سوريون أمام محاكم ألمانيا


تزايدت في الفترة الأخيرة شكاوى طالبي اللجوء السوريين أمام المحاكم الألمانية خوفاً من ترحيلهم، ورفضاً لقرار الحماية المؤقتة الذي لا يمنحهم الحق الكامل في اللجوء أسوة بآخرين.

عبّر عدد كبير من طالبي اللجوء السوريين في ألمانيا عن استيائهم من الأوضاع التي وصلوا إليها، بعد البدء بتطبيق قانون اللجوء الجديد وتشديد الإجراءات في ما يخص لمّ الشمل العائلي، خصوصاً لمن حصلوا على إقامة مؤقتة أو ثانوية. واتجه طالبو اللجوء بشكل مكثف إلى المحاكم الألمانية للبتّ في أوضاعهم.

يعتبر اللاجئون أنّ من حقهم مقاضاة المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF) بسبب “فشله في أداء عمله بشكل صحيح”. يقول عبد الكريم ح. وهو طالب لجوء سوري في مدينة كولن منذ سنة: “قدمت في المحكمة شكوى بسبب انتظاري منذ عام كامل النظر في أوراقي. حتى الآن لم أحصل على حق الإقامة، وأكثر ما يزعجنا كطالبي لجوء أنّه أثناء فترة دراسة طلباتنا لا يحق لنا أن نبحث عن عمل أو حتى الحصول على مكان في مدرسة تعليم اللغة”.

يتعلق العدد الأكبر من الشكاوى التي تقدم بها طالبو اللجوء السوريون بالحق في لمّ الشمل العائلي. فوفقاً لقانون اللجوء الجديد الذي بدأ العمل به في ربيع العام الماضي، يحصل أصحاب الحماية الثانوية أو المؤقتة على لجوء مؤقت لفترة عام ويجري البتّ في ملفاتهم مرة أخرى بعد ذلك، لتصل الفترة الزمنية للحماية المؤقتة أو الثانوية إلى ثلاث سنوات. وعلى طالبي اللجوء الذين حصلوا على حماية مؤقتة الانتظار لمدة سنة قبل السماح لهم بجلب عائلاتهم إلى ألمانيا.
وقصد أكثر من 36 ألف شخص المحكمة مع نهاية 2016 على أمل تغيير وضعهم من الحماية المؤقتة أو الثانوية إلى اللجوء الكامل.

يقول رائد ب. وهو طالب لجوء سوري حصل منذ ثلاثة أشهر على حماية مؤقتة، ويقيم في مدينة كولن: “قدمت شكوى أمام المحكمة للحصول على حق اللجوء الكامل، فأنا لا أستطيع أن أنتظر سنة كاملة من أجل استقدام زوجتي وابني من سورية. الانتظار كلّ هذه الفترة فيه قسوة كبيرة وأنا خائف من إصابة عائلتي بمكروه”.

إلى ذلك، تتوقع الجمعية الألمانية للقضاة الإداريين ازدياد عدد الشكاوى خلال العام الجاري. وهو ما يمثل أيضاً مشكلة للمحاكم الإدارية، مع عدم وجود عدد كاف من الموظفين للتعامل مع العدد المتزايد من الشكاوى.

تجدر الإشارة إلى أنّ بعض الشكاوى جاءت نتيجتها في صالح طالبي اللجوء، فقد قضت محكمة ألمانية عليا لصالح نحو 100 سوري ومنحتهم صفة لاجئ بعد تقديمهم شكوى وطعنهم في قرار المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين الذي قضى بمنحهم الحماية المؤقتة. وهي المحاكمة التي جرت في مدينة فايمر، شرق البلاد. وقالت المحكمة إنّ القرار نهائي وليس هناك مجال للطعن فيه. ففي كثير من الأحيان، يلجأ مكتب شؤون الهجرة واللاجئين إلى استئناف قرارات المحكمة الإدارية، ولا يُعرف متى يصدر القرار النهائي لتأكيد قرارات المحكمة الإدارية أو إلغائها.

يتخوف طالبو اللجوء السوريون من إعادتهم إلى سورية، وهو ما يدفعهم بكلّ ما أوتوا من قوة إلى محاولة الحصول على حق لجوء كامل. ومنذ بداية العام الماضي يستدعي مكتب شؤون الهجرة واللاجئين طالبي اللجوء لإجراء مقابلات شخصية. فالمكتب يعتبر أنّ طالبي اللجوء السوريين يعانون من “مصير حرب أهلية وليس مصير اضطهاد شخصي”. وهذا بحسب لوائحه يؤدي إلى منحهم حق اللجوء المؤقت، وليس حق اللجوء الكامل.

من جهتها، تعتبر منظمات حقوقية وإنسانية عديدة أنّ طالبي اللجوء، الذين يقدمون شكاوى للنظر في أوضاعهم، على حق، فقانون اللجوء الجديد قد وضع الكثير من القيود عليهم بإعطائهم حماية مؤقتة، فوقف في وجه حصولهم على فرص عمل ، علماً بأن لا أحد يرغب في توظيف أشخاص مصيرهم مجهول، وهو ما يسيء إلى عملية الدمج في المجتمع، ويضع طالبي اللجوء تحت ضغط نفسي كبير قد يقودهم إلى ارتكاب أعمال غير مرغوب فيها.

من جهته، يترافع المحامي الألماني المختص في قانون اللجوء، هينيغ بار، في قضايا تقدم بها طالبو لجوء سوريون ضد قرارات مكتب شؤون الهجرة واللاجئين. ويعلّق: “في أغلب الأحيان، يمنحون الحماية المؤقتة أو الثانوية فقط لأنّ طالب اللجوء لا يتمكن من إثبات ملاحقته السياسية بشكل فردي. لذلك، ننصحهم بالاستفادة من إرشادات المؤسسات والجمعيات التي تتولى مساعدة اللاجئين مثل كاريتاس، من أجل التحضير بشكل جيد لجلسات الاستماع”. كذلك، ينصح طالبي اللجوء بإظهار “الاحترام للدولة الألمانية لكلّ ما تقدمه لهم، بالرغم من فترات الانتظار الطويلة للبتّ في طلباتهم”.



صدى الشام