إحداهن تعمل سائقة تكسي وأخرى نادلة في مقهى.. الظروف الصعبة تدفع المرأة السورية للعمل في مهن احتكرها الرجال


مراد الشامي

علي الأمين - خاص السورية نت

ذاقت المرأة السورية مرارة التهجير القسري، وفقدان معيل العائلة زوجاً وولداً سواء بالهجرة، أو الخطف، أو الاعتقال، أو الموت، ما دفعها لممارسة مهن وأعمال كانت حكراً على الرجال، وهذا الواقع جعل حياتها تتغير جذرياً لتتحول إلى قيادة الأسرة داخل جدران المنزل وخارجه.

السيدة أمل العمير (اسم مستعار) تبلغ من العمر 42 عاماً، وفرضت عليها الظروف بعد وفاة زوجها أن تعمل على "بسطة لبيع الدخان" لا تجلب لها إلا قوت يومها هي وابنها حسن البالغ من العمر عشرة أعوام.

وتقول أمل التي تقيم في منطقة مساكن برزة في دمشق: "حاولت أن أبحث عن عمل لكنني لم أجد مكاناً أعمل فيه، ما دفعني لبيع الذهب الذي كنت أدخره واصرف منه، وبعد ذلك قررت أن اتجه إلى هذه المهنة لأعيل نفسي وابني".  

مشهد آخر أصبح اعتيادياً في العاصمة دمشق، وهو مشاهدة فتاة تعمل كنادلة في مقهى، كالشابة ريم السالم (اسم مستعار) التي روّت في تصريح لـ"السورية نت" قصة عملها في إحدى مقاهي ساروجة في دمشق، قائلةً: "نحن عائلة مكونة من 4 بنات وشابين، بالإضافة لأبي وأمي، أخوتي الشباب اضطروا إلى السفر هرباً من الخدمة العسكرية، وأبي لم يعد قادراً على إعالتنا، ما دفعني أن أعمل في المقهى خصوصاً أنني لم أكمل تعليمي".

انخفاض نسبة الذكور

وتسبب نظام بشار الأسد سواء من خلال العمليات العسكرية التي شنها ضد المدنيين في سوريا، أو حملات الاعتقال الواسعة، وإجبار الشباب على الخدمة في جيشه، بإحداث خلل ديموغرافي في سوريا.

فالكثير من الشباب هاجر أيضاً سوريا، وأصبحت نسبة الإناث في المجتمع السوري تساوي 65% مقابل 35% للذكور، حسبما أكد القاضي الشرعي الأول في سوريا محمود معراوي، لـ"صحيفة تشرين" الحكومية في فبراير/ شباط الماضي، وأثار معراوي حينها، موجة كبيرة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، عندما دعا السوريين علناً إلى تعدد الزوجات.

ومن بين المشاهد الأكثر غرابة في دمشق، هو لسميرة حلواني "أم عرب"، التي تعمل سائقة تكسي، وكار "السواقة" ليس غريباً عنها، إذ كانت فيما مضى تعمل سائقة ميكرو باص على خط جرمانا_ باب توما.

وأوضحت حلواني أن لديها أخ مريض، وباقي أسرتها من النساء، لذلك قررت تولي المسؤولية وإعالتهم بالعمل، حتى لو بمهنة كانت بيوم من الأيام حكراً على الرجال.

مهن جديدة

وظهرت خلال السنوات السبع الماضية مهن جديدة، ومنها بيع الخبز على الإشارات والتي أصبحت ملاذاً للكثير من النساء والفتيات وحتى الأطفال الصغار، الذين يقفون عند إشارات المرور ويبدأون بالركض وراء السيارات كي يشتروا منهم الخبز، فكثيراً ما تجد عند فرن ابن العميد في ركن الدين نساء طاعنات في السن حاملين الخبز ومتجهين إلى نوافذ السيارات لبيعهم.

ولم يكن حال المرأة السورية اللاجئة أفضل، إذ تعاني المرأة في دول الجوار من مرارة العيش وقلة الدخل، حيث أشار تقرير خطة الاستجابة الإقليمية للأمم المتحدة أن الإناث السوريّات يشكلن 48.5% من اللاجئين في دول الجوار، وهؤلاء النسوة يعملن أيضاً لساعات طويلة مقابل أجور متدنية.

وفي ذات السياق، يشير تقرير لمركز "مداد" المؤيد لنظام الأسد إلى أن العديد من النساء السوريات فقدت وظائفهن نتيجة الحرب، وخصوصاً في القطاع الخاص، وذكر أن نسبة الفقر في سوريا تصل إلى 67%، كما أن الإحصاءات  المنشورة في جريدة "تشرين" في 19-3-2017 تشير إلى حاجة الأسرة السورية شهرياً إلى 290 ألف ليرة سورية ما يضع المرأة السورية أمام تحدٍ كبير لإبقاء أسرتها على قيد الحياة.




المصدر