العمل على تدمير إيران ... ثم تنتهي الولايات المتحدة الأمريكية

لا أعرف لماذا تذكرت في تلك الأحداث العصيبة القائد الإنجليزي المتشدد "ريتشارد قلب الأسد" قائد الحملات الصليبية ، ربما هناك ثمة تشابه بينه وبين الرئيس الروسي المتطرف "فلاديمير بوتين " ، فقد كان لقلب الأسد أحاديث مشهورة عن الشرق بصفة عامة ومصر بصفة خاصة ، فقد كان يرى أنه لا نصر لأوروبا إلا باحتلال مصر ، حيث قال مقولته الشهيرة " إذا أردت إحتلال الشرق فعليك باحتلال مصر" ، لقد كان لهذا القائد المهزوم صولات وجولات مع القائد المنصور صلاح الدين الأيوبي ، لدرجة جعلت من هذا الرجل المتشدد المغرور إنسانا يبكي على خطيئته ويعترف بهزيمته وخذلانه أمام العالم أجمع . إن الممعن في التفكير إيذاء ما يحدث في الشرق الأوسط سيكتشف بالتأكيد أنه ليس هناك أي فارق بين الحملات الصليبية في القرون السابقة والدول الأوربية وأمريكا في العصور الحالية ، فالتاريخ يعيد نفسه والأحداث تتكرر ، فإن فلسطين الحبيبة الواقعة منذ عام 1949 تحت براثن الإحتلال الإسرائيلي ، ودولة إسرائيل لم تكن إلا واجهة تتستر خلفها إنجلترا التي كانت السبب الرئيسي في صنع هذا الكيان الصهيوني ، وقد تبدلت الأدوار وأعطت بريطانيا الوكالة بالتصرف للولايات المتحدة الأمريكية لتصبح العائل الأساسي لإسرائيل . ولم تتوقف أمريكا إلى حد تلك الوكالة الإنجليزية ، بل تعاظم دورها كدولة عظمى تريد الإستئثار بالعالم العربي بأكمله ، فكانت المحطة الثانية هي دولة "العراق" حيث رأت في صدام حسين كنزاً إستراتيجياً في معاداته الشديدة للشيعة وإصرافه في قتلهم ، بل وبطولته القيادية في السيطرة على العراق ودول الخليج ، فلما لا توعز له ولدول الخليج بالدخول في حرب طويلة المدى مع دولة إيران الشيعية وينشغلوا بالنزاعات فيما بينهم ، وهنا تكون أمريكا قد ضربت عصفورين بحجر واحد ، تقضي على إيران التي تمثل خطراً عليها وعلى إسرائيل كدولة لها قوة مادية وعسكرية كبيرة ، وفي ذات الوقت تدمر العراق كدولة تمتلك ثروات بترولية ونفوذ إستراتيجي هائل . وبالفعل إصطنعت أمريكا الوجه المناضل من أجل العراق ودول الخليج العربي لتقف بجوارهم ضد دولة إيران وقامت الحرب بين العراق وإيران لمدة عشرة سنوات ، وإستطاع صدام حسين الخروج من الحرب منتصراً مزهواً بقوته ، حيث إستطاع حماية دول الخليج العربي بأكملها من الخطر الفارسي المزعوم . وهنا كان على العرب أن يقدموا المكافأة للعراق لتحملهم ويلات الحرب والدمار ودخولهم تلك المعركة نيابة عن دول الخليج ، لكن العرب تنكروا لهم ، بل وصل الأمر إلى حد رفض دولة الكويت الشقيقة إعطاء منفذ بحري صغير للعراق ، مما تسبب معه في إستفزاز الزعيم الراحل صدام حسين رحمه الله الذي قرر في تهور شديد أن يقتحم الأراضي الكويتية بالقوة العسكرية ليأخذ حقه بيده بدلاً من اللجوء للقانون ، وكانت تلك هي الطامة الكبرى التي ما لبثت الولايات المتحدة الأمريكية ان تستغلها إستغلالاً