هروب


فوزات رزق

عندما عدت إلى البيت لاقتني أم رباح ملهوفة:

– ماذا حصل في المدينة؟ خبرني. قلت لها:

– هل وصلكِ الخبر؟ قالت:

– أخبرتني أم سمعان أن الوضع في المدينة مكركب. خير؟ ماذا حصل؟ قلت لها:

– الأسد.

ضربت أم رباح بكفها على صدرها:

– الأسد؟!. ماذا حصل له؟!. قلت لها:

– هرب الأفندي. ازداد انفعال أم رباح:

– ماذا؟!. كيف هرب؟!. ومتى؟ قابلت انفعالها بدهشة:

– لمَ كل هذا الانفعال واللهفة؟ نهض الحرّاس في الصباح فوجدوه قد هرب. والمدينة قائمة قاعدة. والشرطة تجوب الشوارع بحثًا عنه، ربما يستطيعون القبض عليه قبل أن يخرج من المدينة.

لا أدري لمَ هذه الحساسية المفاجئة بالنسبة لأم رباح؛ لم أتوقع أن خبرًا مثل هذا سيهزّ أعصابها، بهذا الشكل وإلى هذه الدرجة، حتى إنها أخذت تبكي. أبديت دهشتي من انفعالها، وقلت لها:

– أف… أف… أف. كأنك قد تلقيت خبر موت واحد من أولادك لا سمح الله. فقالت لي:

– أنا أعلم أنك كنت تنتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر. قلت لها:

– أنا؟!. لماذا؟ وماذا يهمني إن هرب الأسد أم لم يهرب؟

– تقول ماذا يهمك وقد تحقق لك ما أردت أنت ومن معك من المعارضة؟ مازلتم تحيكون المؤامرات وتخططون في الخفاء حتى أنجزتم ما كنتم تخططون له.

– نخطط كي يهرب الأسد؟!. لماذا؟ وما الذي يجعلنا نهتم بهروبه أو بقائه. وماذا يعنينا هذا الأمر. أليس لنا همّ غير هذا الهم؟

– لا تلعب بعقلي يا مسعود. كم مرة قلت لي: والله أشعر كأن هذا الأسد قاعد على قلبي.

– أنا قلت لك ذلك!؟ والله أصبحت أشك أنك لست في كامل عقلك، يا أم رباح.

– لا يا مسعود، أنا بكامل عقلي. وكنت تقول أيضًا: لا أدري لماذا حين أرى هذا المخلوق أستعيذ من الشيطان.

– والله يا أم رباح أكاد أجن. يا مستورة ألا تذكرين أننا عندما كنا في الحديقة ذلك اليوم قلت لك: تعالي، يا أم رباح، كي نرى الأسد ونروّح عن أنفسنا؛ فرفضت بحجة أنك تشعرين بالخوف والرعب حينما ترينه. وشددتك من يدك وأخذتك رغمًا عنك؟

– أنا أخاف من رؤيته؟ ألم نتشاجر مرارًا، حينما كنت أصرّ على مشاهدة المقابلات التي كانت تجريها معه كبريات وكالات الأنباء، وكنت أنت تقلب إلى العربية والجزيرة وتقول لي: أما شبعت علاكًا بعد؟

– متى حدث ذلك؟ ومتى كانت وكالات الأنباء تجري مقابلات مع الحيوانات.

– هه. ها أنت ثانية تعبّر عن حقدك على الرجل، وتضعه في قائمة الحيوانات.

– عن أي رجل تتكلمين؟

– وتتجاهل أيضًا؟

– الله يسامحك، يا أم رباح. أنا أحدثك عن الأسد الذي هرب من القفص في الحديقة، بعد أن نسي الحارس إغلاق باب القفص، وأنت تذهبين إلى بعيد.




المصدر