انقطاع الاتصالات يزيد قلق ومعاناة الأهالي المحاصرين في وادي بردى


محمد كساح: المصدر

لأيام طويلة يحاول “توفيق” (38 عاما) الاتصال بطفليه (محمد وسامر) العالقين في وادي بردى، لكن دون جدوى، يضغط “توفيق” على زر الاتصال محاولاً تبديد هواجسه المخيفة حول مصير طفليه في المنطقة المشتعلة، على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار، ولكن “كل مرة تبوء محاولتي بالفشل” يقول “توفيق”.

يتابع الرجل في حديث لـ “المصدر” قائلاً “لا أعلم ما إذا كانا على قيد الحياة أم لا”، فقد شاءت الأقدار أن تفترق أسرة “توفيق” عندما حدث معه ظرف طارئ اضطره لمغادرة وادي بردى إلى منطقة قريبة، وفي اليوم التالي أُغلقت جميع منافذ الوادي وحوصر الطفلان بينما بقي والدهم طليقا.

معارك حامية

تدور معارك حامية ترافقها طلعات جوية من الطيران الحربي على عدة قرى من المنطقة، ألقت طائرات مروحية عشرات البراميل المتفجرة مستهدفة الأبنية السكنية، وتضم مناطق وادي بردى التي يسيطر عليها الثوار عشرة قرى أبرزها عين الفيجة الذي يحوي نبع الفيجة – الشريان الأساسي لتغذية العاصمة بالمياه – إضافة لبسيمة ودير مقرن وكفر الزيت والحسينية، وجميع القرى المذكورة تتعرض للقصف بشكل يومي.

وقال نشطاء من داخل المنطقة إن الأهالي لا يكادون يفارقون الملاجئ بحثاً عن الأمان، ويعيش 100 ألف نسمة في قرى الوادي في ظل حصار خانق تماماً وانقطاع لمياه الشرب بسبب استهداف نبع عين الفيجة من قبل مقاتلات حربية، ولا يتوفر الخبز ومعظم المواد الغذائية في المنطقة، إضافة لشح كبير في الأدوية.

لا اتصالات

تبرز مشكلة انقطاع الاتصالات السلكية والخلوية والإنترنت كإحدى أكبر الأزمات التي تساهم في خلق متاعب جمة للمحاصرين في المنطقة ولأقاربهم في المناطق الأخرى.

ومنذ بدء الحملة في الشهر الماضي قطع النظام الاتصالات عن الوادي نهائياً، وقال “أبو كمال” (من ريف دمشق) لـ “المصدر” إنه يجهل تماماً ما حل بأقاربه المحاصرين تحت القصف في الوادي، وأضاف “أحاول لأكثر من عشرين يوماً التواصل معهم، لا أعرف ما المصير الذي سيواجهونه”.

وقال أحد سكان إدلب وهو من ريف دمشق أيضا “في الليلة السابقة لإغلاق معابر الوادي اتصلت مع ابن عمي عبر الواتس أب، كان حديثاً ودياً وهادئا، لم يكونوا على علم بالحملة العسكرية، لكننا تحدثنا عما يدور بين الناس في وادي بردى حول الخروج إلى إدلب”.

وأضاف في حديث لـ “المصدر”: “حاولت في اليوم التالي التواصل معه بعد علمي ببدء الهجوم العسكري عليهم، لكن الاتصالات كانت مقطوعة تماما”. 

معاناة كبيرة

يصعب – بشكل كبير – التواصل مع أحد في الوادي، حتى نشطاء المنطقة الذين يستخدمون شبكات اتصال غير تابعة للنظام يتعللون دائماً بضعف الإنترنت وقلة الوقت.

ومراراً حاولت “المصدر” التواصل مع مسؤولي التفاوض في المنطقة، لكن نشطاء ذكروا لنا أن الإنترنت مقطوع ولا يمكن لهؤلاء التواصل في الوقت الحالي.

وقال الناطق باسم الهيئة الإعلامية في وادي بردى إن الكهرباء انقطعت أيضا بالتزامن مع قطع الاتصالات، وأضاف في حديث لـ “لالمصدر”: “الوضع مأساوي جدا”.

وقال الناشط “كمال” من داخل الوادي (استطاعت “المصدر” التواصل معه عن طريق الواتس أب)، إن الأهالي يعيشون في ظل أوضاع معيشية وخدمية صعبة للغاية، والقصف عطل حياة الناس وأدى لنزوحهم إلى مناطق لا تتعرض للقصف، ولا يوجد خبز ولا مواد غذائية أو طبية.

ويصعب التكهن بجدوى اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته المعارضة مع النظام بضمانة تركية روسية في وقف القصف والهجمات العسكرية على مناطق وادي بدرى.





المصدر