on
ضحايا الإنترنت.. اللاجئون بألمانيا يتورطون بعروض لا يعرفون تبعاتها
يعاني الكثير من اللاجئين في ألمانيا من تورطهم في عقود أو مشاكل أخرى، قد تتطور إلى ملاحقة قضائية بسبب استعمالات خاطئة للإنترنت أو جهلهم بحقوقهم وواجباتهم كمستهلكين. مركز حماية المستهلك في بعض ولايات ألمانيا خصص قسماً لاستقبال شكاوى اللاجئين وتقديم المشورة لهم.
حميد (اسم مستعار) شاب جزائري من طالبي اللجوء في مدينة دارمشتات، وجد نفسه أمام فاتورتين ضخمتين: الأولى بسبب رسائل نصية قصيرة مجانية (إس إم إس) كان يرسلها عن طريق الإنترنت، والثانية بسبب تسجيله في أحد المواقع المجانية أيضا والخاصة بالتعارف في ألمانيا.
وبعد أقل من شهرين وصلت إلى حميد أكثر من 13 رسالة كإنذار للإسراع بتأدية مبلغ 245 يورو عن خدمة الرسائل القصيرة، ومبلغ 599,90 يورو عن موقع التعارف على الإنترنت، المسألة التي دفعته إلى عدم فتح الرسائل التي تصله وعدم الحديث عن الموضوع الذي يسبب له الكثير من الإحراج.
ويؤكد حميد على أن عدم إتقان اللغة الألمانية وأيضاً عدم الانتباه إلى التفاصيل الصغيرة قد تتسبب في مشاكل كبيرة جداً بالنسبة للاجئين الذين يستعملون الإنترنت، خصوصاً أن الكثير من المواقع في هذه الأخيرة تعتمد على تقديم عروض تبدو مجانية، لكنها في الحقيقة غير ذلك.
لم يقم حميد بأية مبادرة لحل مشكلته التي قد تدفعه يوماً إلى المساءلة القانونية، وذلك بسبب خوفه من تكلفة المحامي التي ستضاف إلى ديونه، وأيضاً لجهله بأن هناك هيئات يمكنها أن تساعده.
أما يارا، الشابة السورية المولعة بالموضة والتجميل، فقد وجدت نفسها مجبرة على دفع اشتراك لمدة سنة في إحدى المجلات الإلكترونية الألمانية الخاصة بالتجميل بنقرة واحدة.
ومن مدينة "ماينتس"، تؤكد يارا على أنه لم يكن في نيتها أن تلتزم بأي اشتراك وهي تتفحص هذه المجلة في محاولة للتعرف على جديد التجميل في شتاء 2016، فكيف لها وهي لاجئة جديدة في ألمانيا، أن تلتزم بأداء مبلغ شهري ولو كان لا يتجاوز 3 يورو.
وتضيف يارا: "الكلمة الوحيدة التي فهمت وأنا أضغط على صورة لأحد مواد التجميل هي أنها مجانية، الخطأ أني لم أعرف أن هناك أحكاماً وشروطاً عامة متعلقة بهذا العرض، وحتى وإن علمت لن يكون بمقدوري فهمها طبعاً، اللهفة في الحصول على كل شيء والانبهار بالعروض من أهم مشاكل معظم اللاجئين هنا".
فضلت يارا دفع الاشتراك الشهري لمدة سنة، مخافة أن يؤثر ذلك على موضوع طلب اللجوء الذي قدمته منذ أشهر في ألمانيا.
من جهته، يرى "مارك أندريه راينارتس" المنسق في مركز حماية المستهلك قسم اللاجئين بولاية "راينلاند بالاتينات"، أن اللاجئين يمثلون قوة استهلاكية مهمة في ألمانيا لكونهم يساهمون أيضاً في اقتصاد البلاد، لذا فمن المهم طبعاً الاهتمام بهم، وتقديم المعلومات الكافية التي تعرفهم على حقوقهم وواجباتهم كمستهلكين سواء من خلال حملات التعريف والتوعية التي يقوم بها مركز حماية المستهلك في مراكز الإيواء أو في إطار المقاهي الثقافية المخصصة للاجئين.
دوافع حملات التوعية هذه كما عبر عن ذلك "راينارتس"، أتت لتفادي المشاكل المادية والقانونية التي يمكن أن يقع فيها اللاجئ بسبب جهله بحقوقه وواجباته كمستهلك، حيث أن هناك نسبة كبيرة منهم لا تعي أن مثل هذه المتابعات المادية والقانونية قد تهدد استقرارهم في المستقبل، فعدم فتح الرسائل وتجاهلها مثلاً، يمكن أن يؤدي إلى متابعة قانونية، كما يمكن للمتابعة أن تكون سبباً في عدم الحصول على سكن، خصوصاً بعد مرحلة الاعتراف بطلب اللجوء.
معظم المشاكل التي يتخبط فيها اللاجئون ترتبط بعقود خاصة بالهواتف النقالة والإنترنت وتحميل الأغاني والأفلام، خصوصاً أن الكثير منهم يجهل مسألة حقوق التأليف التي يعاقب عليها القانون في ألمانيا خلافاً لدول أخرى.
من المهم جداً، بحسب "مارك راينارتس"، أن تتم مراجعة العقود قبل الموافقة عليها، والتأكد مما إن كان العقد يتناسب مع الوضع المادي للمستهلك أم لا، وأيضاً عدم نشر البيانات الشخصية وعدم تقديم البيانات البنكية على الإنترنت، ومن المهم تأدية الفواتير في وقتها وإلا فإن الثمن سيكون غالياً.
وبحسب "سونيا غوتّات" المسؤولة على حماية المستهلك (قسم الاتصال والإنترنت)، فإن مسألة تخصيص مصلحة خاصة باللاجئين كانت ضرورية خصوصاً بعد ارتفاع عدد اللاجئين الذين طلبوا استشارات ومساعدات من المركز سنة 2015.
حيث تم إحداث مصلحة خاصة باللاجئين سنة 2016، فمن المهم جداً قبل اللجوء إلى محامٍ أن يلجأ كل من لديه مشكلة تهم الاستهلاك أولاً إلى مركز حماية المستهلك، ليتلقى الإرشادات والمساعدة أيضاً، حيث أنه بمقدوره أن يتدخل بين المستهلك والعارض لحل المشكلة.
مركز حماية المستهلك يمكن أن يساهم في منح الكثير من الاستقرار عن طريق تقديم المساعدة القانونية أيضاً، من المهم جداً تسهيل الاندماج من خلال تقديم المعلومة، ومن المهم جداً لأي مستهلك كان أن يطرح أكثر من تساؤل قبل أن يلتزم بأي عقد وأن يفهم معنى ذلك.