المواليد السوريون في تركيا.. أعداد مرتفعة تنتظر قرارات وميزات


تشير التقديرات إلى أن أعداد المواليد السوريين في تركيا شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، وخصوصاً في مدن الجنوب، والمخيمات التي تستضيف اللاجئين.

وتأتي هذه الزيادة رغم الأوضاع الصعبة التي يعاني منها القسم الأكبر من اللاجئين السوريين في الأراضي التركية والبالغ عددهم نحو 3 ملايين لاجئ، لذا فهي تعطي مؤشرات إيجابية عن تحسن الحالة الاقتصادية والاجتماعية للسوريين الذين يعيشون هناك.

وتتأكد هذه الاستنتاجات بناءً على إحصاءات أعلنتها وزارة الصحة التركية، مطلع العام الجاري، أشارت فيها إلى أن عدد الولادات لدى اللاجئين السوريين منذ بدء توافدهم إلى الأراضي التركية بلغ 187568 طفلاً.

 

تفاوت

مع أن الوصول إلى إحصاءات تفيد بتوزع حالات الإنجاب لدى السوريين في كل مدينة تركية على حده ليس أمراً سهلاً، إلا أن الصحفي عبو الحسو، يجزم خلال حديثه لـ صدى الشام : أن مدن الجنوب التركي تشهد ارتفاعاً في أعداد الولادات عن المدن التركية البعيدة عن الأراضي السورية.

ويفسر الحسو اعتقاده بقوله “غالبية السوريين الذين قصدوا المدن التركية الكبيرة مثل اسطنبول وأنقرة، هم في سوية اقتصادية وعلمية أعلى من أقرانهم الذين فضلوا البقاء في المدن القريبة من الحدود السورية”، مشيراً إلى أنه “كلما ارتفعت السوية الاقتصادية والعلمية للأسرة قل عدد الأولاد والعكس”.

ويتفق الصحفي فراس الديب مع ما ذهب إليه الحسو، ويقول: “إن الشرائح الموجودة على سبيل المثال في مدينة غازي عينتاب مختلفة عن نظيراتها في مدينة اسطنبول”.

ويضيف في تصريحات لـ صدى الشام: “بالدرجة الأولى غالبية السوريين في الجنوب التركي هم من أبناء أرياف، وظاهرة كثرة الإنجاب معهودة لدى هذه الشريحة قبل اللجوء”، ويضيف “هم يواصلون هذه الحالة”.

 

 

الذروة في المخيمات

تبيّن تقديرات محلية أن نسبة المواليد ترتفع في مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا عن المدن التركية، وذلك لأسباب متعلقة غالباً بالاستقرار الاقتصادي النسبي الذي ينعم به اللاجئ، كالسكن المجاني و بعض الميزات الأخرى.

وفي هذا الإطار ذكر محمود الأسعد، معلم المدرسة في مخيم كليس، أن متوسط عدد أفراد العائلات السورية في المخيم المذكور يزيد عن 7 أفراد،  ورأى أنه “قياساً إلى أعداد اللاجئين السوريين في مدينة كليس، فإن النسبة مرتفعة”.

من جانبه يؤكد الصحفي عبو الحسو، نقلاً عن مصادر شبه رسمية تركية، أن المخيمات السورية، تشهد الذروة في أعداد الولادات السورية، معتبراً أن هذه الزيادة “طبيعية إلى حد ما”، كون غالبية سكان المخيمات هم من الشرائح السورية الأكثر تضرراً وفقراً، حسب تقديراته.

 

صمود من نوع آخر

يحاول الباحث السوري أحمد السعيد، الإحاطة بالأسباب التي تقف وراء زيادة نسبة المواليد لدى اللاجئين السوريين في تركيا،  فيقمسها إلى أسباب تقليدية شائعة لدى السوريين ما قبل الثورة، والتي تتعلق بزيادة الخصوبة لدى السوريين، وكذلك بأسباب دينية مرتبطة بحرمة تحديد النسل في الإسلام، وإلى الظروف الطارئة أيضاً.

هذه الظروف التي طرأت على حياة السوريين يشرحها السعيد قائلاً: “إن غالبية العائلات السورية تجرعت مرارة فقدان الأبناء، وخصوصاً في المناطق التي تركزت فيها أعمال القصف، في كل من حلب وإدلب”.

ويتابع، “لقد لجأت هذه العائلات إلى الأراضي التركية بحكم القرب الجغرافي، وبعدما وجدت الاستقرار، تحاول اليوم تعويض المتوفين من الأبناء عن طريق الإنجاب”.

ويضيف: “بالتالي لقد تحول الإنجاب إلى هاجس شأنه شأن عوامل الصمود الأخرى”، ويختم: “هذا ما يفسر زيادة أعداد الولادات، رغم الظروف الاقتصادية السيئة ربما”.

 

 سوريون قانونياً

المحامي السوري عروة سوسي، أوضح أن القانون التركي يتعامل مع هؤلاء الأطفال على أنهم أطفال سوريون قانونياً، ويُسقط بذلك كل الميزات الإضافية عن اللاجئين السوريين في تركيا.

وأشار سوسي لـ صدى الشام، إلى تجاهل القانون التركي لـ”الحق الإقليمي” الذي تتعامل به بعض البلدان، مثل الولايات المتحدة الأميركية، التي تمنح جنسيتها للمواليد على أراضيها.

وباستثناء إمكانية تسجيل المواليد الجدد لدى داوائر النفوس والمواطنة التركية، يؤكد سوسي أن أي قرار تركي يخصّ المواليد السوريين في الأراضي التركية، “لم يَصدر بعد”.

 

سوريون بالدم

يمنح القانون السوري، الجنسية السورية استناداً إلى حق الدم للمولود من أب سوري وأم سورية، دون النظر إلى مكان حدوث الولادة، لتتولى فيما بعد السفارات السورية مهمة إعلام دائرة السجل المدني بواقعة الولادة، لكن ماذا عن الولادات في تركيا، فيما السفارة السورية غير قائمة بكل أعمالها.

يجيب عضو المكتب التنفيذي في تجمع المحامين السوريين الأحرار، حسام السرحان، على ذلك بقوله: “في حال كانت العلاقات بين البدان طبيعية، والسفارات كانت تزاول عملها فإن الأمر يتم بطريقة سلسة، لكن في الحالة التركية السورية فإن الأمور معقدة جداً”.

ويتابع السرحان في حديثه لـ صدى الشام: “نكتفي حالياً بتسجيل المواليد في تركيا، إلى حين أن يتم معالجة هذا الأمر مستقبلاً”.

لكنه في الوقت ذاته يشدد على أنه: “لا خوف من هذه الناحية مطلقاً على الوضع القانوني للمواليد الجدد، طالما أن الولادة موثقة لدى السلطات التركية”.

 

التجنيس

وعما يُثار بين الفينة والأخرى من احتمال إقدام السلطات التركية على تجنيس المواليد السوريين على أراضيها، يرى الصحفي العامل لدى وسائل إعلام تركية، فراس الديب أن “هناك توجهاً تركياً لمنح المواليد السوريين والأطفال عموماً كل الحقوق التي يتمتع بها أقرانهم الأتراك، وصولاً إلى منحهم الجنسية التركية “.

وبحسب الصحفي، فإن نسبة الأطفال السوريين الذين يرتادون المدارس تخطت حاجز الـ80%، ويستطرد “نستطيع القول أن الحكومة التركية تولي اهتماما جيداً بالأطفال السوريين، بما في ذلك تقديم معونات للطفل منذ الولادة وحتى بلوغه 15 عاماً”.



صدى الشام