تسلط الميليشيات ومضايقاتها تدفع أبناء حمص للهروب إلى الريف (المحرر)
5 آذار (مارس)، 2017
طارق الضحيك: المصدر
لا يُستغرب بعد هذه السنوات العجاف من المواجهة المباشرة مع قوات النظام أن تجتمع كلمتا الهروب والأمن على هذا الشكل من السياق، خاصة بعد التكشف الواضح جهاراً نهاراً للفظائع التي كانت تُرتكب في جمهورية الصمت.
كما لا يُستغرب أيضا أن تقلب الآية التي استمرت لعدة سنوات فائتة، فتتحول عملية النزوح من مناطق الثورة إلى مناطق النظام بسبب العمليات العسكرية والمعارك، إلى عملية نزوح معاكس من مناطق النظام إلى مناطق الثوار، بسبب الملاحقات الأمنية والمضايقات التي تقوم بها الميليشيات التابعة للنظام كأفرع الأمن وغيرها كلواء الرضا ولواء العباس، وهذا ما يحدث حالياً في مدينة حمص.
تركت عشرات العائلات منازلها داخل مدينة حمص في الفترة الأخيرة وتوجهت نحو ريف حمص الشمالي معقل الثوار في المنطقة الوسطى، فقد تصاعدت المضايقات الأمنية بشكل غير مسبوق، وزادت وتيرتها عن المعتاد، وبدأت تخرج عن نطاق المحتمل، فعدا عن الأفرع الأمنية غير المسؤولة، أصبحت هناك عصابات شاردة مرخصة بقوانين “الأسد” تعيث فساداً وتتدخل بشؤون الناس.
ويأتي النزوح المستمر نحو المناطق التي يسيطر عليها النظام هرباً من القصف وطلباً للعمل، بحسب عدنان الشاب الثلاثيني الذي يعمل كممرض، والذي أضاف في حديث لـ “المصدر”: “رحلت إلى المنطقة الصناعية في حمص بعد أن قمت بعمل تسوية، ولكنني لم أستطع البقاء سوى لأشهر قليلة. نعم هناك عمل وكميات كبيرة من المواد الإغاثية التي توزع، ولا يوجد قصف، لكنني لم أجد الأمان، لقد عدت إلى ريف حمص الشمالي بعد أن استرضيت المحكمة بسبب التسوية”.
وتعود الملاحقات الأمنية ومضايقات العصابات المنتشرة في مناطق النظام لعدة أسباب، منها ابتزاز الناس لدفع أتاوات أو السيطرة على بعض المنازل، كما تستند إلى عدة ذرائع، منها التجنيد للخدمة الاحتياطية العسكرية، ومنها بتهمة الإرهاب.
“أبو سليم”، أحد سكان قرية السبيل في ريف حمص الشمالي، قال لـ “المصدر”: “ولداي شابان يعيشان مع عائلتهما في مدينة حمص منذ مدة طويلة ويعملان كموظفين، لقد عادوا للعيش معي هنا بعد أن تعرضوا لمضايقات وتهديدات عديدة من قبل الأفرع الأمنية والحواجز المنتشرة في كل مكان من المدينة، لقد طلبوا أحدهم للخدمة الاحتياطية واستطاع النجاة بأعجوبة”.
وبدوره، “عبد العزيز”، (39 عاما)، أيضاً خرج من حمص إلى ريفها الشمالي، وقال لـ “المصدر”: “قبض علي أحد حواجز فرع الأمن العسكري في طريقي إلى وظيفتي، وسجنت لمدة 5 أشهر بتهمة دعم عصابات مسلحة، رغم كوني مررت على نفس الحاجز مئات المرات سابقا. وأفرج عني، ومنذ ذلك الحين قررت الهروب دون عودة، ولم أجد خياراً ممكناً غير ريف حمص”.
ويذكر أن الوافدين نحو المناطق المحررة لا يجدون أي صعوبات، حيث يلاقون معاملة حسنة من الناس ومن قبل التشكيلات العسكرية والمنظمات الإغاثية، رغم نظرة البعض الذين يعتبرونهم هاربين من قبضة نظامٍ كانوا يقدمون له الدعم.
[sociallocker] المصدر[/sociallocker]