هل تكرس قمة ال20 عزلة ترامب وتؤشر لنظام عالمي جديد


ربما تؤشر قمة العشرين المنعقدة حالياً في مدينة هامبورغ الألمانية لنظام عالمي جديد يكرس عزلة أميركا ويزيد من التقارب بين الصين وأوروبا. ويلاحظ أن قمة مجموعة العشرين التي تجري اجتماعاتها في المانيا، تنعقد وسط تحولات كبرى وسريعة في الاقتصاد العالمي في أعقاب صعود الرئيس الأميركي دونالد ترامب للحكم في أميركا وتبني سياسات قومية ضيقة على حساب التجارة الحرة والإنفتاح.

ومنذ صعود ترامب، بدأت المصالح الوطنية الضيقة تسمو على حساب أسس التجارة الحرة، ما أدى لتغيير عدد من التوازنات العالمية. فأوروبا تبدو اليوم أكثر استقلالية في قرارها الاقتصادي، عن ذي قبل، وتتجه أكثر نحو آسيا في علاقاتها التجارية، كما أن الصين تبدو أكثر انفتاحاً على العالم مقارنة بأميركا وأسست مع دول “البريكس” عدداً من الهياكل المالية الموازية في وظائفها لصندوق النقد والبنك الدوليين.

هذه المؤسسات المالية باتت قادرة على منح قروض أكبر وبشروط أيسر لدول العالم النامي، مقارنة بشروط المؤسسات المالية التي انشأت في النظام العالمي الذي تلا الحرب العالمية الثانية برعاية أميركية أوروبية.
كمايري اقتصاديون أن القمة ستشهد صراعاً بين تيار العولمة وتيار” القومية وحماية المصالح التجارية”.

ويقود تيار” القومية وحماية المصالح التجارية “، كل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتتبناه إلى حد ما رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، وكذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فيما تقود تيار العولمة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي تتزعم أوروبا ويربطها تحالف قوي مع الرئيس الفرنسي الجديد ايمانويل ماكرون، كما يقوده كذلك الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي يتزعم مجموعة” بريكس”.

وبالتالي، وحسب خبراء ألمان، من المتوقع أن يظهر الخلاف للعلن بين تياري العولمة والسياسة الحمائية، في هذه القمة.

ولا يستبعد محللون أن يتسبب هذا الخلاف في تصدع قمة العشرين، ويعرقل تبنيها لأجندة موحدة تجاه قضايا رئيسية مثل المخاطر المالية والهجرة وربما حتى الإرهاب الذي يوجد خلاف على تعريفه بين العديد من قادة قمة العشرين.
في هذا الصدد، يحذر مدير معهد الاقتصاد العالمي في هامبورغ هينيغ فوبل من السقوط في مستنقع السياسات الحمائية قائلاً :”قد نسقط في وهم أنه لا يوجد الكثير الذي يجب طرحه على طاولة النقاش فيما يتصل بالاقتصاد العالمي والعولمة” ويضيف في تصريحات نقلها موقع دويتشه فيله، “فهناك مجموعة من التطورات الأساسية التي يجب مناقشتها خلال فعاليات قمة مجموعة العشرين، كسياسة إعادة التأميم التي تنتهجها العديد من الحكومات والإجراءات الحمائية التي تبنتها الولايات المتحدة الأميركية”.
ويرى مناصرو تيار العولمة أن هذه القضايا إن لم تناقش بوضوح، فستعني أن العولمة قد تعود خطوة إلى الوراء.

وهذا الخلاف، قد يسعد بعض الشيء مناهضي العولمة، الذين يريدون التظاهر من أجل عالم أكثر عدالة، والذين يرون في تشابك الاقتصاد العالمي سبباً في العديد من التشوهات التي اصابت اقتصادات الدول وتزايد الفجوة بين الأغنياء والفقراء، ولكن هذا الخلاف إذا استمر، سيكون مؤشراً لنشؤ “نظام عالمي جديد”، تتراجع فيه الهيمنة الأميركية في مقابل نظام عالمي تقودة الصين بتحالف مع أوروبا، وتحديداً ألمانيا وفرنسا.

ويشير تقرير بنك التسويات الدولية الأخير إلى أن نمط العولمة هو الأفضل للشعوب، لأنه يمكنها من تحقيق مستويات عيش أفضل، كما أدت العولمة على الرغم من الانتقادات الموجهة لها إلى تراجع معدلات الفقر في الكثير من أجزاء العالم. ولعل من أهم شروط تحقيق العولمة هو رفض قمة العشرين لأجندة دونالد ترامب وضرورة التأكيد على حرية التجارة وانسياب حركة البضائع والخدمات.

ويقول الخبير الألماني فوبل، لهذا يجب تأطير أفضل للتجارة وبشكل عادل في هذه القمة وخصوصا بالنسبة للبلدان النامية، وخاصة في إفريقيا.

ويهدد الخلاف حول التجارة الحرة هذه القمة، حيث يعارض الأمريكيون تبني اجندة التجارة الحرة. ومن غير المعرف كيف ستتفادي القمة هذا المأزق.

ويرى غابرييل فيلبيرماير من معهد إيفو بميونيخ أن نظام الاقتصاد العالمي مبني على التعاون، وهناك حاجة إلى الثقة لاستقرار هذا النظام.

“وعليه فإن الالتزام بتجارة حرة وعادلة مهم ويجب أن يجد مكانه في البيان الختامي”. وفي السابق تم تبني هذا الالتزام أكثر من مرة، رغم أن الكثير من البلدان اتبعت سياسة حمائية. “إنه التزام أولي له قيمته لأنه يصيغ النهج المتبع. ومن يبتعد عن ذلك، يجب أن يقبل الانتقاد بعدم التعاون”.



صدى الشام