واشنطن بوست: دلائل كبيرة أمام الولايات المتحدة تثبت الدعم الإيراني للمعارضة الشيعية في البحرين


وفق ما يعتقد المحققون البحرينيين فإن الرجال الذين كانوا وراء مصنع المتفجرات السري كانوا أذكياء بدرجة تثير الشك على نحو مشبوه. فالمعمل الذي اكتشف في إحدى مناطق الضواحي يقع تحت فيلا أرضية ولا يحتوي سوى مدخل واحد وراز خزانة مطبخ ولا تظهر له أي آُثار على سطح الأرض.

لكن المفاجآت الحقيقية تكمن في الداخل، ففي إحدى الغرف، عثرت الشرطة على 20 ألف مخرطة ومكبس هيدروليكي لصنع قذائف خارقة للدروع قادرة على النفاذ من خلال الدبابات. وفي مربع آخر وجد على صندوق متفجرات عسكرية C-4، ويمكن القول أن هذه المواد قدمت من مصدر أجنبي وتكفي لإغراق سفينة حربية بأكملها.

وكان المحققون البحرينيين قد قدموا تقريراً تقنياً سرياً إلى مسؤولين أمريكيين وأوروبيين في الخريف الماضي حيث عرضوا فيه تفاصيل جديدة عن الترسانات العسكرية التي تم الاستيلاء عليها في الفيلا، وأشاروا إلى عدم وجود مثل هذه المواد في أي وقت سابق في على الأقل خلال السنوات الثلاثة الماضية. وهو ما يعاكس تقرير الشرطة البحرينية حينها والذي تحدث عن الاستيلاء على كميات قليلة من الأسلحة الخفيفة.

ويوضح التقرير، الذي عرضت واشنطن بوست نسخة منه، القلق المتزايد الذي ينتشر بين أفراد وضباط المخابرات الغربية بخصوص البحرين، حليف أمريكا في العربي موطن الأسطول الخامس الأمريكي.

وبعد ستة أعوام على حركة احتجاج شعبية سلمية ضد الحكومة السنية في البلاد، يرى المحللون الأمريكيون والأوروبيون الآن التهديد متزايداً على هامش الانتفاضة من خلال الخلايا المدججة بالسلاح والتمويل.

وظلت علامات تصاعد التوتر تزداد منذ سنوات، حيث تم توقيف ملثمين كانوا يقومون بزراعة قنابل على جوانب الطرق وضبطت أسلحة ومتفجرات في البلاد في مختلف المناطق. وكلن حتى وقت قريب، لم يقدم أي من المسؤولين الأوروبيين على اتهام إيران بالتورط المباشر في تلك الاضطرابات مستشهدين بعدو وجود أدلة حاسمة او موثوقة فضلاً عن المخاوف من زيادة التوترات الطائفية في البحرين التي تعيش بها أغلبية شيعية ويحكمها أقلية سنية.

والآن يبدو ان التردد الغربي بدأ بالتلاشي، فعلى الرغم من مشاكل المصداقية التي أثارها سجل البحرين في مجال حقوق الإنسان إلا أن وكالات الاستخبارات الغربية تشهد جرأة جديدة من قبل إيران في المتمردين المسلحين في البحرين وفقاً لمحللين متعددين من الولايات المتحدة وأوروبا.

وتصف الوثائق والمقابلات التي أجريت مع مسؤولي الاستخبارات الحاليين والسابقين أن هناك برنامجاً تدريبياً متقدماً نظمه فيلق الحرس الثوري الإيراني في طهران لتدريب البحرينيين على تقنيات التفجير المتقدمة وحرب العصابات. وقد اكتشفت البحرين على مدى السنوات الثلاثة الماضية مجموعة واسعة من الاسلحة المتطورة على نحو متزايد – والكثير منها يرتبط بمصدره إيران- بما في ذلك قنابل إيرانية وامريكية وأوروبية الصنع. ويبدو أن هذه الجهود تعكس عمليات مماثلة لبناء شبكة من الجماعات المسلحة الموالية لطهران في مناطق أخرى من الشرق الأوسط بما في ذلك اليمن والعراق وسوريا.

ووفق أحد المسؤولين الضالعين في المخابرات الأمريكية أن الوضع الحالي يظهر المزيد من الدلائل على جهود إيران الرامية إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، مشيراً إلى مبالغة البحرين بعض الأحيان في التعامل مع الأحداث لكن الأمر حقيقي بشكل واضح وصريح.

وقد دفعت هذه الأدلة المتزايدة الحكومات الأمريكية والأوروبية إلى اتخاذ خطوات معينة تستهدف قادة بعض الجماعات الشيعية البحرينية المزعومة.

ففي 16 مارس آذار أمرت السلطات الألمانية بإلقاء القبض على رجل بحريني – وهو طالب شيعي يبلغ من العمر 27 عاماً يقيم في برلين- بموجب أوامر دولية تتهمه بنشاط إرهابي مع كتائب الأشتار، وهي جماعة شيعية بحرينية مقاتلة تبنت مجموعة من الهجمات الدامية ضد ضباط شرطة بحرينيين.

وفي 17 مارس آذار، قامت وزارة الخارجية الأمريكية بوضع اللمسات الأخيرة على مبادرة بدأت خلال الأشهر الأخيرة من إدارة أوباما، وتقضي المبادرة بفرض عقوبات على زعماء المجموعة البحرينية نفسها، حيث تم وصفهم رسمياً “بالإرهابيين العالميين” واتهم الإعلان الرسمي على وجه التحديد بدعم المجموعة كجزء من “أنشطتها المزعزعة للاستقرار والداعمة للإرهاب في المنطقة”.

