دكّنجيّة.. والرزق على الله

1 تموز (يوليو - جويلية)، 2017
5 minutes

نجم الدين سمان

فلمّا التقى آرام بصديقه اصطيف بعد غياب أسبوع؛ سأله:

  • شو كنت تعمل كلّ هذا الوقت؟!
  • استأجرتُ دكّان في حيّ الفاتح بإستانبول.
  • وشو المشروع؟
  • ما بعرف.. محتار.
  • صارت دكاكين السوريين في الفاتح على قفا مين يشيل.
  • شو رأيك أعمل سيخ شاورما، الأكل بضاعة ما بتكسَد ولا تبور.

ضحك آرام:

  • بين كل محلّين شاورما سوري بتركيا.. محلّ فلافل وفول، وبين كلّ محلّين حلويات.. محلّ قهوة بالهال وبزورات وملوخية يابسه، وبين كلّ فرن للمناقيش.. قهوة أراكيل أم التفاحتين.
  • غربتنا صعبة يا آرام، بدنا نسترزق.. بدنا نعيش.
  • ما اختلفنا.. بس هيك يا دوب رَح تطالع مصروفك؛ إذا ما خسرت.
  • شو رأيك بمكتب عقاري؛ شغلة نظيفة ورزقتها لطيفة؟.
  • يا عيوني.. يا اصطيف؛ بين كلّ مكتبين عقاريين للسوريين في تركيا.. مكتب حوالات وترجمة مُحلّفة وتصديق وثائق.
  • بعرف.. وتزوير شهادات وتهريب بالبلم وتصريف عِملِة.

تنهّد اصطيف.. بحرقة:

  • آخ منَّك؛ جِيتَك لتساعدني.. مو لتِحبِطنِي!.
  • الرزق لمن سعى.. والتوفيق على الله، بَس أنا ما بحبّ عقلية الدكاكين والدكنجيِّة.
  • كيف يعني؟.
  • يعني.. من بين كلّ عشرة سوريين؛ سبعة.. بيحلموا يكون عندهم دكّانه صغيرة على قدهم، وإذا نجح واحد منهم بيحولها لميني ماركت، وإذا نجح بيعملها سوبر ماركت.. بس بنفس عقلية الدكنجي.
  • شو يعملوا لكَن؛ وخاصة في هالتغريبة؟!.
  • شفت شِي مَرَّة.. اجتمعوا 3 سوريين وعملوا مشروع كبير؛ أو عملوا مؤسسة متل العالم والخلق.
  • ما سمعت بهيك شي يا آرام، سمعت منّك بدكاكين الشاورما الإعلاميّة!
  • حتى أحزابنا.. دكاكين.

ضحك اصطيف: – ما تذكرني بدِكّانِة عبد الله الأحمر.

  • ليش من شو بتشكي.. دِكّانة خالد بكداش ومرتُه وابنه.
  • والله معك حق.. ودِكّانة المفتي كفتارو.
  • ودِكّانة جميل الأسد، ودِكَّانة صفوان قدسي ومَرتُه، ودكّانة شيخ الجبل، ودكّانة غازي كنعان في لبنان.
  • ما تنسى دكّانة الخدّام وأولاده، ودِكَّانة طلاس وأولاده.
  • بس الدِكّانة اللّي بلعت كلّ الدكاكين.. دكَّانة رامي مخلوف وأولاد عمته.

رفع اصطيف يديه.. وقال:

  • ببصملوا بالعشرة لحافظ الوحش.. ما ضلّ حدا ما عطاه دِكّان، واللّي ما طلُعلُه شي.. عطاه كشك وعيّنُه ناطور لشي فرع مخابرات.

ردّ آرام:

– حافظ الوحش نفسه.. عِمِل سوريا كلها دكّان إلو ولولاده.

– وبعد الثورة على وريث آل الوحش.. صارت حتى المعارضة دكاكين، عندك… دكّانة الائتلاف، ودكانة هيئة التنسيق، ودكّانة هيئة المفاوضات، وهلأ.. كلّ منصَّة تفاوضيّة اخترعوها في أستانا.. صارت دِكّانه.

– ما تنسى دكاكين أمراء الحرب.. كمان؛ بس.. أحلى دِكَّانه يا اصطيف.. كانت دكّانة أحمد طعمة في الحكومة المؤقتة.

ضحك اصطيف:

  • معك حق.. كان ياكل بالدكّان؛ ويتحمَّم وينام بدكّان الحكومة.

فناكده آرام: – إنتو السوريين ما بيعجبكم العجب.. هادا دليل إخلاصه لدِكَّانته، خاف حدا يلهفها منّه، وَظَّف عيلته وأقرباؤه وأولاد بلده؛ وبعدين رَاضَى كلّ دِكّانة بالائتلاف بمستشار.. لا يُستَشَار!.

صاح اصطيف: – من كِتِر إخلاصٌه.. صرنا نتمنّى خلاصُه.

  • ما تنسى كمان يا اصطيف.. إنّو طوائفنا دكاكين؛ وكلّ شيخ أو خوري.. إلو دكانته؛ كلّ حارة.. دكّان؛ وكلّ مدينة سورية.. بازار دكاكين.

نهض اصطيف فجأةً:

  • عن جَدّ.. شو قصة الدكاكين في العقل السوري؟!.
  • بكلّ تاريخ سوريا وبلاد الشام.. ما صارت دولة مركزيّة إلا بعهد الأمويين!.
  • معك حق؛ كانت كلّ مدينة آرامية أو فينيقية.. دِكّانِه لحالها.

فأجابه آرام:

  • إذا كان صحيح ما قاله لي عالم آثار؛ ما رَح قول هلّأ اسمه.
  • وشو قال؟!.
  • قال.. موجود رقيم طيني بعمريت.. ترجمناه وما نشرناه.
  • يعني من أربع آلاف وخمسمية سنة؟.
  • وفيه.. أن أصحاب السفن التجارية في مملكة عمريت اتفقوا على قافلة بحرية مشتركة، فلمّا طلع الفجر.. كانت كلّ سفينة رايحَه لحالها باتجاه!!.

فما كاد يُنهِي آرام السوري جملته؛ حتى أُغمِيَ على اصطيف من شِدَّة فرحته!.

*- من مقامات آرام السوري

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]