تفاصيل مثيرة عن تناقضات الحلف الشيعي بسوريا ودور سليماني


نشر معهد واشنطن للدراسات، تقريرا “مثيرا” عن تناقضات الحلف الشيعي في سوريا، والعلاقة المتوترة بين أطرافه.

معهد واشنطن، في تقرير أعدّته الصحفية والباحثة اللبنانية، حنين غدار، تحدّث عن التحالفات السياسية والعسكرية “المعقدة” التي ستشهدها سوريا قريبا.

وأرجع المعهد سبب هذا التعقيد، إلى إعلام حزب الله الذي بات بشكل صريح، يسخر من الجيش السوري، ويحمّله أسباب خسارة المعارك.

تناقض آخر ذكره معهد واشنطن، تمثّل في بوادر خلافات بدأت بالظهور، بين حزب الله، والمسؤولين عنه في الحرس الثوري الإيراني.

وقال المعهد إن العلاقات بين الطرفين “أكثر إشكالية من أن تناقش علنا”، متابعا: “لا يزال حزب الله أكثر مليشيات إيران كفاءة، إلا أن بعض التقارير تشير إلى أنه قد يفقد مكانته المميزة لدى طهران، على الأقل من حيث كيفية التعامل مع قواته على أرض المعركة”.

التقرير أوضح أن حرب سوريا “كشفت نوايا إيران التوسعية الحقيقية، إلى جانب غطرسة فارسية في التعامل مع الشيعة العرب لم يألفها مقاتلو حزب الله”.

حنين غدّار، معدّة التقرير، التقت بقادة وعناصر في حزب الله، أجمع غالبيتهم على تحميل قائد “فيلق القدس”، الجنرال قاسم سليماني، مسؤولية تدهور العلاقات بين حزب الله، والحرس الثوري.

وبحسب ما ذكره جنود وقادة في حزب الله، لمعهد واشنطن، فإن “سليماني بدأ يتدخل في التفاصيل الإدارية لعمليات حزب الله العسكرية، إلى درجة لم يسبق لها مثيل”، وهو ما وتّر العلاقات بين الطرفين.

تناقض آخر في الحلف الشيعي بسوريا، ذكره تقرير المعهد، وهو العلاقة بين الشيعة الفرس، والشيعة العرب.

ونقلت حنين غدار عن أحد مقاتلي حزب الله، قوله: “لقد كان واضحا للكثيرين منّا أن سليماني يولي الأولوية لحماية الإيرانيين، وأنه قد يضحي بمقاتلي حزب الله، وجميع الشيعة غير الإيرانيين”.

كما نقل التقرير شكاوى عدد من عناصر حزب الله، ضد نظرائهم من الإيرانيين، والعراقيين الشيعة، تخلّوا عنهم في ساحة المعركة.

وبحسب عناصر من حزب الله، فإن بعض العناصر رفضوا القتال تحت إمرة الإيرانيين، وأضاف التقرير: “أحد المقاتلين على هذا الموضوع قائلا: أشعر أحيانا أنني أقاتل إلى جانب غرباء لن يكترثوا إذا متّ…علينا أن نسأل أنفسنا لم تعذّر علينا تحقيق أي هدف في سوريا، على الرغم من أننا نمتلك أسلحة متطورة، في حين تمكن من سبقنا من مقاتلي حزب الله من تحقيق الكثير باستعمالهم كمية أكبر من الأسلحة التقليدية. نحن نقاتل في المكان الخاطىء”.

إلا أن معهد “واشنطن”، أوضح بأن سليماني لم يكن متسامحا بتاتا مع حزب الله، وقطع الرواتب عن عناصره ثلاثة شهور، بعد توقف الحزب عن إرسال الجنود إلى حلب.

وبحسب التقرير، فإن حزب الله رضخ لمطالب سليماني، إلا أن غالبية عناصره يكرهونه، “وأصبح العديد من المقاتلين المخضرمين يعتقدون أن مفهوم وحدة الهوية الشيعية هو خيال”.

قضية أخرى ركز عليها التقرير، وهي الأسباب الحقيقية لقتال حزب الله في سوريا، قائلا إن “العديد من المقاتلين معظم معاركهم كانت تستهدف دعم نظام الأسد، وليس محاربة تنظيم الدولة الإسلامية”.

