما أن عائلتها اضطرت للتنقل أكثر من ثلاث مرات.

ليس بعيدًا عن خيمة عائشة في مخيم الخازر، تحاول أم يونس إعداد حساء العدس لأطفالها السبعة. منذ نحو شهر على نزوحهم من مدينة الموصل وأم يونس لم تجد إلا العدس وبعض الأرز تعده طعاما لعائلتها في ظروف أجبرتهم على التخلي عن منزلهم والعيش في عشوائيات على أطراف مدينة الموصل، ثم النزوح والخروج من المدينة حتى وصلوا إلى مخيمات خاوية يزداد عددها كل يوم، يقول مقداد محسن لـ”العربي الجديد”، وهو متطوع في العمل مع المنظمات الخيرية.

وأضاف “أكثر الذين يعانون في تلك المخيمات هم الأطفال، يجمعون صناديق الكرتون الفارغة ويفترشونها داخل خيامهم الباردة، كما يعاني أكثرهم من عدم التحاقهم بالمدارس، ومن سوء الرعاية الصحية فضلا عن عدم انسجامهم مع بيئة المخيمات القاسية، ويفضل بعضهم الانطواء والعزلة بعد أن تفرقوا عن أصدقائهم وفقدوا التواصل معهم نتيجة الحروب داخل مدنهم، ونزوحهم خارج محافظاتهم الأصلية”، مؤكدا أن بعضهم لقيّ حتفه نتيجة الإهمال الصحي، وسوء الوضع البيئي في ظل درجات الحرارة المرتفعة صيفًا والباردة شتاءً كذلك نقص الخدمات أو انعدامها.

ولفت محسن إلى أن بعض الأطفال تغيرت طباعهم، ويلاحظ عليهم سمة العنف والعصبية، حتى أن بعضهم يعاني من أمراض، مثل السكري والضغط، وأمراض جلدية خطرة، ولا يجدون علاجا وبعضها إن وجد فلا يتناسب مع الأمراض التي تفتك بهم.

من جهتها، نشرت دراسات عالمية وإحصائيات مخيفة عما يعانيه أطفال العراق. وذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” في يوليو/تموز الماضي أن “أكثر من نصف مليون طفل عراقي انخرطوا في سوق العمل من بين 3.5 ملايين طفل لم يعودوا قادرين على الدراسة، يواجهون خطر الموت أو التعرض لإصابة خطيرة أو عنف جنسي أو الخطف أو التجنيد في فصائل مسلحة، في حين اضطر مليون ونصف المليون طفل إلى النزوح جراء الأعمال القتالية.

وأضافت أن عدد الأطفال العاملين بلغ 575 ألفا، وأن 20 في المائة من مدارس العراق أغلقت بسبب الصراع، ولم يعد بوسع نحو 3.5 ملايين طفل في عمر الدراسة الذهاب للتعلم.

تنقصهم أبسط مقومات الحياة الكريمة (أحمد الجميلي)

وتؤكد المنظمة أن نحو 4.7 ملايين طفل عراقي بحاجة لمساعدة إنسانية، بينما تواجه الكثير من العائلات الآن أوضاعا متردية بعد العمليات العسكرية ضد “داعش”.

على صعيد متصل، أوضحت دراسة نشرتها دورية “سيرجري” خلال شهر مايو/أيار الماضي، أن واحدا من بين كل ستة أطفال أصيب بسبب الحرب، مقارنة بواحد فقط بين كل 50 طفلا مصاب في العالم، ومن بين 900 أسرة يصل عدد أفرادها إلى 5148 شخصا قال المشاركون إن هناك 152 طفلا مصابا أي 28 في المائة من كل الإصابات.

من جهتها، ذكرت عضو جمعية أجيال لتنمية الذكاء والإبداع، سولاف محمود، أن أطفال العراق يعدّون الشريحة الأكثر تضررا داخل المجتمع العراقي الذي يعاني من ويلات الحروب منذ عقود، التي خلفت جيشا من الأيتام يتجاوز الأربعة ملايين طفل، غالبيتهم إن لم يكن جميعهم محرومون من الرعاية الحكومية.

وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء، فإن “نسبة السكان بعمر أقل من خمس سنوات بلغت نحو 15 في المائة، ونسبة من هم بعمر 5-14 عاما بلغت 25 في المائة”، من مجموع عدد سكان العراق البالغ 36 مليون نسمة عام 2016.



صدى الشام