سباق لبسط النفوذ على البادية السورية.. لماذا يسعى النظام وحلفائه والمعارضة السورية للسيطرة عليها؟


أمجد عساف - خاص السورية نت

تتصدر البادية السورية المشهد العسكري في سوريا، مع سعي أطراف عدة للسيطرة عليها نظراً لتوسطها الجغرافية السورية، حيث تمتد على مساحة 518000 كيلو متراً مربعاً، أي ما يعادل ثلث مساحة سوريا، و تمتد على طول الحدود الأردنية والعراقية، وهو ما يعني أنها ستكون ورقة رابحة لمن يبسط نفوذه عليها.

وبعد أقل من شهر على سيطرة فصائل المعارضة السورية على مناطق شاسعة من البادية وطرد تنظيم "الدولة الإسلامية" منها، بدأت قوات نظام بشار الأسد مدعومة بميليشيات عراقية ولبنانية بالتقدم اتجاه تلك المنطقة.

وتقول وسائل إعلام النظام إن القوات المهاجمة تمكنت من السيطرة على سد الزلف، والمنطقة المحيطة به بالإضافة لمنطقة السبع بيار الاستراتيجية، والتي تعد نقطة الوصل بين شقي البادية الشمالي والجنوبي.

ويبدو أن قوات النظام والميليشيات المساندة لها تسعى للوصول إلى الحدود السورية العراقية، خاصة مع وصول ميليشيا "الحشد الشعبي" إلى الجزء العراقي من تلك الحدود بعد ما أعلنت الميليشيا عن بدء معركة يوم 12 مايو/ أيار الجاري، وقالت إن هدفها طرد "تنظيم الدولة" من المناطق الحدودية بين سوريا والعراق.

ويسعى نظام الأسد بمعركته هذه في البادية السورية، إلى تأمين طريق إمداد له من طهران إلى دمشق مروراً ببغداد، الأمر الذي ترفضه الولايات المتحدة الأمريكية وتعتبره اجتيازاً للخطوط الحمر التي وضعتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لقوات النظام والميليشيا التي تقف في صفه خصوصاً المدعومة من إيران.

وتجسد الرفض الأمريكي لإتاحة المجال أمام ممر إيراني يصل إلى دمشق ولبنان، في الغارة التي نفذها طيران التحالف الدولي بقيادة أمريكا على رتل لميليشيات شيعية مدعومة من إيران، على بعد 60 كم من معبر التنف الحدودي داخل الأراضي السورية، حيث تتمركز هناك قوات أمريكية بريطانية ضمن قاعدة عسكرية تقدم الدعم اللوجستي لمقاتلين من "الجيش السوري الحر" الذين يخوضون معارك ضد "تنظيم الدولة" على أطراف مدينة البوكمال شرقي سوريا.

المعارضة تتحرك

وفي ذات الوقت الذي يسابق فيه النظام وإيران الزمن للتقدم في البادية، أطلقت فصائل من المعارضة السورية في البادية السورية، صباح اليوم الإثنين، معركة لاستعادة السيطرة على المواقع التي تقدمت لها قوات النظام  الميليشيات المساندة لها هناك.

وقال محمد عدنان مدير المكتب الإعلامي لـ"جيش العشائر" أحد أبرز الفصائل المشاركة في تلك المعركة في تصريح خاص لـ"السورية نت": إن "الهدف من معركة البادية التي أطلقتها فصائل المعارضة استعادة السيطرة على المناطق التي خسرها الجيش الحر مؤخراً، وإبعاد الميليشيات الطائفية التي استقدمتها قوات الأسد عن الحدود السورية العراقية".

وأضاف "أن البادية السورية تعني الكثير لفصائل الجيش الحر، و لن نسمح للأسد وميليشياته بالسيطرة عليها مهما كلف الثمن"، مشيراً أن "تنظيم الدولة بقي مسيطراً على البادية السورية لأكثر من ثلاثة أعوام، ولم نشاهد حينها أي هجوم من قوات الأسد و حلفائه على تلك المنطقة، في حين عقب سيطرة الجيش الحر أصبحت المنطقة هدفاً له ولحلفائه من الروس والإيرانيين".

وتشارك روسيا بشكل مباشر في المعارك التي يخوضها النظام وميليشياته في البادية السورية، حيث تقصف طائرات روسية أماكن تواجد قوات المعارضة.

