“تهريب البشر” نحو أوروبا.. تجارة تنتعش وتبدأ موسماً جديداً


بعد مضي عام على توقيع اتفاقية الهجرة بين تركيا ودول الاتحاد الأوربي الهادفة لمكافحة الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط، بات الاتفاق مهدداً بالفشل مع إعلان اليونان عودة تدفق المهاجرين إلى أراضيها بشكل كثيف الشهر الحالي بالمقارنة مع الأشهر السابقة، واتهام تركيا في الوقت ذاته لنظرائها الأوربيين بعدم الالتزام بالبنود، وتهديدها الدائم بفتح الباب على مصراعيه للراغبين بالوصول إلى أوربا من المهاجرين.

وفيما عزت دوائر في خفر السواحل اليونانية ارتفاع أعداد المهاجرين حالياً إلى تحسن الظروف الجوية في بحر إيجة، بقيت تصريحات عدد من السياسين الأتراك خلال الآونة الأخيرة محلّ قلق أوروبي.

 

تهريب

وصل العديد من المهاجرين من جنسيات مختلفة لاسيما العراقية والسورية إلى سواحل اليونان خلال الأيام الأخيرة، وكان لافتاً عودة الإعلانات عن هذه الرحلات عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال أرقام وضعت خصيصاً لهذا الغرض.

ووفق “ناصر” الذي يعمل في مدينة أنطاكيا التركية على “تهريب” مهاجرين مقابل مبالغ معينة، فإنه يجري نقل هؤلاء على دفعات إلى مدينة إزمير التركية حيث يتنقل هؤلاء بين السماسرة حتى الوصول إلى المهرب الأساسي والذي لا يظهر أبدأ بل يعمل في الخفاء.

وبحسب ناصر، الذي اشترط عدم ذكراسمه الكامل لأسباب أمنية، فإن “شبكات التهريب هذه تسيطر على جميع الرحلات، ويجري الاتفاق بينها بحيث تعود المبالغ إلى عدد محدود من الأشخاص”.

وحول أسباب عودة الهجرة خلال الشهر الحالي ومدى صعوبة الوصول أوضح الشاب العشريني أن “عدد الرحلات ما زال قليلاً نظراً لإغلاق اليونان حدودها مع الدول الأوربية، لكن ورغم التشديد الأمني تنجح بعض الرحلات بالوصول حيث يغيّر المهربون الطرق التي يستخدمونها باستمرار”.

وتوقع ناصر أن تتضاعف أعداد الواصلين إلى اليونان خلال الشهرين المقبلين نظراً لعوامل الطقس من جهة، وبسبب الإقبال الكبير على أوروبا لا سيما من النازحين العراقيين الفارين من الحرب والذين باتوا اليوم يشكلون الرقم الأكبر وفق تأكيده.

وحول وجود أدلة على تراخي أمني من قبل الحكومة التركية في تعقب المهاجرين نفى ناصر هذه الأنباء مشيراً إلى أن العديد من هذه الرحلات تم اعتراضها من قبل خفر السواحل وأعيد جميع المهاجرين بعدها إلى دولهم.

تتحضر دول البقان حالياً لمواجهة موجات نزوح مكثفة وفق ما أعلنه الناطق باسم الحكومة المجرية “زولتان كوفاش” والذي أكد أن سلطات بلده التي بدأت ببناء جدار حديدي “تستعد لمواجهة اللاجئين الذين ما زالوا على طريق البلقان”، ويقدر عددهم وفق المسؤول المجري “بثمانين ألفاً”، وبناءً على توقعات ألمانية فإن “حوالي ستة ملايين لاجئ ينتظرون حتى يدخلوا إلى الاتحاد الأوروبي”.

وكان الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” هدّد نهاية الشهر الماضي الاتحاد الأوربي بفتح الحدود أمام جميع المهاجرين إلى أوربا.

