مصريتان تعزفان على الطبلة وتتحديان عادات وتقاليد


لم يهتم كثيراً كلّ من رانيا عمرو ودنيا سامي بالتعليقات السلبية والانتقادات النمطية لمشروعهما الفني، ملقيتين خلف ظهريهما رؤى الآخر العنصرية المتدثرة بعادات وتقاليد عتيقة، أهال عليها الزمن غبار المساواة والتمكين، وبعثرتها رياح تمرد المرأة وتحدّيها وإصرارها على النجاح. تحولت الفتاتان إلى عزف الطبلة، الآلة الإيقاعية التي يحتكرها الرجل. وعقب موجات من عدم الاقتناع والسخرية، استطاعتا فرض موهبتهما التي لاقت استحساناً واسعاً وباتت فيديواتهما على «يوتيوب» من الأكثر مشاهدة.

اكتشفت رانيا (23 سنة) عشقها الآلات الإيقاعية، خصوصاً الطبلة، منذ نعومة أظافرها، فكانت تعزف عليها في المدرسة ولم تتوقف عن العزف حتى بعد أن أنهت دراستها في الأكاديمية. هي محاسبة صباحاً وعازفة إيقاع مساءً.

توضح رانيا أنها وجدت كثيراً من الانتقاد منذ البداية وهي ترتدي الحجاب، إذ يعتقد كثيرون أن عزف الموسيقى في الحفلات لا يتناسب مع وقار الحجاب كأيقونة دالة على التزام المرأة المسلمة. لكن رانيا تؤكد عدم اهتمامها بالتعليقات السلبية وتركيزها على الانتقادات الإيجابية. وتقول: «وصفوني في البداية بأنني طبّالة جرحاً لمشاعري. لم أهتم. وواصلت العزف حتى في الشارع». ولفتت إلى سعيها مع شريكتها دنيا، الى كسر النظرة النمطية من جانب المجتمع إلى كثير من الأمور، «فالفتاة لا بد أن تكون جريئة وأن تحاول الوصول إلى حلمها ولا تتردد مهما بذلت من مجهود».

وعن رأي عائلتها توضح: «في البداية، لم يرحبوا بالفكرة وطالبوني بعزف آلة تناسبني كوني فتاة، مثل الكمان أو البيانو، لكنهم عندما تأكدوا أن لديَّ هدفاً أسعى بجدية نحو تحقيقه شجعوني». بالنسبة إلى دينا سامي (21 سنة)، وهي طالبة المعهد العالي للفنون المسرحية، لم ترفض عائلتها الطبلة فهي درست في مدرسة «الدرب الأحمر» للآلات الإيقاعية والنحاسية والسيرك كهواية، وقدمت العديد من الحفلات ودرّست الآلات الإيقاعية للأطفال السوريين، وقدمت حفلات في لبنان وإنكلترا وتونس والمغرب.

التقت رانيا ودنيا من خلال موقع «فايسبوك»، وقررتا تأسيس فريق «بوكا ليديز» (Buka

Ladies). وانتشرت لدنيا ورانيا فيديوات كثيرة تخطت فيها المشاهدة 700 ألف، خصوصاً الفيديوات التي كانتا تعزفان فيها على الطبلة في السيارة على إيقاع أغنية شهيرة أو في الشارع.

ترى دنيا أن إصرارهما هو الذي فتح باب النجاح، فمن الشارع إلى «فايسبوك» ومن ثم إلى الأوبرا، حيث الفن الحقيقي. تضيف: «في البداية، كان الموضوع مجرد تهريج، إلا أن الفيديو لاقى عشرات الآلاف من المشاهدات». وتعتقد دنيا أن عزف الفتاة على الطبلة أو الآلات الإيقاعية عموماً، بدأ ينشر ثقافة جديدة في المجتمع العربي تجعله أكثر تقبلاً لما يمكن أن تقدمه الفتاة.

وتتابع: «بنات كثيرات موهوبات تمنعهن نظرة المجتمع من النجاح ولا يجدن من يشجعهن. ونحن نسعى الى تحقيق شهرة للفرقة وأن تكون نواة لمدرسة لتعليم الفتيات العزف على آلات الإيقاع».

من أشهر أعمال دنيا ورانيا حفلتهما مع مطرب «أراب آيدول» أحمد جمال وعزفهما على أغنية «هوا هوا»، لسميرة سعيد. وقدمت الفتاتان أخيراً، حفلة في أوبرا الإسكندرية مع عازف الإيقاع سعيد الأرتيست، تضمنت تنويعات على مجموعة من أشهر ألحان الموسيقى العربية والمعزوفات الشعبية، إلى جانب ارتجالات على مختلف آلات الإيقاع الشرقية. كما عزفتا على جسر «ستانلي» في الإسكندرية، فتفاعل معهما المارة، قبل أن ينتشر المقطع المصور لهذا الحدث على نطاق واسع عبر شبكة الإنترنت.



صدى الشام