النظام يطرح ورقة الألفي ليرة بعد عجزه عن خفض التضخم


طرح البنك المركزي في سوريا ورقة نقدية جديدة بقيمة 2000 ليرة سورية، بالتزامن مع إعلان حاكم مصرف سورية المركزي، دريد ضرغام، بداية التعامل بالفئة الجديدة في الأسواق والبنوك السورية.

ويأتي الإصدار الجديد بعد سنوات من فقدان العملة السورية لقيمتها السوقية، وخسارتها أكثر من 1000% من قيمتها منذ بداية الثورة قبل ست سنوات، حيث باتت فئات العملة القديمة (1000، 500، 200، 100، 50) غير قادرة بحسب العديد من المحللين الاقتصادين على مواكبة أسعار السوق الحقيقية.

وتحمل العملة -التي صممت بشكل مشابه لفئة الألف ليرة- على وجهها الأول صورة رأس النظام بشار الأسد، وصورة لمجلس الشعب على وجهها الآخر، في إعادة على ما يبدو لصورة آل الأسد إلى العملة بعد أن تم حذفها سابقاً من فئة الألف ليرة الجديدة التي صدرت قبل نحو عامين.

وفي تعليق له على أسباب إصدار فئة جديدة من العملة قال حاكم مصرف سوريا المركزي في مؤتمر صحفي عقده في مبنى المصرف إن” طرح فئة 2000 “جاءت نتيجة طبيعية لامتصاص ارتفاعات سابقة يعاني منها السوريون في كمية نقود كبيرة يضطرون لها في تعاملاتهم اليومية”، مؤكداً في الوقت ذاته أنّ “هذا الإجراء لن يؤثر على السياسة النقدية الحالية لاسيما مع حالة الاستقرار النسبي في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي” وفق قوله.

اعتراف بالواقع

 وتباينت تعليقات الموالين والمؤيدين على هذا القرار، بين من رأى بها خطوة جيدة توافق أسعار السوق خاصة أن قيمة الـ 2000 ليرة حالياً بالنسبة لسعر الصرف هو حوالي 4 دولارات فقط.

وذهب البعض إلى اعتبار القرار متأخراً خاصة مع ارتفاع نسبة التلف في الفئات النقدية الأخرى، وطالب بضرورة إصدار فئات أكبر مثل 5000 و01000 ليرة.

في حين هاجم القسم الأكبر من رواد وسائل التواصل الاجتماعي على اختلاف انتماءاتهم السياسية هذا القرار، واعتبروه دليلاً على ارتفاع مستوى التضخم، وتدني قيمة العملة، وإعلاناً صريحاً من حكومة النظام بعدم قدرتها على خفض الأسعار.

واعتبر سامر علوان، المقيم في مدينة دمشق في تعليق له على هذا الخبر، أن هذه الخطوة تمثل “صك استسلام اقتصادي في وقت تتحسن فيه الأمور السياسية والأمنية في البلاد”، على حد تعبيره

أما بعض المعارضين للنظام فنظروا إلى إعادة وضع الأسد لصورته على العملة الجديدة دليلاً على استمرار العقلية نفسها، وقال طارق وهوب وهو ناشط معارض يقيم في ولاية مرسين التركية إنّ هذه الإجراءت “تؤكد أن هذا الشخص وبعد مسؤوليته عن قتل مئات الآلاف يصر على اختزال حياة وحضارة السوريين بشخصه، وهو غير مستعد أبداً لأي حل سياسي يتخلى فيه عن أي شيء لحقن الدماء”.

وحول مدى إمكانية استعمال فئة العملة الجديدة في المناطق المحررة قال معتز يحيى أحد أبناء مدينة معرة مصرين بإدلب لـ “صدى الشام” إنّ “الانطباع الأولي يشير إلى رفض الناس في إدلب لاستخدام هذه العملة كونها تحمل صورة قاتل أطفالهم”، مشيراً إلى أنه سمع الكثير من الآراء التي ترفض أي استخدام لها، لكنه استدرك بالقول: “هذا الأمر يبقى صعب التطبيق لأن النظام بلا شك سيمنح الموظفين الذي يتنقلون بين إدلب وحماه أوراق نقدية من هذه الفئة ما سيجعل قبولها أمراً محتوماً من التجار”.

المقياس

إلى ذلك وصف الخبير الاقتصادي سقراط علو، هذا الإجراء بأنه “طبيعي ومنطقي” وهو محاولة فقط لتسهيل الإجراءات النقدية بعد أن فقدت فيه العملة القديمة جزءاً كبيراً من قيمتها الفعلية.

ورأى علو في تصريح لـ “صدى الشام” أنّ المصرف المركزي بإصداره فئات نقدية عالية “إنما يعلن صراحة أنه غير قادر على تخفيض نسبة التضخم العالية”، ما يعني أنّ عمله سينصب خلال الفترة القادمة على “محاولة تثبيت الأسعار وسعر الصرف الحالي فقط لا غير”.

وأشار علو إلى أن هذا الإجراء غالباً ما يتبع في البلدان التي تعاني من نسبة تضخم عالية في عملتها المحلية، ومن الفروق بين قيمة عملتها والأسعار على الأرض حيث حدث هذا الأمر في عدة دول مؤخراً مثل مصر التي اعتمدت قبل أيام قليلة أيضاً فئة 200 جنيه لأول مرة بعد ارتفاع سعر الدولار أمام العملة المحلية.

وحول أسباب تأخر النظام في هذا الإجراء رغم انهيار العملة منذ عدة سنوات أوضح علو أن هذه الخطوة كانت ينبغي أن تتم قبل أكثر من ثلاثة أعوام، لكنّ إنتاج فئة جديدة من العملات في روسيا وفق ما أقره النظام يحتاج إلى تكاليف عالية من القطع الأجنبي ولهذا تمهل النظام حتى هذا الوقت.

وختم علو حديثه بالتأكيد على أن وجود قطع نقدية من فئات عالية لا يعني انهيار العملة إنما المقياس هو كم تبلغ قيمة هذه العملة، ففي لبنان مثلاً تعادل الـ 100 ألف ليرة اللبنانية حوالي 65 دولارًا في حين أن أعلى ورقة نقدية في سوريا تعادل 4 دولارات فقط.

سياسات جديدة

وكان بشار الأسد عيّن في 3 حزيران الماضي “دريد درغام” حاكماً لمصرف سوريا المركزي خلفاً لـ “أديب ميالة” الذي انتقدت وسائل إعلام النظام سياسته النقدية، وحملته مسؤولية تراجع قيمة الليرة السورية، وقد وعد “درغام” بأن يقوم بتحسين سعر صرف الليرة السورية، من خلال سياسات جديدة للمصرف.

يذكرأن المصرف المركزي في سوريا كان قد طرح في عام 2015، كمية من الأوراق النقدية منها فئة الألف ليرة الجديدة وفئة الخمسين والمئتين والمئة  ليرة.



صدى الشام