وتعتبر اليونان محطة لآلاف المهاجرين الساعين للوصول إلى دول أوربا الغربية مثل ألمانيا، والسويد، وهولندا، وبريطانيا، ويتواجد حالياً على الأراضي اليونانية ما يقارب 14 ألف لاجئ، ينتظرون فحص طلبات لجوئهم حتى يتمكنوا بعد ذلك من مواصلة سفرهم في أوروبا.

 

 

إيطاليا الوجهة الأفضل

وبسبب إغلاق دول أوربا الشرقية لحدودها البرية مع اليونان، برزت خلال الآونة الأخيرة رحلات بحرية إلى إيطاليا عبر سفن شحن قديمة بعضها أشبه بمراكب صيد.

وتواجه هذه الرحلات مخاطر كبيرة بسبب العدد الكبير الذي تحمله من النازحين من جهة، ونظراً لرداءة هذه السفن وعدم قدرتها على القيام بهذه الرحلات، وخلال الشهر الحالي أعلن خفر السواحل اليوناني إنقاذ أكثر من 100 مهاجر من سفينة الشحن “جاجلياردا” التي ترفع علم جزيرة مالطا.

وتعتبر تركيا إحدى نقاط انطلاق هذه السفن التي تقطع المتوسط وصولاً إلى إيطاليا، وخلال السنوات الأخيرة خرجت العشرات من هذه السفن من موانئ تركية متعددة مثل مرسين وأنطاليا، إلا أن تشديد الرقابة الأمنية في العام الماضي أدى لتوقف نشاط هذه الرحلات واتجاهها نحو اليونان.

وفي هذا السياق أكد “وائل الدالي” وهو أحد السوريين المقيمين في مدينة مرسين التركية أنّ هذه الرحلات انعدمت منذ منتصف كانون الأول 2015 بعدما لقيت رواجاً كبيراً، ولم يستبعد الدالي الذي تحدث لـ صدى الشام “أن تخرج بين الفينة والأخرى رحلات تهريب جديدة باتجاه إيطاليا لأن معظم المهاجرين حالياً يفضلون الوصول إليها”.

وتعتبر هذه الرحلات الأكثر كلفة للنازحين (بين 5000 إلى 7000$) وتكتنفها مصاعب كبيرة نظراً للعدد الكبير من السفن التي تغرق في المياه في طريق وصولها الطويل إلى السواحل الإيطالية، وبعضها يستمر بالإبحار لأكثر من 7 أيام في عرض البحر.

وبجسب وزارة الداخلية الإيطالية بلغ عدد المهاجرين الذين نقلوا من البحر إلى إيطاليا منذ بداية العام الجاري 14319 مهاجراً.

 

قبرص ملاذٌ جديد

أكدت صحيفة “قبرص ميل” القبرصية مؤخراً وصول عشرات اللاجئين معظمهم سوريون إلى الجزيرة إما عن طريق قوارب بحرية من تركيا، أو من خلال شاحنات انتقلت بين شطري قبرص اليونانية والتركية.

وتعتبر قبرص اليونانية واحدة من الدول التي يفضلها اللاجئون السوريون نظراً لوجود فرص عمل جيدة، وبسبب تجارب بعضهم السابقة في العمل في هذا البلد.

وحول طرق الوصول إلى الجزيرة قال خالد، وهو سوري يقيم في الجزيرة منذ عامين، إنه استطاع إحضار عدد من أصدقائه إلى نيقوسيا (عاصمة قبرص) عبر تركيا وذلك عبر مهربين نقلوهم عبر قبرص التركية ثم إلى هنا، وتصل التكلفة الحالية للوصول إلى الجزيرة، التي يتبع الشطر الشمالي منها تركيا، إلى 1500 دولار، لكنها رحلة محفوفة بالمخاطر وفق تأكيده.

يذكر أن وكالة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي قالت في وقت سابق إن عدد المهاجرين الذين وصلوا البر الأوروبي في عام 2016 انخفض بمعدل الثلثين مقارنة بعام 2015، والفضل في ذلك يعود إلى الاتفاق المبرم مع تركيا، حسب الوكالة.



صدى الشام