المعابر السّورية السّورية… مصلحة مشتركة بين الثوار ونظام بشار الأسد


عبد الرزاق الصّبيح: كلّنا شركاء

بعد أن فرّقهم السّلاح جمعتهم المصلحة، أبناء البلد الواحد في سوريا أصبحوا غرباء في دولتهم، بعد أن أصبحت أشبه بالدويلات، جراء الحرب التي عصفت بالبلاد قبل سنوات، وأشعلها بشار الأسد وجنوده رداً على ثورة شعبٍ أرادت إزاحته عن كرسيه.

مع بداية العام 2015، شهدت سوريا حركة تجارية في مناطق التّماس، بين المناطق التي خرجت عن سيطرة نظام بشار الأسد والمناطق الموالية له، وانتشرت فيها حواجز، لتغدو أشبه ما تكون بمعابر حدودية بين مناطق سورية.

وتضم حواجز نظام بشار الأسد عناصر من جيش النّظام وعناصر أمن ومخابرات، وأحياناً شبّيحة من المتطوّعين المدنيّين. فيما تضم حواجز الثّوار في المقابل، أكثر من فصيل مسلّح في غالب الأحيان، وتقصر المسافة بينهما في كثير من الأحيان وصولاً إلى بضعة مئاتٍ من الأمتار، تشكّل فيها المصلحة المشتركة رادعاً دون مواجهاتٍ بين الطرفين.

وتعتبر منطقة قلعة المضيق في الرّيف الشمالي الغربي لحماة، أحد أهم هذه المعابر في سوريا، والتي تدخل وتخرج منها البضائع والمواد، بين مناطق موالية للنظام في حماة، ومناطق خرجت عن سيطرته في ريف حماة الشمالي والغربي وكذلك في محافظة إدلب.

جنوب شرقي إدلب أيضاً، هناك معبر قرية أبو دالي، والذي يقع تحت سيطرة عشائر موالية للنظام، واصلاً محافظة حماة مع محافظة إدلب، ومنه يمر الطريق الدّولي والذي يصل إدلب وحماة وحمص وحلب ودمشق، وهو أيضاً منفذٌ للكثير من البضائع والمواد.

معبرٌ سوريٌّ سوريٌّ أيضاً ظهر في الشمال، ليكون حلقة وصلٍ إلى منطقة عفرين شمال شرق إدلب، ويربط مناطق الثّوار في شمال سوريا، ومناطق سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (ب ي د) ومنها إلى مناطق موالية لنظام بشار الأسد في ريف حلب الشمالي الغربي ومنها إلى مدينة حلب، والتي تقع تحت سيطرة النظام.

وأخذت هذه المناطق شكل معابر، بين مناطق سورية سوريّة، حيث أصبحت المنطقة القريبة منها مناطق تبادل تجاري، للبضائع والمواد الغذائية والمحروقات، وقطع التبديل والغيار، وكذلك لمحاصيل زراعية استراتيجية، ومنطقة تبادل أسرى، وكذلك مناطق لاستقبال المهجّرين، ومناطق لدخول وخروج الموظّفين والمدنيين من المنطقتين.

باتجاه مناطق النظام تتحرك عبر هذه المناطق قوافل المحاصيل زراعيّة كالقمح والشّعير والبطاطا، وأيضاً الفروج والبيض والأغنام والأبقار، وكثير من المواد الغذائيّة والتموينية والمعلّبات، التي تدخل عن طريق تركيا، من المناطق التي خرجت عن سيطرته عن طريق التجّار، بينما تتحرك في الاتجاه المعاكس قطع غيار السّيارات، والسّكر والقهوة والشاي، وبعض أنواع المحروقات، وكذلك بعض الأدوية التي لا تتوافر في مناطق المعارضة.
ويجد نظام بشار الأسد في هذه المعابر مخرجاً لمنتجات زراعية، من حمضيات وخضراوات، وهي مكان مناسب لضخّ عملته الورقيّة، وتدخل بدلاً عنها أنواع عديدة من القطع الأجنبي والدّولار، بينما يرى خبراء اقتصاديون أن هذه المعابر تعود بفائدة على حكومة النظام تفوق بأضعاف ما تعود به على الثّوار.

وعدا عن الشراء بالليرة السورية، يتم فرض أتاوات على البضائع والمواد التي تدخل وتخرج من مناطق النّظام والمعارضة، من قبل حواجز عسكرية للنظام، وباتت هذه الحواجز مصدر ثروةٍ للعناصر الذين يقفون عليها ولقادتهم، بينما تفرض حواجز الثّوار رسوماً، على مواد تدخل وتخرج إلى مناطقها، ويتم اقتسامها بين فصائل تسيطر على المعبر.

ويمكن أن تجد فروقات كبيرة في الأسعار بين المناطق الموالية للنظام وبين المناطق المعارضة له، ويرتفع وينخفض سعر المواد حسب فتح المعابر وإغلاقها والتي غالباً ما ترتبط بأعمال عسكرية في مناطق قريبة.

(أبو أحمد) تاجرٌ في منطقة قريبة من معبر أبو دالي في محافظة ادلب، وقال لـ “المصدر”: لقد تمكّنت من إدخال سيارة بيض إلى مناطق النظام، وقد كلفني إدخال السيارة ( مليون ومئتي ألف ليرة سورية)، وبعد وصولها إلى السوق في مناطق النظام، استطعت تحقيق ربح صافي فيها ستة ملايين ليرة سوريّة.

تغيب فيها تأشيرة الخروج والدّخول، وتغيب فيها الفيزا والأسلاك الشّائكة ودوريات المراقبة والجمارك، وكثير من البروتوكولات المعمول بها بين الدول، و لكنّه الواقع الذي فرض نفسه، حيث أصبحت الحواجز معابر واقعاً لا يتمنّاه معظم السّوريين ولا يريدون أن يطول ويتحول إلى حدودٍ حقيقية ترسمها لهم السياسة الدولية، والتي تقول ولا يملكون إلّا التّنفيذ، في المنطقتين الموالية لنظام بشار الأسد والمعارضة له.





المصدر