وفي يوم الأربعاء الماضي، تحركت إدارة ترامب لرفع التجميد عن بيع طائرات مقاتلة من طراز F-16، وهو عكس القرار الذي كانت إدارة أوباما قد اتخذته العام الماضي احتجاجاً على حظر البحرين لحزب الوفاق – الحزب الشيعي المعارض الرئيسي في البلاد.

وفي البيان الذي صدر الشهر الماضي، وردت إشارات إلى أن إيران أقدمت على مساعدة وتمويل وتدريب المسلحين البحرينيين. وفي إشارة إلى المنشآت البحرية الامريكية التي تقع على مشارف العاصمة البحرينية المنام، أشار التقرير إلى أن “الإرهابيين العالميين” متخصصون في قتال الافراد والمجموعات التي تهدد “الأمن القومي والسياسة الخارجية والاقتصاد في الولايات المتحدة”.

وفي سعيها لإثبات التورط الايراني في دعم المعارضة وتبرير قمعها للاحتجاجات الشيعية في البحرين، أبدى المسؤولون البحرينيون استعدادهم لتبادل الأدلة والبحث حول تحليل علمي خارجي لإقناع الحكومات الغربية بخطورة المشكلة التي تواجهها البلاد. وأدى هذا الجهد إلى إجراء تقييم سري قدمته وكالات استخباراتية عديدة أواخر العام الماضي. ووفق مسؤولين في المخابرات الأمريكية فإن هذه الأدلة تؤكد بشكل واسع ادعاءات البحرين بتورط إيران في العديد من الهجمات الأخيرة وكذلك تسليح الجماعات المتشددة.

ويتضمن الملف الذي نشرته صحيفة “بوست” تقارير تقنية واسعة النطاق تقيم جيلاً كاملاً من الاسلحة التي تم الاستيلاء عليها من المقاتلين البحرينيين منذ العام 2013، بما في ذلك الأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية والذخائر التي تحمل علامات إيرانية متميزة فضلاً عن الالكترونيات الإيرانية الصنع الموجودة داخل الأجهزة المتفجرة المرتجلة. ويذكر التقرير ان هناك كميات متفجرة بما في ذلك 418 كيلو من طراز C-4 وهي كمية توازي الكمية التي تم استخدامها في التفجير الذي استهدف المدمرة الامريكية يو اس اس كول عام 2000 وتمكنت من صناعة فجوة بطول 40 قدم.

وأظهرت الاختبارات الكيميائية ايضاً ان جميع المواد المتفجرة جاءت عبر خطوط تصنيع مرتبطة بايران عدا عن وجود عدد من العبوات العسكرية الإيرانية الأصلية.

لكن التقرير البحريني يبدي قلقاً أكبر نحو اكتشاف مكابس هيدروليكية مكلفة ومخارط معدنية في مصنع المتفجرات تحت الأرض. فقد تم تهريب معدات صينية وايطالية الصنع تقدر تكلفتها ب35 ألف دولار تستخدم لصناعة القذائف المتفجرة والتي تستطيع اختراق الدروع العسكرية. ووفق التحليل فإن القنابل غير مكتملة التصنيع التي تم مصادرتها من المخزن تشبه كثيراً القنابل التي يستخدماه المتمردون الشيعة المدعومين من إيران لمهاجمة القوات الامريكية في العراق.

وأشار التقرير أيضاً إلى أن وجود مثل هذه الأجهزة يثير الكثير من الريبة. فهذه القوة تتجاوز بكثير ما هو مطلوب لتفجير طرادات الشرطة العادية ووسائل النقل غير المدرعة التي تستخدمها الدوريات البحرينية. ويتمثل أحد الاستخدامات المعقولة لهذه القذائف في استهداف الدبابات وحاملات الجنود التي ترسلها بلدان الخليج المجاورة في حالة نشوف نزاع في المستقبل. ووفق التقرير فربما قد تستهدف هذه القذائف التواجد الأمريكي في البحرين بشكل أو بآخر.

من جهتها، تواجه البحرين انتقاداً دولياً شديداً بسبب قمعها للمعارضة السياسية. فقد أصدرت منظمات حقوق الانسان ومحققو الامم المتحدة تقارير في العام الماضي تتهم فيها البحرين بمضايقة وسجن المتظاهرين السلميين بشكل ممنهج بالإضافة إلى تعذيب وقتل بعض المعتقلين.

وفي معرض ردها على ذلك، أشارت الحكومة البحرينية إلى الجهود الجارية لأحداث إصلاحات سياسية بما في ذلك تعيين أمين مستقل للمظالم متخصص باستقبال شكاوى سوء المعاملة التي قدمتها جماعات المعارضة الشيعية. وقال مسؤول بحريني رفيع المستوى:” نحن ملتزمون بحقوق الانسان أكثر من أي دولة جارة لنا بدائرة قطرها ألف ميل، لكننا نعاقب على الانفتاح والتعامل مع مشاكلنا”.

في الوقت نفسه، ترفض ايران الاعتراف بدعم المقاتلين البحرينيين، لكنها تسمح لقادة المعارضة البحرينية بالعمل العلني في طهران، وأعربت عن تضامنها مع دعوات المعارضة لإنهاء الملكية السنية في البحرين. وفي آذار مارس 2016 قال قائد الحرس الثوري سعيد القاسمي أن البحرين هي محافظة إيرانية منفصلة عن إيران لظروف الاستعمار. وأضاف أن ايران امست قاعدة لدعم الثورة في البحرين.

هذه المادة مترجمة عن موقع واشنطن بوست للاطلاع على المادة الاصلية اضغط هنا




المصدر