المالتوسية


حافظ قرقوط

أُطلقت هذه التسمية على النظرية التي ابتدعها الاقتصادي الإنكليزي توماس روبرت مالتوس، التي برّر من خلالها لكثيرٍ من الحروب والكوارث التي ارتكبها الإنسان بحق الإنسان.

عاش مالتوس ما بين عامي 1766 و1834، واستفاد في حياته من ثقافة والده وقراءاته، فقد كان والده قارئًا جيدًا ومتفائلًا بالحياة، ومتأثرًا بفلسفة وليام جودوين الذي يرى أن النظم الفاسدة التي تسيطر على المجتمعات هي سبب البؤس، وعارضه مالتوس ورأى أن الطبيعة لا تقدّم ما يكفي من الخيرات لكافة الناس مع الزيادة السكانية.

تقول نظرية مالتوس إن نمو السكان يتم بطريقة المتوالية الهندسية، أي أن كل عدد يكون ضعف سابقه (1 – 2 – 4 – 8….) بينما معدّل النمو في إنتاج الغذاء يتبع متوالية عددية، وهي (1 – 2 – 3 – 4 ….)، وعلى هذا فإن قلة الموارد وضعف أو انخفاض نسبة نموها، مع زيادة نمو السكان ستعطي مؤشرًا عكسيًا، أي ستبدأ الموارد بالتناقص.

يتلخص الحل في نظرية مالتوس التي قدمها عام 1798، باعتماد أسلوب المجاعات والحروب والأوبئة، وما إلى ذلك من كوارث، تقضي على نسبة كبيرة من السكان، وبذلك يتم الوصول إلى توازن بين الموارد الغذائية والسكان.

كما يمكن الاعتماد، بحسب النظرية، على أسلوب آخر، وهو الوقاية من زيادة السكان، وهذا يمكن من خلال تأجيل سن الزواج، واعتماد علاقات جنسية غير طبيعية، لا تؤدي إلى الإنجاب، أو استخدام موانع الحمل، أو منع الزواج نهائيًا.

ويرى مالتوس أن زيادة أجور العمال، ستقود إلى زواجهم المبكر، أي إلى زيادة معدل الإنجاب، وهذا سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الفقر، ولهذا يجب ألا تُرفع الأجور نهائيًا. وكانت هذه النظرية مهمة مع تقدم الثورة الصناعية وزيادة المعامل حينئذ مع تراكم رأس المال.

ويشير أيضًا إلى أن زيادة الضرائب العامة، بغية إنفاق المال ومساعدة العاطلين عن العمل؛ أمرٌ سيشجع على الكسل من جهة، ويُضاعف الإنجاب، فتزداد الحاجة للغذاء.

ساهمت رؤية مالتوس تلك، بخلق تبرير لكثيرٍ من الحروب والكوارث التي ارتكبها الإنسان بحق الإنسان، وحدثت عدة جرائم إبادة جماعية بحق أعراق عديدة حول العالم، بل إنها بررت النظرة العنصرية إلى شعوب بأكملها.

يرى بعض الباحثين أن الزيادة في عدد السكان التي بدأت تتوضح مع العقد الأول من القرن الحالي، أخذت تظهر تيارًا جديدًا، أعاد إلى الأذهان نظرية مالتوس، حيث يمكن إدارة الحروب والأزمات حول العالم، وغض النظر عن جرائم الإبادة الجماعية التي تنفذها بعض الدكتاتوريات، ثم تحميلها المسؤولية لاحقًا كتبرير أخلاقي أو قانوني، ثم تُلاحق بتلك الجرائم، وهو استكمال لرؤية (المالتوسية)، ولا سيّما أن كافة عمليات الإبادة الجماعية تجري في مناطق فقيرة ومهمشة بشكل عام.

وكان صموئيل فان هوتين نائب رئيس (جامعة مالتوس) في بريطانيا، قد أشار إلى مصطلح جديد في عام 1877، هو (المالتوسية الجديدة)، وذلك حين دعا إلى العمل على مفهوم تقديم الدعم المادي للفقراء، بشرط تبنيهم برنامج تحديد النسل.

يذكر أن مالتوس، بعد نحو 25 عامًا على نظريته، كتب مقالًا في دائرة المعارف البريطانية، عدّل فيه نظريته، وعدّ أن زيادة عدد السكان هي دافع للصراع من أجل الوجود.




المصدر