الأسد يعاني الأمرين في حلب.. نظامه يفقد السيطرة على الميليشيات والجرائم تحولها إلى مدينة رعب


تتحول حلب شيئاً فشيئاً إلى مدينة يملؤها الخوف من جرائم القتل والانتهاكات المستمرة بحق المدنيين المعارضين منهم والموالين، وفي ذات الوقت تصبح عبئاً ثقيلاً ينهك كاهل نظام بشار الأسد العاجز عن توفير الأمن في مناطقه.

وبات النظام يعاني الأمرين جراء الاحتقان الشعبي المتزايد في مناطقه بسبب تجاوزات قواته والميليشيات التابعة لها من جهة، وفقدانه للسيطرة على هذه القوات من جهة أخرى، حتى باتت المدينة مستباحة كما يؤكد الناشط الإعلامي محمد الشافعي من حلب في تصريح لـ"السورية نت".

ويعيش سكان المدينة في رعب مستمر جراء ازدياد عمليات الخطف خصوصاً للفتيات والنساء، وابتزاز "شبيحة النظام" لأهالي المخطوفين مقابل الحصول على مبالغ مالية، وفي حالات أخرى يتحول المخطوف إلى ضحية فيُقتل على يد الخاطفين إما بسبب عدم قدرة العائلة على دفع "الفدية" أو لتصفية حسابات شخصية.

جرائم بالجملة

ووفقاً لما تنشره وسائل إعلام النظام، فلا يكاد يمر أسبوع دون أن تهز حلب جريمة جديدة، كان آخرها في 11 يونيو/ حزيران الجاري عندما أطلق أحد عناصر ميلشيا "اللجان الشعبية" النار على الطفل أحمد جاويش في حي الموجامبو خلال بيعه للعلكة، ولا يزال الجاني متوارياً عن الأنظار حتى الآن، وسط دعوات من السكان لإنزال عقوبة الإعدام في العنصر التابع لقوات النظام.

ويشير الشافعي في تصريح لـ"السورية نت" إلى أن الوضع الأمني في حلب ازداد سوءاً بعد سيطرة النظام على كامل الأحياء الشرقية لحلب والتي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة حتى نهاية الماضي، مشيراً أن العناصر الذين تفرغوا من القتال على جبهات حلب، وأوكلت لديهم مهمة حماية المدينة أصبحوا يوغلون في عمليات السرقة والتعدي على المدنيين، للحصول على مصدر للمال من جهة، ولتأكُدهم من غياب المحاسبة من جهة أخرى.

ووصف الشافعي مدينة حلب بأنها تشبه مدينة "شيكاغو" الأمريكية التي تسجل نسباً عاليةً من الجرائم سنوياً، وأضاف أن عناصر من قوات الأسد شكلت عصابات للخطف والقتل ونشر الحشيش، لافتاً إلى أن النظام ترك سكان المدينة تحت رحمة قواته والميليشيات التابعة لها.

وأكد الشافعي أن تدهور الوضع الأمني أجبر السكان على عدم التجول في أحياء بالمدينة مساءً. ويتطابق كلام الشافعي مع ما ذكره موقع "الخبر" التابع المؤيد لنظام الأسد، حيث ذكر في مارس/ آذار الماضي أن العائلات في حي الأشرفية فرضت على نفسها حظراً للتجول بعد تعرض عناصر قوات النظام لها وخصوصاً الفتيات.

فقدان للسيطرة

وتشير كثرة الانتهاكات وجرائم القتل والخطف والسرقة بالمدينة، إلى عجز واضح لدى نظام الأسد في وضع حد لقواته، وعن سبب ذلك، قال الشافعي أن بعض العناصر التابعين لقوات النظام مدعومين من شخصيات مسؤولة ومن غير الممكن الاقتراب منها أو محاسبتها على أفعالها.

ويعيش سكان المدينة في ترقب مستمر ليس بسبب تعرضهم للقتل والخطف، بل لانتشار الجرائم بشكل عام في أحيائهم، وما قد ينجم عنه أي خلاف بين عناصر قوات النظام.

واليوم السبت، ذكر موقع "أخبار حلب" المؤيد لنظام الأسد، أن عنصراً من ميليشيا "اللجان الشعبية" يدعى ماهر السخني، اشتبك مع عناصر لقوات الأسد في حي سليمان الحلبي، وألقى عليهم قنبلة ما أسفر عن إصابة قائد الدورية وعنصرين معه، قبل أن يعتقله عناصر النظام.

واللافت أن هذا الفلتان الأمني والانتهاكات تأتي بينما تقول روسيا إن قواتها العسكرية منتشرة في أحياء حلب، لكن الشافعي أوضح لـ"السورية نت" أن هذه القوات غير قادرة على ضبط الأمن، وأنها متمركزة في بعض المناطق الحيوية ضمن حلب لحمايتها.

وأثار الغضب المتزايد في حلب وخروج السكان عن صمتهم قلقاً لدى النظام، فعلى الأقل يحاول النظام أن يخفف من حجم التشهير العلني بقواته من قبل الموالين له على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي ذات الوقت عدم دفع الأهالي إلى تهريب أبنائها تجبنا للخدمة في صفوفه.

وحاول النظام الأسبوع الفائت تهدئة الشارع الحلبي، عندما قررت اللجنة الأمنية والعسكرية في حلب اتخاذ جملة من الإجراءات التي وصفتها بـ"الصارمة"،  للتخفيف من وجود المظاهر المسلحة في المدينة من قبل قوات الأسد وميليشياته.

ونقلت صحيفة "الوطن" المؤيدة للنظام، الخميس الفائت، عن محافظ حلب حسين دياب قوله إن "الفروع الأمنية والحواجز ستمنع دخول كافة السيارات التي لا تحمل لوحات نظامية إلى المدينة أو تلك الحاملة للوحات مشوهة وحجز السيارات المخالفة مع سائقها مهما كانت الأسباب الموجبة بالإضافة إلى حجز السيارات ذات الزجاج المظلل عدا المزودة به من بلد المنشأ، ومصادرة الدراجات النارية التي ليس لديها مهمة رسمية".

ولفتت الصحيفة إلى أن النظام أوكل لفروعه الأمنية هذه المهمات في "إعادة الأمن للمدينة" التي يصفها سكانها بأنها أصبحت معقلاً لأسوأ ميليشيات النظام وجنوده.

إلا أنه وفقاً للمعلومات التي حصلت عليها "السورية نت" فإن الوضع لم يتغير حتى الآن، وأنه ما من شيء ملموس يشير إلى تغيير مرتقب داخل المدينة.

ويتشابه الوضع في أحياء حلب مع بقية المناطق التي يسيطر عليها النظام والذي ينشر فيها ميليشيات محلية وأجنبية عند الحواجز العسكرية، لا سيما في حمص ودمشق. وتُعتبر عمليات "التعفيش" (السرقة) التي تقوم بها قوات النظام في مناطق تواجدها سمة ارتبطت بها، فيما لا يبدِ النظام استجابة لمناشدة سكان المناطق الذين يتأذون من ممارسة "الشبيحة".




المصدر