مصير مجهول ينتظر “المخالفين” بعد القرارات الخليجية الجديدة
17 أيار (مايو - ماي)، 2017
أثارت قضية ترحيل أربعة لاجئين سوريين من دولة الكويت إلى سوريا، وإعدامهم من قبل قوات النظام، قبل أيام قليلة، جدلاً وحالة من القلق في أوساط الجالية السورية المقية في بلدان الخليج العربي، لاسيما مع صدور تعليمات جديدة تتضمن ترحيل جميع الوافدين المخالفين لنظام الإقامة في البلاد، دون الأخذ بخصوصية الوضع السوري.
وكانت صحيفة “القبس” الكويتية نقلت عن حسين الشمالي، أمين عام منظمة “كافي” لمكافحة الفساد وحقوق الإنسان، قوله إن “هناك أربعة مبعدين من الأراضي الكويتية يحملون الجنسية السورية تم إعدامهم من قبل سلطات بلادهم خلال الفترة الماضية”.
وأكدّ الشمالي أن المنظمة تلقت، خلال الفترة الماضية، نداءات استغاثة من أهالي موقوفين سوريين في سجن الإبعاد في قضايا مماثلة لتلك التي تسببت بإعدام المُرحّلين الأربعة.
ويواجه أكثر من 4200 مواطن سوري في الكويت بالإضافة إلى الآلاف في المملكة العربية السعودية، خطر الترحيل بعد صدور قرارات حازمة خلال الأشهر الأخيرة في هذه البلدان تتضمن الملاحقة القانونية، وإخراج جميع الوافدين ممن خالفوا شروط الإقامة.
لا استثناءات للسوريين
قبيل انتهاء المدة القانونية (90 يوماً بدأت من 29 آذار الماضي) التي منحتها وزارة الداخلية السعودية ضمن حملة “وطن بلا مخالف” الأخيرة، زادت تصريحات “المدير العام للجوازات في السعودية، اللواء سليمان اليحيى، والتي نقلتها وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) من تخوفات السوريين، حيث أكدّ المسؤول أنّ ” أي مُخالف لأنظمة البلاد سيُعامل بحزم، وسيُرحل فوراً، حتى وإن كان من الدول التي تشهد صراعات مثل سوريا”.
واستبعد اليحيى في كلامه أيّة عقوبات بديلة عن (الترحيل) لمن يخالف الأنظمة أو يرتكب جرماً، وأوضح أنه “في حال السوريين سوف يُخّير إلى أي البلاد يُرحل”.
ووفق المبادرة التي أطلقتها وزارة الداخلية السعودية والتي رافقها حملات إعلامية واسعة فإن أي وافد ثبت تزويره لشهادته أو جواز سفره سوف يحوّل إلى إدارة التزوير ثم التحقيق والادعاء العام ثم تُقرر العقوبات بحقه، ومنها السجن لمدة سنتين، وغرامة 100 ألف ريال والإبعاد عن المملكة، وهو الأمر الذي يشكل ربما التهديد الأكبر لقسم كبير من السوريين ممن دخلوا إلى البلاد بجوازات مزورة.
الخيارات تضيق
في هذا السياق رأى محمد اليوسف، وهو مواطن سوري مقيم حالياً في المملكة العربية السعودية، أن تبعات هذه القرارات على المواطنين السوريين المقيمين لا تزال حتى الآن غير واضحة بسبب عدم انقضاء المدة القانونية حتى الآن، موضحاً أن حالة خوف كبيرة بين السوريين ظهرت عقب الأحاديث الأخيرة والتصريحات الجادّة الصادرة عن المسؤولين السعوديين والتي لا تميز بين وضع السوريين، وحال المخالفين في البلدان الأخرى.
وأشار اليوسف إلى أن معظم السوريين جاؤوا خلال السنوات الأخيرة إلى الخليج بدعوة زيارة، أو بقي قسم كبير منهم بعد تأدية مناسك الحج والعمرة دون دفع الأقساط المادية المتوجبة عليه شهرياً أو كل ثلاثة أشهر إلى الدولة (بحسب بطاقة الزيارة)، وهو ما أدى لدخوله في وضع المخالف.