وكانت ضربة التحالف للقوات الشيعية قد أثارت تساؤلات عن الدور الأمريكي في عهد الرئيس دونالد ترامب، والرسائل التي تحملها الضربة العسكرية لكل من الأسد وحلفائه.

وتشير التحليلات إلى أن الضربة صحيح أنها موجهة لنظام الأسد كون تلك القوات تسانده، لكن رسائلها السياسية والعسكرية موجهة لكل من إيران وروسيا، فالنسبة لإيران ترفض أمريكا والأردن أي تواجد لميليشياتها الشيعية قرب الحدود. وبعدم أفشلت أمريكا إقامة ممر إيراني في الشمال السوري ينطلق من إيران مروراً بالعراق ثم المناطق الكردية حتى المتوسط، فإن أمريكا تكرر جهودها لإفشال ممر مماثل في الجنوب السوري.

وبالنسبة للرسائل التي تحملها الضربة لروسيا، فقد اعتبرت صحيفة "سفابودنيايا" في تقرير نشرته "السورية نت" أمس الأحد، أن الضربة تضر بالعلاقات الروسية الأمريكية، وتساءلت "ماذا وراء الضربة، والآثار الناجمة عنها؟".

ونقلت عن العسكري ميخائيل الكسندروف كبير خبراء معهد الأبحاث العسكرية والسياسية في روسيا، قوله إن "هذه الضربة ليست مصادفة بل تعود لاستراتيجية الضغط على روسيا في سوريا". وأضاف أنه "في سياق هذه الاستراتيجية تم اتخاذ خطوات صغيرة مبدئياً تهدف إلى حظر هذه المنطقة (الواقعة جنوب سوريا) على القوات الروسية والحليفة. ووقوف واضح إلى جانب المعارضة السورية، التي على ما يبدو قررت تغطيتها من الجو"، حسب تعبيره.

واعتبر الخبير الروسي أن قصف التحالف بقيادة أمريكا للقافلة العسكرية يمثل "اختباراً لروسيا"، لافتاً أيضاً أن الضربة ليست موجهة للأسد بشكل مباشر بقدر ما هي "جرس إنذار لروسيا، وبالتالي يمكن اعتباره الإنذار الثاني من ترامب للكرملين".

لماذا ضربت الولايات المتحدة في هذا الوقت بالذات؟

سؤال طرحته أيضاً صحيفة "سفابودنيايا" الروسية، واعتبرت أن الضربة سبقت وجود ترامب في زيارة للسعودية وإسرائيل، كي "يوحي  لحلفائه بأنه سيعمل بنشاط في الشرق الأوسط ولديه استراتيجية خاصة به، وهذه الزيارة هامة جدا للعمل اللاحق ضد بشار الأسد"، حسب قول الصحيفة.

وأشارت الصحيفة إلى أن السؤال المحير بالنسبة للخبير الكسندروف هو "لماذا بوتين يلتزم الصمت؟"، ويجيب: "آن الأوان لأن نفهم بأن سياسة التظاهر بالتعاون والتنسيق الأمريكي ماهي إلا خدعة تكتيكية تهدف إلى منع روسيا من دعم الأسد الممعن في تدمير المعارضة تحت ذرائع مختلفة".

ويرى أيضاً أن "على بوتين الآن إما الانسحاب من سوريا وترك الشأن لأمريكا، أو الوقوف في وجه أمريكا إذا كان القرار بعدم الانسحاب، إذ لابد من إظهار الصلابة والحزم. وإذا ما استمر بوتين بالتراجع فلابد من إخراجه من سوريا ولكن في هذه المرة مع العار".

ويقترح الخبير الروسي أن تقوم روسيا بتوجيه ضربة صاروخية من بوارجها الموجودة في الساحل السوري لفصائل المعارضة المدعومة من أمريكا، ويقول: "بذلك تكون روسيا قد ردت على الاستفزاز كما يمكن اعتباره اختباراً للأمريكان من جهة أخرى".

ووفقاً لتصريحات مسؤولين روس فإن موسكو تتوقع مزيداً من الضربات الأمريكية داخل سوريا إما لنظام الأسد أو القوات الأجنبية الموالية له والمدعومة من قبل إيران.

فقد نقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية، أمس السبت، عن النائب الأول لرئيس لجنة الدفاع بمجلس الاتحاد الروسي، فرانتس كلينتسيفيتش، أن الولايات المتحدة احتفظت بالحق في شن ضربة على سوريا في أي لحظة.




المصدر