كيف يعيش مقاتلو فصائل المعارضة السورية في ظل الظروف الحالية؟


براء الحسن - خاص السورية نت

يُعدّ المال عصب الحروب، فمليارات الدولارات تُنِفقها الدول على العسكرة في أوقات الرخاء، فكيف بها أثناء الحرب؟، تستعد سوريا لاستقبال عامها السادس في ظلّ تبدّل المعطيات الدولية في الفترة الأخيرة، والرؤى الدولية التي تنادي بحلّ سلميّ دون الالتفات إلى تحقيق كافة مطالب الشعب الذي أطلق هذه الثورة في الخامس عشر من شهر آذارمارس عام 2011.

وكوسيلة للتضييق تلجأ الدول الداعمة لاستخدام المال كوسيلة ضغط على فصائل المعارضة كونها تعتمد بشكل رئيسي على الأموال والسلاح المقدّم من الدول الداعمة لها.

مقاتلو فصائل المعارضة الذين ترك كثير منهم وظيفته وعمله ليلتحق بركب القتال ضد قوات نظام بشار الأسد والميليشيات الأجنبية الموالية له، بات معظمهم اليوم في حالة صعبة بسبب الفقر المدقع الذي يعاني منه عامة الشعب السوريّ وخاصة المقاتلين.

الفصائل الأبرز عسكرياً على الساحة السورية كجبهة "فتح الشام" وحركة "أحرار الشام" الإسلامية اللتان تعدان عماد "جيش الفتح" الذي ساهم في السيطرة على مساحات واسعة من إدلب وإيقاف تقدم قوات النظام في ريف حلب، تعاني هي الأخرى من عجز في تقديم ما تراه واجباً عليها تجاه مقاتليها، وفقاً لما تحدث به قياديون عسكريون لـ"السورية نت".

أحمد شاكر المسؤول المالي في "أحرار الشام" أكد لـ "السورية نت" أنّ "الوضع المالي للمقاتلين ازداد سوءاً في الفترة الأخيرة، فمقاتلي الألوية منذ 80 يوماً لم يستلموا منحة مالية، خاصة أنهم في أقسى أوقات فصل الشتاء برودة حيث تزداد المصاريف إلى الضعف عادة في هذه الفترة، فالمقاتلون المتزوجون من المفترض أن يتقاضون شهرياً من 60 دولاراً أمريكياً بمعدل دولارين يومياً، في حين يحصل المقاتل الأعزب عادة على 40 دولاراً كمتوسط شهريّ".

ويضيف: "ربما التغيرات الداخلية التي كان متوقع حدوثها كالاندماج، والتغيرات الخارجية كمفاوضات أستانا وماقبلها، كان لها تأثير على الداعمين أو الجهات التي يمر عبرها الدعم، حيث أنّ الداعمين للفصائل وإن كانوا يدعمون بشكل منفرد عن دولتهم، إلا أنهم عادة ما يتأثرون بمواقف الدولة المتواجدين فيها تجاه الجهة التي يدعمونها".

تحديات للاهتمام بالعائلة

ومن جانبه يذكر "أحمد درويش" وهو مقاتل في صفوف الحركة، متزوج ولديه عشرة أولاد لـ "السورية نت" تفاصيل معيشته بالقول: "انضممت إلى فيلق الشام قبل ثلاثة أعوام، وقبل نحو عام انتقلت إلى صفوف الأحرار، الوضع المادي أمر هام جداً لأي مقاتل كان، فالمقاتل عندما يقدم له فصيله الحد الأدنى لكفايته سيقدم كل وقته للقتال وما يتبع لها من تدريب وغيره، في حين يضطر كثيرون من رفاقي وأنا منهم إلى العمل خارج أوقات الرباط والأعمال العسكرية كي أقدم لعائلتي".

ويضيف: "أحصل على مبلغ 60 دولار شهرياً، ولكنها غير منتظمة، فهذا هو الشهر الثالث الذي لم يعطى فيه مصروف للمقاتلين، فنحن كأفراد عائلة واحدة نحتاج نحو 250 دولار أمريكيّ كمعدل شهريّ وسطيّ؛ وحالة الفقر دفعتني إلى العمل في مهنتي التي كنت أعمل فيها قبل الثورة وهي البناء وإصلاح البيوت المتضررة جراء القصف، حيث أمضي نحو عشرة أيام من الشهر في الفصيل و20 يوماً في العمل الإضافيّ، حيث هناك أريحية ومراعاة لوضع المتزوجين في الفصائل عموماً وخاصة ممن هم مضطرون لعمل إضافيّ".