وحول إمكانية تسوية أوضاع المخالفين أوضح الشاب السوري المقيم في السعودية منذ ثلاثة سنوات، أنّ بطاقة الدعوة تسمح لصاحبها بالعمل في البلد ضمن وضع “الأجير” فقط، أي براتب قليل يختلف عن عقد العمل النظامي الذي يوفر ميزات تضمن حقوق العامل ومن بينها دفع نفقات إقامته إلى الدولة، وهو ما أدى لوجود آلاف الحالات ممن لم يستطيعوا سداد الضرائب المتراكمة خلال سنوات وجودهم.
كما أشار اليوسف إلى أن بعض الوافدين يحتاجون خلال الفترة القادمة إلى موافقة وزارة الداخلية السعودية لتجديد إقامات عملهم أو تمديد زياراتهم ، لكن وبسبب حملات “السعودة” الأخيرة في قطاعات العمل (تشغيل السعوديين بدلاً من الأجانب) فقد ينتهي المطاف بمعظم السوريين إلى اختيار بلد جديد يهاجرون إليه.
وخلال السنوات الأخيرة أصدرت معظم الدول الخليجية قوانين صارمة تسعى لتقليل الاعتماد على العمال الأجانب في سوق العمل، كان أبرزها رفع نسبة تشغيل مواطني البلد في الشركات، وإلغاء آلاف عقود العمل وملاحقة العمالة غير الشرعية.
ظروف قاهرة
المهندس السوري المقيم في دولة الكويت مازن جرجور، رأى أن “السوريين يمثلون جزءاً من هؤلاء المخالفين، لكن في الوقت ذاته على الدول الخليجية أن تغض الطرف عن السوريين المخالفين لنظام الإقامة في البلاد، بسبب صعوبة تجديد جوازاتهم في سوريا أو الحصول على الأوراق الثبوتية اللازمة التي تتطلبها الإقامة، إضافة لإغلاق السفارات السورية في معظم دول الخليج”.
وأقرّ جرجور في حديثه لـ صدى الشام بأن الفترة الأخيرة شهدت تحولات جديدة في معاملة المخالفين عموماً والسوريين منهم على وجه الخصوص في دول الخليج، نتيجة سياسات جديدة بدأ تنفيذها، مشيراً إلى ضرورة أن يسعى الجميع لتسوية أوضاعهم القانونية في البلاد بأسرع وقت ممكن.
وحول الحلول التي من الممكن اتخاذها أجاب جرجور: “إن الحل يكمن في استثناء الحكومات الخليجية للسوريين من قرار الترحيل، ومنحهم إقامات مؤقتة لأطول مدة ممكنة قانونيًا”، مضيفاً أن الالتزام بالقوانين ومراجعة دوائر الهجرة يساعد أيضاً في تجنب الترحيل.
ونوّه جرجور إلى انعدام الخيارات المتاحة أمام السوريين في حال طردهم من البلاد حيث ستكون السوادن الملجأ الأول، ودعا إلى ضرورة تكثيف الحملات الإعلامية للفت النظر إلى وضع السوريين والضغط على الحكومات الخليجية لاستثنائهم.
حملات
يذكر أن المملكة العربية السعودية ودول خليجية أخرى نفذت خلال الأعوام الأخيرة حملات لملاحقة المخالفين تم خلالها استثناء العمالة السورية بسبب ما ذكرته وزارة الداخلية السعودية حينها من “ظروف تعيشها سوريا”.
وبحسب إحصاءات رسمية تُقدر أعداد السوريين في المملكة العربية السعودية بقرابة مليونين، معظمهم مقيمون، وآخرون لجؤوا إليها بصفة زوار خلال الأعوام الخمسة الماضية.
بينما يصل عدد السوريين في دولة الكويت إلى أكثر من 146 ألفًا وهو ما يشكل بحسب مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة، جمال الغنيم، ما نسبته 10% من سكان البلاد.
[sociallocker] صدى الشام[/sociallocker]