حجر رشيد.. متى تسترده مصر؟


muhammed bitar

في فيلم “امرأة من ذهب” (2015) للمخرج أوين غلايبرمان، تحدثت الممثلة هيلين ميرين عن مفهوم الاسترداد، أي إعادة الشيء إلى مكانه الأصلي. تقول “علينا استرداد ما لنا، لوحة “بورتريه أديل بلوخ – باور”، نحن نتخيل النمسا ومتحف البلفيدير بدونها” وذلك في معرض حديثها عن أحقيتها (تؤدّي دور امرأة من أسرة بلوخ – باور) في استرداد اللوحة التي نهبها النازيون من أسرتها، وظلّت تعرضها النمسا في متحف “البلفدير” كجزء من تراثها قبل استردادها عبر القضاء في 2006 (جرى بيعها لاحقاً وتُعرض حالياً في نيويورك).
عند الحديث عن النهب والاسترداد، يمكننا أن نفتح ملفاً متخماً بالقطع الأثرية التي تم الاستيلاء على أغلبها خلال الاحتلالين الفرنسي والإنكليزي لمصر ومنها ما تم نهبه بعدها.
في ذكرى اكتشاف حجر رشيد، هذا الشهر، باتت الحاجة ملحة لفتح هذا الملف من جديد خاصة إذا تعلق بالحجر الذي كان اكتشافه بمثابة البوابة التي كشفت أسرار الحضارة المصرية القديمة بعدما استطاع عالم الآثار الفرنسي جان فرانسوا شامبليون فك رموز اللغة الهيروغليفية، فقد أتاح حجر رشيد مقارنة النص الهيروغليفي بلغتين معروفتين: الديموطيقية واليونانية القديمة حيث توجد ثلاثة نصوص تحمل نفس المضمون.
لكن الحديث عن استرداد حجر رشيد وغيره من الآثار المصرية يحمل وجهتي نظر متعارضتين، تنطلقان من السؤال: هل من حق مصر المطالبة باسترداد حجر رشيد؟ ولماذا؟

من زاوية قومية، يرى الأثري المتخصّص في المصريات، بسام الشماع، في حديث إلى “العربي الجديد” بـ “أحقية مصر في المطالبة بحجر رشيد، ليس فقط من الناحية الثقافية والحضارية، إنما أيضاً من الزاوية القانونية”. يقول الشماع إن “مرسوم محمد علي الصادر عام 1835 والذي كان بمثابة قانون أو دستور مصر في ذلك الوقت يحظر حظراً تاماً خروج الآثار من مصر، ووفقاً لهذا المرسوم -إن تم الاحتكام إليه- فإن أغلب القطع الأثرية التي خرجت من مصر بعد صدور هذا المنشور سواء نهباً أو إهداءً من العائلة الملكية يحق لمصر استردادها إذا احتكمت لمحكمة دولية”.
يضيف الشماع: “من المؤكد أن المرسوم موجود بدار الكتب والوثائق القومية أو في أرشيف وزارة المالية المصرية، لا يحتاج فقط سوى من ينتشله من التراب ويظهره كمستند موثوق في مسألة استرداد الآثار”، كما يشير إلى انتهاء عصر الدبلوماسية المخملية التي تخجل من المطالبة بحق مواطنيها باسترداد تراثهم المنهوب.
مسألة الاسترداد لا ينظر لها الكاتب المصري وجدي الكومي من نفس الزاوية، يقول لـ “العربي الجديد”: “خارج مصر توجد وسائل حفظ الآثار أفضل، على سبيل المثال تمثال نفرتيتي في برلين يحتل طابقاً بأكمله، والآثار المصرية بالخارج خير رسول للحضارة المصرية القديمة، كما أن وسائل الترميم في مصر غير علمية وخير مثال ما حدث لقناع توت عنخ آمون من تلف إثر ترميمه بصورة اعتباطية”.
يعارض الشماع وجهة النظر هذه، مشيراً إلى ما حصل لمسلّة رمسيس الثاني في ميدان كونكورد في باريس وقد تعرضت لشرخ كبير وتم ترميمها بشكل بدائي واضح، يقول: “الحديث عن أن من نهبونا يحق لهم الاحتفاظ بما نهبوه لأنهم الأبرع في الصيانة والترميم لم يعد سوى ردّ نمطي غير واقعي” معتبراً أنها “نظرة انبطاحية”.
كان بسام الشماع قد أطلق حملة “استرداد الخمسة الكبار”، وهي خمس قطع أثرية على قائمة الآثار اللازمة الاسترداد على رأسها حجر رشيد أو لوحة رشيد الحجرية كما يسميها، وتمثال حم ايونو – وهو تمثال المهندس المعماري الذي صمم الهرم الأكبر ولا يوجد له سوى تمثال واحد فى العالم بحوزة ألمانيا- ورداء كتاني يعود عمره لـ 4950 سنة ماضية، تم اكتشافه في منطقة طرخان (50 كيلومتر جنوب القاهرة) وموجود بحوزة بريطانيا، وعملة معدنية في المتحف البريطاني عليها صورة كليوباترا، ورأس نفرتيتي في برلين.




المصدر