مقيتاً لنهب ثروات الخليج ، فأخذت تنفث في النار لتزيد إشتعالها أكثر وأكثر ليحارب المسلمين بعضهم بعضاً ، فكانت النتيجة الصادمة هي " الغزو الأمريكي للعراق" ، مما أعقبه الدمار التام لدولة العراق الشقيقة وإعدام الرئيس صدام حسين . والآن تعود أمريكا على مسرح الأحداث لتوعز هذه المرة ليس للعراق بل لإيران التي كانت من قبل تعاديها وتحاربها ، وذلك بغرض آخر جديد وهو " إعلان الحملات الصليبية " على دول الشرق الأوسط والخليج العربي وذلك في ثوب جديد (الستار الحزبي لليمين المتطرف) انه الستار الديني المختلق الآن . بتلك الطريقة تستطيع الولايات المتحدة وحلفاؤها الروس من تدمير إيران ، وفي ذات الوقت حماية دولة إسرائيل ، ومن ناحية أخرى يستطيعوا السيطرة على دول الخليج العربي لتحويلها إلى مستعمرات أوروأمريكية و روسية ، بل وتحويل الشرق الأوسط الى دويلات صغيرة مفتتة يسكنها مواطنين يشبهون الحملان يلبسون رداءاً أمريكيا ويأكلون وجبات أمريكية ، ويتكلمون باللغة الأمريكية . في الحقيقة وبكل شفافية أقول إن أمريكا واهمة جدا في هذا الحلم المجرم المغلف بهالة من القدسية الدينية الكاذبة ، فإتحاد روسيا بقيادة المتطرف بوتين مع الولايات المتحدة بقيادة اليميني المتشدد ترامب سيكون وبالاً على المنطقة بأكملها ، ولو نجحت الحملات الصليبية فيما مضى لكانت تنجح الآن ، لكن العنصرية والأحقاد لن تجني إلا الخراب ، وإذا كان الروس والأمريكان يرون أن المعركة قد انتهت لصالحهم فإنهم إذن لم يقرأوا التاريخ ولم يتمعنوا جيدا في صمود الأبطال ، فالكوارث هي التي تصنع الرجال والحروب هي من توحد الناس . من بدأ بالإعتداء والظلم فعليه أن يتحمل العواقب ، إن السنوات تمر ببطء شديد والأحداث الدامية تكسر قلوبنا حزناً وكمداً ، جثث الأطفال والنساء تنادينا في أحلامنا وتسألنا ، لماذا لم ننتفض للإنتقام ؟ لماذا لم نتحد لنصرة الحق ؟ ما الذي فعلنا نحن أطفال ونساء سوريا لتتخلوا عنا أيها العرب؟ لماذا تركتونا وتعلمون إننا لا نملك من أمرنا شيئاً؟ ورغم كل هذا التخاذل العربي وعلى عكس ما يتوقعه هذا العالم المنافق ، فلن تنتصر أمريكا وروسيا ، لأن الشعوب العربية لم تمت بعد ، فهناك كثير من الرجال الشهداء والمعتقلين الذين قهرتهم الأنظمة العربية المستبدة العميلة التي لن تدوم ولن تنعم بخيرات بلادنا ، ان هؤلاء المسجونين من الأبطال خلف القضبان لم يتركوا المعركة والجهاد في سبيل الله ، انهم مستمرين في النضال إلى النهاية . إن المؤمنين بالله يثقون في نصره وعزته ويعرفون أن صلاح الدين الأيوبي سيظهر من جديد ليصنع جيشاً قوامه الملايين من أمتنا العربية الذين سيصطفون خلفه ليقاتلونكم جميعا لتنقلبوا خائبين، ولتتعلموا انه ليس بالغل والعنصرية تصنع الحضارات ، بل بالرحمة والإنسانية نبني الأمجاد . النصر سيكون للحق والعدل والسلام ولن يكون للعنصرية مكان ، سنشهد هزيمة ترامب وبوتين العنصريين قادة الحملات الصليبية في ثوبها الجديد .