on
أكاديميون وباحثون روس وسوريون يتوافقون على أسس للحل في سورية
جيرون
أكّد باحثون وأكاديميون سوريون وروس على عمق التوافقات بين الجانبين، في ما يتعلق بسيناريو الحلّ السياسي في سورية، وفق معطيات بيان جنيف 1 من دون أن يكون للأسد دور في مستقبل سورية، وشخّصوا أسسَ معالجة الجانب العسكري في سيناريو الحل السياسي، والسمات العامة للسلطة الدستورية العليا في المرحلة الانتقالية، وتحليل الشروط العامة اللازمة لإعادة الإعمار المادي والمجتمعي في هذا الحل، وتوافقوا على أن الدور الذي تلعبه إيران في سورية سلبيٌّ، وأن هذا الدور ليس مُدمّرًا لسورية فحسب، وإنما يهدد روسيا بخطر مستقبلي.
وفي اليوم الثاني الختامي للندوة العلمية الأكاديمية وورشات العمل المرافقة لها، والتي عقدها مركز (حرمون) للدراسات المعاصرة، بالتعاون مع المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، والمجلس الروسي للعلاقات الخارجية، ومركز تحليل الصراع في الشرق الأوسط في معهد كندا وأميركا بموسكو، حول الصراع الدائر في/ على سورية، في 26 و27 أيار/ مايو الجاري، أكّد الباحثون من كلا الطرفين السوري والروسي على حجم التوافق الكبير بين رؤاهما حول هذا الصراع، وقدّموا مجموعة من الأفكار الملموسة حول الواقع السوري، واحتمالات المستقبل، والعقبات التي تواجه كلّ حل من الحلول المطروحة على المستوى الإقليمي والدولي.
وفي الجلسة الختامية للندوة التي عُقدت في العاصمة الروسية موسكو، بمشاركة نحو 30 باحثًا وسياسيًا ومختصًا وإعلاميًا، من السوريين والروس، أوضح الجانبان أنهما بحثا، بعمق، سيناريو الحل السياسي وفق جنيف من دون الأسد، من الناحية السياسية، العسكرية، الدستورية، والقانونية، وإعادة الإعمار المادي والمجتمعي.
وحلل الجانبان مضمون الحل السياسي القابل للتحقق، ويمكن أن يُعيد الاستقرار، والقائم وفق جنيف وقرارات الأمم المتحدة، وحللا شكل المشاركة في السلطة بين النظام والمعارضة وأطراف من المجتمع خلال المرحلة الانتقالية، وشكل السلطة الحاكمة للفترة الانتقالية، وأي مؤسسات سلطة مساعدة خلال هذه الفترة، ونقاط قوة وضعف مثل هذا الحل السياسي.
كما بحث الجانبان أسسَ معالجة الجانب العسكري في سيناريو الحل السياسي، وحللا شروط تحقيق وقف إطلاق النار ومراحله، ووسائل معالجة المجموعات المسلحة على طرفي النزاع، والمجلس العسكري المشترك، وأسس إخراج جميع الميليشيات والمقاتلين الأجانب من سورية، وعودة العسكريين المنشقين، وأسس إعادة هيكلة القوات العسكرية والأجهزة الأمنية وشروطه ومراحله، وطرق مكافحة الإرهاب، فضلًا عن التحديات التي تواجه الجانب العسكري في الحل السياسي وسبل التغلب عليها.
وشددا على أهمية العدالة الانتقالية، وعدم مشاركة مجرمي الحرب من كِلا الطرفين، وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية بحيث تلائم وجودها في دولة طبيعية، وإلغاء أو دمج العديد من الأجهزة الأمنية، وإعادة هيكلتها ديموغرافيًا، وتحديد مهمّاتها، وعلى ألا يتم تشكيل أي كيان عسكري على أساس طائفي أو إثني، ومحاربة (داعش) من كل الأطراف، والتخلي عن قصف المدن والأحياء المدنية بحجة قصف جبهة (فتح الشام)، وتلازم الحل السياسي مع الحل العسكري، وضمان عدم استبداد العسكر بالحكم والسلطة والقرار.
كما بحثا السمات العامة للسلطة الدستورية العليا في المرحلة الانتقالية، وأسس معالجة الجوانب الدستورية والتشريعية والقانونية في هذه المرحلة، والأسس العامة التي يجب مراعاتها لدى كتابة الدستور (مبادئ ما فوق دستورية)، والخطوط العامة، ومبادئ تنظيم العدالة الانتقالية، وأسس التعامل القانوني مع مؤسسات الدولة ومؤسسات حزب البعث.
وحللا الشروط العامة اللازمة لإعادة الإعمار المادي، والأسس العامة لتنظيمه، والدراسات المبدئية التي تحتاجها هذه العملية، وقضية تمويل إعادة الإعمار ومصادر التمويل المحتملة وشروط تحققها، وأسس وشروط معالجة موضوع المهجرين داخل سورية وخارجها، وأسس وشروط منع الانتقام، وإجراءات تحقيق إعادة اللحمة الوطنية في سورية، وحللا الشروط المساعدة لمواجهة الظواهر التي أفرزها الصراع: نمو العنف، توسع انتشار الفساد، الجريمة المنظمة وغيرها.
وشدد الجانبان على ضرورة عدم تهميش أي تطبيق عزل سياسي على أي جهة، ولا يجوز أن يكون الانتماء الديني أو الطائفي أو المذهبي مبررًا لإشراك أي أحد في العملية السياسية، كما لا يجوز معاقبة أحد إلا إذا تورط بجرائم حرب.
وأخيرًا شرّحا بشكل عام الأجسام العسكرية لكلا الطرفين: المعارضة والنظام، وما يمكن أن تكون عليه العلاقة بين الجسم العسكري والأجسام السياسية، ومدى صلة المسار العسكري بالمسار السياسي.
وشارك، في الندوات والجلسات الحوارية وورشات العمل المختصة، عددٌ من الباحثين والأكاديميين والإعلاميين السوريين، من بينهم د. سمير سعيفان، د. عبد الله تركماني، د. إبراهيم الفريحات، باسل العودات، محمد الحاج علي، نزار أيوب، نادر جبلي، د. محمود الحمزة وغيرهم، ومن الجانب الروسي 15 باحثًا ومختصًا من المؤسسات العلمية والأكاديمية المشار إليها.
ناقشت الندوة، خلال يومين وعبر سلسلة من ورشات العمل المختصة، مجموعةً من الموضوعات المهمة، تتعلق بالجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية للقضية السورية، والتحديات السياسية والعسكرية والدستورية والقانونية، وإعادة الإعمار المادي والمجتمعي، وكذلك تحليل (سيناريوهات) تطور الوضع في سورية ونتائج كل منها، مع التركيز على سيناريو الوصول إلى حل سياسي وفق جنيف من دون الأسد، وقيام سلطة انتقالية شراكة بين أطراف من النظام والمعارضة وجهات مستقلة مجتمعية، مع دعم هذا الحل من قبل القوى الإقليمية والدولية.
المصدر