إيجابيات دمج الطلاب السوريين في العملية التعليمة التركية


جيرون

تتضارب الآراء حول عملية الدمج التعليمي للطلاب السوريين في تركيا، بعد أن باشرت التربية التركية بتطبيق تلك العملية مطلع العام الدراسي الحالي؛ فبينما يقول بعض العاملين في السلك التعليمي إنها خطوة إيجابية، من شأنها أن تحسّن مستقبل الطلبة السوريين، وتتيح لهم متابعة تعليمهم العالي في الجامعات التركية، يرى آخرون من الأهالي والطلاب والمدرسين أنها عملية صعبة ومعقدة، وأن فرص نجاحها قليلة، لأنها تُفقد الطلاب السوريين ثقافتهم وهويتهم السورية، وتنسيهم لغتهم العربية.

في هذا المعنى قال المدرّس علي محمد لـ (جيرون) “تواجه عملية الدمج كثيرًا من العقبات، وهي بطيئة جدًا، ويعاني الطلاب السوريون المتفوقون من صعوبة تلقّي المواد بغير لغتهم، ما يؤخرهم ويؤدي إلى تراجعهم علميًا، أما بالنسبة إلى مراكز التعليم المؤقتة التي كُثف عدد ساعات تعلّم اللغة التركية فيها إلى 15 ساعة من أصل 30، فقد تكمن المعضلة في أن المدرسين الأتراك الذين استُقدموا، لتدريس الطلاب اللغة التركية، صغارٌ في السن ومتخرجون حديثًا؛ وهؤلاء غير قادرين على ضبط العملية التعليمية، ولا يمتلكون خبراتٍ تؤهلهم للتعامل مع الطلاب، فأحيانًا يدخل إلى الصف معلمان لضبط الطلاب، مع العلم أن التربية التركية أجرت، لهؤلاء الأساتذة اليافعين، دوراتٍ تدريبية في أسس وطرائق التعامل النفسي واللغوي مع الأطفال الذين شهدوا حربًا، وعلمتهم سُبل تعليم التركية لغير الناطقين بها، وعلى ما يبدو أنها لم تؤتِ أُكُلها، إذ كان من المفترض تعيينُ مدرّسين من ذوي الخبرة والقدرة، ليتمكنوا من القيام بهذه المهمة الصعبة، وليضمنوا إنجاحها وتسريعها”.

من جهة أخرى يخشى المعلمون السوريون الذين قُلصت أعمالهم، في أولى مراحل الدمج، من إمكانية الاستغناء عنهم، بعد إتمام العملية التي يُفترض أن تُنجز نهاية العام القادم، وهنا قال محمد: “لا شك في أن المعلمين السوريين تضرروا من عملية الدمج، إلا أن التربية التركية قدمت وعودًا بعدم الاستغناء عنهم عبر احتوائهم في مدارسها، ولكن تفاصيل عملية دمج المعلمين السوريين، في المدارس التركية وآلياتها، لا تزال مجهولة، لم يُصرّح بها بعد، وعلى الأغلب، أنها ستكون عن طريق الاستفادة منهم في تعليم اللغة العربية، إذ إن الطلاب السوريون سيكملون تعلمهم العربية، ولكن بعدد ساعات أقل”، ورأى أن “محاولة تضمين المعلمين السوريين في المدارس التركية إيجابية، وهي أفضل من بقائهم بلا عمل”، مؤكدًا أن “الأساتذة الصغار في السن، بإمكانهم تعلّم اللغة التركية والتدريس بها، إلا أن الأساتذة المتقدمين في السن يصعب عليهم تعلّم لغة جديدة، فمن الملائم الاستفادة منهم في تعليم العربية للمراحل المبتدئة، ولو لم تكن اللغة العربية اختصاصهم الرئيس”.

يُعرب كثيرٌ من الأساتذة السوريين عن ارتياحهم في التعامل مع أقرانهم الأتراك الذين أُشركوا في التعليم في المراكز المؤقتة أخيرًا، ويرون أن إتقان اللغة التركية أمرٌ سهلٌ، في ظل احتكاكهم اليومي معهم، بينما يتخوّف آخرون على اللغة العربية التي باتت من المنسيّات، بعد تقليص عدد الساعات المخصصة لها إلى ساعتين في الأسبوع، وبحسب محمد “يحاول المدرسون تلافي هذه المشكلة من خلال تكثيف إعطاء دروس اللغة العربية في الحصص الأخرى التي يغلب عليها الطابع الترفيهي”.

الجدير ذكره أن البلدية التركية أفردت دروسًا مرخصة، في الجوامع، لتعليم أساسيات اللغة العربية، وهو أمرٌ يمكن أن ييسرَ أزمة تعلّم العربية بالنسبة إلى الطلاب السوريين، ويعتقد تامر الحاضري، وهو معلم سوري، أن “على الأهالي متابعة تعليم أولادهم العربية من خلال إعطائهم دروسًا مخففة في المنازل، وإلا فإنها عرضة للاندثار”، مؤكدًا لـ (جيرون) “أن الطلاب الصغار في السن يتقنون التركية بسرعة خيالية، ويتفوقون في المدراس”.

وكانت التربية التركية، وفقًا لقرارات الدمج، قد أعادت توزيع نِصاب الحصص في المراكز السورية المؤقتة، حيث كان للّغة التركية النصيب الأكبر من تلك الحصص، 15 حصة أسبوعيًا لكل المراحل الدراسية، مع إلغاء مادتي التاريخ والجغرافية السوريتين، وسحب كتبهما من المراكز المؤقتة، كما انضم طلاب الفئة الأولى، من كل مرحلة دراسية، إلى المدراس التركية؛ وأدت هذه العملية إلى تسرّب جديد للطلاب السوريين من التعليم بسبب عدم انخراطهم مع أقرانهم الأتراك.




المصدر