مجلة تعكس الثقافة السورية يصدرها مثقفون سوريون وألمان ببرلين


قبل نحو عام، تعرّف الشاعر وكاتب السيناريو، الفلسطيني-السوري محمد أبو لبن، على الناشر والصحفي الألماني، "ماريو مونستر"، في حفل زفاف للمخرج المسرحي السوري زياد عدوان والفنانة السورية مي سعيفان.

ومن هنا اكتمل عقد الثلاثي، زياد ومحمد وماريو، وعلى أيديهم جاءت ولادة مجلة A Syrious Look . وكانت علاقة ربطت محمد بـ"ماريو"؛ إذ أنه ساهم بعدة مقالات في المجلة الفصلية Rosegarden، التي يصدرها "ماريو" منذ عام 2013 من برلين.

ويقول زياد: "إنها محاولة لتقديم بورتريه مختلف عن الثقافة السورية في المنفى، ونحن لا نقول إن المساهمات والمحاولات الأخرى خاطئة. بيد أننا أردنا تناول القضية بشكل أكثر عمقاً؛ والمجلة الفصلية أو نصف السنوية تتيح لنا هذه الإمكانية". لم يحسم الثلاثي أمره بعد ويقرر هل ستكون المجلة نصف سنوية أم فصلية.

وتتوجه المجلة إلى شرائح مختلفة من القراء، فزياد يحدد تلك الشرائح في المهتمين بـ"الأدب والفن والثقافة، وبالشأن السوري، وبالصورة الثقافية العالمية لبرلين".

ويوافقه في الرأي "ماريو" الذي يضيف: "تخاطب المجلة الفئة غير الراضية على أن يكون اللاجئ مجرد لاجئاً أو قوة عاملة في سوق العمل".

وينفي محمد أبو لبن أن تكون المجلة موجهة "للاجئين بشكل أساسي"، غير أنه يعود ليؤكد أن "هذا ليس تعالياً على اللاجئين، فالمجلة تهتم بمواضيع اللاجئين من زاوية أنها تعطي الأمل للاجئ بأنه يمكن أن يكون خلاقاً ومبدعاً ويعيش بسلام".

وورد في الصفحات الأولى للمجلة أن خمسين بالمائة من عائدات المجلة ستخصص لتمويل نشاطات ثقافية في سوريا. أما الخمسين بالمائة الأخرى فستمول إقامة ورشات عمل في الفن والتمثيل للاجئين السوريين في برلين.

برلين مدينة ثقافية عالمية يعيش فيها العديد ممن يتحدث ويتواصل باللغة الإنجليزية. فلا غرابة إذن أن تصدر المجلة باللغة الإنكليزية في العاصمة الألمانية.

ويقدر الفنان البصري والناشط الثقافي خالد بركة عدد الفنانين والفاعلين الثقافين السوريين في ألمانيا "بالمئات". ونظراً لغياب إحصائيات موثوقة، يعمل خالد على إطلاق "فهرس سوريا الثقافي"، الذي ينبغي أن يشكل "منصة بديلة لحالة الشتات، وخارطة تصل بين المجموعات السورية الفنّية حول العالم".

بالمقارنة بين المدن الألمانية، أضحت برلين قبلة للفنانين والمثقفين السوريين. ويذكر زياد، الذي يعمل أيضاً كباحث مشارك في جامعة ميونيخ، أنه من بين أهداف المجلة "تناول العلاقة المرتبطة ببرلين كمدينة".

تزخر المجلة بالكثير من الأشكال الصحفية الثقافية والفنية: مجموعة من الصور الفوتوغرافية توثق الدمار الذي حلّ بالمنشآت التعليمية والثقافية في سوريا، فهناك حوار مع المفكر صادق جلال العظم عن النهضة والدين والمنفى والثورة، وهناك مقتطفات شعرية لشعراء سوريين في المنفى، وتوجد أيضاً مادة عن عسكرة النظام لتلاميذ وطلاب المدارس السورية، ولوحات تشكيلية وأخرى فنية عن المرأة في الثورة السورية. كما تدعو مادة أخرى للألماني "رافائيل نوينر" إلى ضرورة التغلب على النقص الحاصل في تبادل المشاعر والعواطف بين الألمان والأوروبيين .

تقع المجلة الملونة وأنيقة التصميم والإخراج الفني في سبعين وثمانين صفحة. جودة الطباعة بادية للعيان. "غطت مؤسسة تُعنى بالاندماج تكاليف الطباعة، ونقوم بباقي العمل تطوعياً، ولا نحصل على أي مردود مالي" كما يؤكد "ماريو".

وقد وجهت المجلة الشكر على صدر طبعتها لـ METRO GROUP على مساهمتها في التمويل. يبلغ ثمن النسخة الورقية من المجلة أحد عشر يورو.

ويقول "ماريو مونستر" إن المجلة "ستباع في برلين في خمسة مراكز توزيع، وقريباً جداً ستكون متاحة في كبرى المدن الألمانية. وقد تم طباعة ألفي نسخة" من العدد صفر.

لن تبقَى اهتمامات المجلة حكراً على الثقافة السورية، ففي جعبة الثلاثي، "ماريو" ومحمد وزياد، هناك الكثير من الأفكار لنشر أعداد قادمة عن ثقافات في المنفى الألماني: التركية، الفلسطينية، الجنوب أوروبي كالإسبانية والإيطالية، والإنكليزية بعد "البريكست"، والأمريكية بعد فوز "ترامب"، أو حتى عن الجيل الثالث من العرب هنا، الذين مازالوا يرزحون تحت مسميات تشير إلى أنهم من أصول مهاجرة.

لكن إصدار المجلات لا يتم بالأفكار وحدها! وفي هذا السياق سألنا الخبير في مجال النشر، "ماريو مونستر"، عما إذا كانت المجلة توجد على أرضية قوية، وعما إذا كان بمقدورها الاعتماد على النفس مستقبلاً فأجاب بواقعية صريحة، ولكن بنبرة يعلوها الأمل: "ليس الأمر سهلاً؛ فالمنافسة من قِبل المجلات الكبرى، ذات القدرة التمويلية الممتازة، عالية جداً. لا أعرف بالضبط مآل الأمور، ولكن أعتقد أن المجلة لن يمكن لها أن تستمر دون دعم مالي".




المصدر