(تحرير الشام) في إدلب …تصعيد مصيره الحتف


آلاء عوض

تذهب بعض التحليلات السياسية إلى أن سيطرة (هيئة تحرير الشام) على إدلب ستقود إلى نتائج لا تُحمد عقباها، إذ سيعطي مبررات بأن إدلب تجمّع للمتشددين، فيما يقول آخرون أن (تحرير الشام) قضت على نفسها بهذا التصعيد، ونهايتها باتت وشيكة.

حول آخر التطورات في إدلب، قال الكاتب والمعارض السوري ميشيل كيلو لـ (جيرون): “ما حدث في إدلب هو آخر محاولة يقوم بها فصيل إسلامي لمقاومة إمكانية تأسيس أرضية معقولة لحل سياسي، (تحرير الشام) أو (النصرة) تنظيم يؤمن بثورة عابرة للحدود، ثورة إسلامية تقوم على مفهوم منْ ليس من (النصرة) يكاد يكون كافرًا، إذًا هذا التنظيم لا يؤمن بشيء اسمه الوطنية السورية ولا بسورية وطنًا للسوريين، ولا يريد أي حل سياسي في سورية يتعارض مع قناعاته الأيديولوجية، أي مع قيام دولة إسلامية في سورية، وبقيادته حصرًا”.

واعتبر أن ما قامت به الهيئة مؤخرًا ببسط سيطرتها على مناطق جديدة في إدلب ما هو إلا آلية استباقية للدفاع عن النفس مصيرها الفشل، وأوضح: “تعتقد (هيئة تحرير الشام) بوجود خطر زاحف عليها، وهو تأسيس مناطق (خفض التوتر)، بتوافقٍ دولي، واعتراف بأنها منفصلة عن النظام، وهي بذلك حفرت قبرها بيدها، ولن تنجو كما تعتقد، بل على العكس أوقعت نفسها في الحفرة المميتة”.

حول مآلات هذا التطور عدّ كيلو أن هذا الحدث سيقود إلى عدة فصول، جميعها تنتهي إلى إبعاد (تحرير الشام) عن إدلب، وقال: “من الممكن أن تستغل روسيا هذا التطور، مع العلم أن موسكو هي التي منعت النظام وإيران من التقدم نحو إدلب بعد حلب،  غيرَ أن المصالح اليوم تبدو أكثر تعقيدًا، هناك ما تريده روسيا وهناك مصالح لتركيا أيضًا، الهيئة انسحبت مؤخرًا من الحدود مع  لبنان، وإذا لم تنسحب من إدلب فسنشهد فصلًا عنيفًا من الحرب ضدها”، معتبرًا أن مستقبل إدلب النهائي “هو منطقة منخفضة التوتر، جزء من الساحل ملحق بها، وجزء من شمال حمص، وهو اتفاق دولي، وستخرج (النصرة) من إدلب شاءت أم أبت، ولن يؤثر التطوّر الأخير على مسار العملية السياسية، كون النصرة أخرجت نفسها منذ البدء من الحل السياسي وراهنت على العسكري”.

من جانبٍ آخر، عدّ العميد أسعد الزعبي، أن سيطرة (هيئة تحرير الشام) على إدلب تندرج ضمن مسلسل توفير الذرائع للمجتمع الدولي، وللأطراف المُتدخّلة في القضية السورية بأن إدلب هي حاضنة للإرهاب، وقال لـ (جيرون): “يوجد مساع لتحويل إدلب إلى إمارة للنصرة، وآخرها إبعاد عناصر (تحرير الشام) من الحدود اللبنانية إلى إدلب، ما قامت به الهيئة أخيرًا من بسط سيطرتها على إدلب، يصبّ في إطار توفير تربة خصبة للتدخل العالمي ضد سورية، وتهيئة بيئة للتقسيم، وتوفير حجج للعالم لإبقاء النظام”.

وأضاف: “لا شكّ أن مستقبل إدلب غير مريح، ولا سيّما إن طال مكوث الهيئة فيها، ولم يُتوافق على حل دولي بإبعادها، ولو حصل ذلك، فنحن مقبلون على حروب ونزاعات، وعلى الأقل عمليات عسكرية محدودة في القدرات وواسعة في الزمان، وهو ما سينعكس على الأهالي المدنيين”.

وحول وقف الدعم الأميركي المحدود للفصائل المعتدلة، إنْ كان ساعد في سيطرة (تحرير الشام) على إدلب علّق كيلو: “لا يرتبط وقف الدعم الأميركي بهذا الحدث. أميركا تعطي القتال ضد (داعش) أولوية مطلقة، وترفض بعض التنظيمات أن تتعامل مع الولايات المتحدة في إطار هذا الفهم، وتريد أن تستمر في قتال النظام فقط، على الرغم من أن الولايات المتحدة أعلنت أن المناطق التي تقع تحت سيطرة (داعش) ويتم تحريرها، ستؤول إلى مجالس مدنية تديرها المعارضة. هذه الفصائل تضيع على السوريين فرصة استرجاع مناطق من (داعش) لتكون تحت إدارة المعارضة، يوجد مساحات شاسعة بين حدود العراق وشمال وشرق حلب، كان يمكن أن تقع في أيدي مجالس محلية تابعة للمعارضة، وتعتبر مناطق محررة ومنفصلة عن النظام، وهي تعادل أكثر من ثلث سورية، ولكن بالغباء الأيديولوجي دائمًا تضيع الفرص”، معتبرًا أن “تلك الفصائل التي ترفض قتال (داعش) وتصرّ على قتال النظام ليست محسوبة على الجيش الحر الذي قاتل (داعش) كما النظام دون أدنى تردّد”.

في الموضوع ذاته، أكّد المحلل العسكري عبد الله هوشة لـ (جيرون) أن “ما يجري على الأرض، ليس في إدلب فقط، وإنما على مجمل الساحة السورية، هو ترتيب للأوضاع الميدانية، كمدخل لحلّ سوف يفرضه الخارج عبر توافق دولي، ربما يرى أن أوانه قد آن، ولن يكون لنا، نحن -السوريين- أي دور فيه. وفي هذا السياق، تعاملت الفصائل المقاتلة جميعها على الأرض، بقصور سياسي ليس له مثيل”.




المصدر