وتابع التقرير: “يعتقد الكثير من المقاتلين أنهم يدفعون جميع التكاليف، بينما يجني الإيرانيون الثمار؛ونتيجة لذلك، تنسحب أعداد كبيرة من المقاتلين المخضرمين من صفوف حزب الله، مما يفسح المجال أمام انضمام مجموعة جديدة ومختلفة من المقاتلين الشباب”.

وقال التقرير إن المنضمين الجدد إلى الحزب، لا يهمهم سوى اتباع الأوامر الإيرانية، من أجل الحصول على الراتب.

كما تحدث التقرير عن عدم جهوزية عناصر حزب الله الجدد، قائلا إن فترة تدريبهم لا تتجاوز شهرين، قبل أن يزج بهم في المعارك.


التداعيات في لبنان

تنعكس التغييرات في القوة القتالية لـ «حزب الله» بشكل خطير على المجتمع الشيعي في الوطن الأم. ونظرا لعدم شعبية هذه الحرب بصورة عامة وآثارها الاقتصادية الحادة، فقد أصبح اللبنانيون الشيعة أكثر عزلة. وهم يواجهون صعوبة أيضا في التعامل مع المقاتلين العائدين إلى الوطن، الذين غالبا ما يكون لهم أثر سلبي على بلداتهم، إما عبر سلوكهم العنيف، أو محاولتهم فرض أنماط الحياة المحلية، أو عبر إثارة الفوضى بشكل عام. وتُظهر الإحصاءات الحكومية معدلات مرتفعة جدا من تعاطي المخدرات وارتكاب الجرائم الصغيرة والبطالة أكثر من أي وقت مضى، وخاصة في معقل «حزب الله» في الضاحية الجنوبية من بيروت (“الضاحية”)، حتى إن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو غياب تدابير جدية لمواجهة هذه المشاكل الاجتماعية. ولا يسمح للسلطات اللبنانية بعمل أي شيء في “الضاحية” دون تعاون «حزب الله»، إلا أنه يبدو أن «الحزب» لم يبذل جهدا كبيرا لمعالجة هذه المشاكل. وباختصار، ففي حين أن العديد من الشيعة مازالوا يعتبرون أن «حزب الله» هو ملجؤهم وراعيهم الوحيد، إلا أنهم لم يلتمسوا هذه الرعاية والحماية منذ وقت ليس بالقليل.

ولفت التقرير إلى أن حزب الله “لن يتمكن من تحمل هذه الضربات التي تشوه سمعته لوقت طويل، إلا أنه يبدو أن إيران وسليماني غير منزعجين من الوضع الراهن، بل يعتبران أن هذه المشكلة تخص حزب الله دون غيره”.

وقال الموقع “إن اختلاف طهران وحزب الله في الأولويات والأساليب أحيانا، لم يعد بالأمر المفاجئ؛ فمن بين الحالات السابقة الأخرى، كان القادة الإيرانيون أقل من أن يكونوا متحمسين لقرار حزب الله بشن حرب مع إسرائيل في عام 2006”.

معهد واشنطن، كشف أن مقاتلي حزب الله، ليسوا الوحيدين الذي غضبوا من “الغطرسة الإيرانية”، متابعا بأن “المقاتلين العراقيين المعتقلين الذين استجوبتهم السلطات الأمريكية، انتقدوا مدربيهم ومستشاريهم الإيرانيين المتغطرسين. إلا أن حلفاء إيران العراقيين يواصلون القتال في سوريا حتى في ظل ازدياد انسحاب مقاتلي «حزب الله» المتمرسين من المعركة، لذلك لا يجب التقليل من شأن التوترات الحالية”.

وبعد حديث عن التغير في خطاب حزب الله، والتحول من محاربة إسرائيل، إلى محاربة السنّة، قال التقرير إن الحزب فقد بعضا من “القدسية” التي كان يحظى بها في لبنان، فلم يعد العديد من الشيعة الذين يبحثون عن هوية وخطاب مغاير أو عن طريقة عيش مختلفة يعتبرون “الحزب” مجديا.

وختم التقرير بالحديث عن احتمالية تضحية يقدمها حزب الله، مقابل إعادة كسب الدعم الشعبي، مضيفا: “بالتالي فستتحقق مصالح الولايات المتحدة بشكل أفضل، إذا تضمنت خطواتها المستقبلية ضد “حزب الله” خطة للاستفادة من الانشقاقات والتناقضات داخل المجتمع الشيعي، “وإلا فسيلجأ حزب الله من دون شك إلى استخدام أي مواجهة لكي يعيد الشيعة إلى قاعدتهم الطائفية”.



صدى الشام