ويوضح "شاكر" في تصريح لـ"السورية نت" أن السبب الرئيسي للوضع المادي المتردي لمقاتلي الفصائل عموماً هو عدم اعتمادها على التمويل الذاتيّ، خاصة أن "فصائل المعارضة خسرت المنطقة الشرقية المليئة بالثروات النفطية والغاز كدير الزور والرقة وريف الحسكة عام 2013 لصالح تنظيم الدولة، ولم تتمكن من إيجاد بديل يؤمن لمقاتليها حياة أفضل، حيث أنّ الاعتماد على الخارج في الدعم ربما يترتب عليه آثار سلبية من حيث الضغط على الفصائل نحو منحىً معيّن، خاصة أننا في ثورة شعبية قدم خلالها أهلنا في المناطق المحررة عشرات الآلاف من الشهداء والمعتقلين، ناهيك عن ملايين شُرّدوا من مناطقهم سواء نحو المناطق المحررة الأخرى، أو نحو الدول المجاورة، فتحقيق أهداف الثورة هو ما نسعى له".
 

وذكرت مصادر مطلعة على أوضاع المقاتلين في "فتح الشام" لـ"السورية نت" أنها هي الأخرى  تعاني في تأمين المنح المالية لفصائلها، حتى أن بعضها لم يحصل على أي شيء منذ خمسة أشهر، ولذلك تعتمد فصائل الجبهة على ما تغتنمه في المعارك ضد قوات النظام من أسلحة وذخائر متنوعة، سيما في معركة فك الحصار عن حلب في أغسطس/ آب الماضي قبل أن يسيطر النظام على المدينة بشكل كامل.

وتضيف المصادر أن مقاتلين من داخل الجبهة يضطرون أيضاً للعمل خارج أوقات عملهم مع فصائلهم العسكرية لتأمين احتياجتهم، فضلاً عن اعتماد بعضهم على ما السلل الغذائية، في حين أنّ فئة من المقاتلين المدربين المفرغين بشكل دائم للقتال تنال منحة شهرية بشكل شبه دائم حيث هناك مجموعة من المشاريع التي تشرف عليها الجبهة يعود ريعها لدعم هذه الفئة.

وكان أئمة مساجد سعوا في عدة قرى وبلدات في ريف إدلب إلى دعم المقاتلين الفقراء في كل قرية من خلال إطلاقها حملات تبرعات للمقاتلين من أهالي البلد الميسورين والتجار، ساهمت في التخفيف من معاناة المقاتلين وخاصة في فصل الشتاء حيث تعيش مئات عوائل المقاتلين كغيرهم من الأهالي دون مدافئ في منازلهم.

وبات هؤلاء يعتمدون في التخفيف من البرد على البطانيات المتواجدة في كل منزل، في حين يضطر بعضهم لإشعال المدفئة لساعات قليلة مستخدمين مخلفات كاللباس القديم وأكياس النايلون البالية رغم الضرر الناجم عنها حيث أن سعر ليتر المازوت الواحد 300 ليرة سورية حيث تحتاج المدفئة يومياً إلى معدل خمسة ليترات أي مايعادل ثلاث دولارات.

وأشارت المصادر التي تحدثت لـ"السورية نت" أنه رغم الظروف الصعبة، فإن مقاتلي الفصائل عازمون على مواجهة النظام في أصعب الظروف، وهو ما يراه المقاتلون الذين يعانون وضعاً مالياً صعباً نجاحاً كبيراً لهم في الصمود بوجه الأوضاع الحالية.

وتعاني الثورة السورية عموماً من تضييق على كافة المستويات سواء من ناحية الفصائل العسكرية، وأيضاً المنظمات الإنسانية التي لم تعد تقدم ماكانت تقدمه في السنوات الماضية، خاصة مع ارتفاع أعداد النازحين وزيادة عدد المخيمات.




المصدر