الطبابة ملف درعا الساخن ينتظر تثبيت الهدنة


آلاء عوض

يعوّل أهالي درعا على فرصةٍ جدّية لوقف إطلاق النار، تمنحهم القدرة على ترتيب شؤون معاشهم بعد أن استهلكهم القصف، واستنزف إمكاناتهم المادية والمعنوية، ويرون أن الملف الطبي يأتي في رأس الاحتياجات، في حال ثبات الهدنة، لا سيّما أن ما تبقى من القطاع لا يغطي العجز، في ظل انتشار الأمراض الوبائية، وتفاقم إصابات ما بعد الحرب.

عاملون في الشأن الطبي أكدوا لـ (جيرون) أن هذا الملف : “مهمَلٌ تمامًا، ويعاني من شحٍّ في الإمكانات، لعلة الحصار المفروض على درعا منذ 4 أعوام”، لافتين إلى أنه “على الرغم من دخول بعض المستلزمات الطبية الأممية، عن طريق الأردن إلى درعا، إلا أنها لا تسدّ الحاجة”، مشددين على أن الحملات الكثيفة التي شنتها قوات النظام، بغطاء جوي روسي، خلال الأشهر الماضية، أسهمت في تراجع الإمكانية؛ إذ استُهدفت الكثير من النقاط الطبية، ما أسفر عن خروجها عن الخدمة جزئيًا أو كليًا، فضلًا عن تعطيل أجهزة طبية ليس من السهل تعويضها”.

وأفاد بيانٌ صادر عن مديرية صحة درعا -وصلت (جيرون) نسخة منه- أنّ الحملة الأخيرة لقوات النظام والمليشيات استهدفت “مشفى درعا البلد، أكثر من مرة، محدثةً دمارًا كبيرًا في بنائه وتجهيزاته، كما استهدفت المقاتلات (مشفى عيسى عجاج، مشفى نصيب، ومشفى النعيمة)؛ ما أدى إلى دمار جزئي في أبنيتها ومعداتها”.

وأضاف البيان: “ازداد، في الفترة الأخيرة، انتشار بعض الأمراض الناجمة عن تلوث المياه، وتفشت لتصبح وباءً في بعض المناطق، حيث سُجّل في مدينة طفس وحدها نحو 250 حالة التهاب كبد وبائي، نتيجة تلوث مياه الشرب، وانتشرت هذه الظاهرة في أماكن عدة أخرى”.

طبابة الأطفال

دفع تدهور الإمكانات الطبية، في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في محافظة درعا، الأهالي نحو المراكز الطبية في المناطق التابعة للنظام، لعلاج أبنائهم المصابين بأمراضٍ وبائية، وفي هذا الجانب، قال الطبيب يعرب عبد الفتاح من درعا لـ (جيرون): “تنتشر بين الأطفال أمراض التهاب الكبد والحمى التيفية، بسبب تلوث المياه، إضافة إلى الحصبة نتيجة ضعف اللقاح، إضافةً إلى ندرة الحواضن ومستلزماتها بالنسبة إلى الأطفال الخُدّج، يضاف إلى ذلك عدم وجود أقسام مختصة تعنى بالصحة النفسية للأطفال الذين يعانون من مشكلات نفسية واضحة، باتت أعراضها تتفاقم بسبب الإهمال”.

وأكد بيان الصحة أن “المشكلة الأكبر التي تواجه الأطفال الخُدّج هي قلة عدد أجهزة الحواضن، وعدم وجود قسم عناية حواضن، بتجهيزاته الطبية من أجهزة ومواد طبية، إذ لوحظ، في الفترات الأخيرة، ازدياد الإحالات باتجاه مناطق النظام للأطفال الخدج، ممن احتاجوا إلى مَنافس أو قسم عناية حواضن”.

بدوره رأى عماد البطين نائب رئيس مجلس محافظة درعا أنّ نقص المعدات الطبية من أجهزة تخصصية، وصعوبة صيانة المُعطّلة منها، مشكلة رئيسة، يمكن -إذا تم تداركها- النهوض بالقطاع الطبي، وقال لـ (جيرون): “مَنَع الحصار المفروض منذ 4 أعوام دخول أيّ مواد طبية؛ ما أدى إلى عجز في عمل المستشفيات، كما لا يسمح بإدخال بدائل عن الأجهزة المُستهلكة، لا عن طريق دمشق ولا الأردن”، مشيرًا إلى “أن الحملة الروسية الأخيرة أخرجت معظم أجهزة غسيل الكلى عن الخدمة، كما يوجد معدات أخرى توقفت عن العمل لكثرة الاستعمال”.

واعتبر البطين أن تيسير دخول الأجهزة الضرورية والدعم من شأنه أن يسرّع في عملية النهوض بهذا القطاع، مؤكدًا أنه “في حال توفر الدعم؛ فإن إعادة بناء الملف الطبي في درعا لا تحتاج إلى أكثر من عام واحد، لأن الإمكانات الطبية من أطباء وممرضين متوافرة، فيما عدّت مديرية صحة درعا “أن إعادة ترميم المراكز الصحية والعيادات الطبية في درعا تحتاج إلى فترة، تراوح بين 5 إلى 10 سنوات، والاحتياجات الأكثر إلحاحًا في الوقت الحالي هي بعض الأجهزة النوعية التي تفتقر إليها المشافي والمراكز الطبية، ومنها أجهزة حواضن الأطفال وغسيل الكلى والطبقي محوري”.

وفي التاسع من تموز/ يوليو الماضي، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار، بين قوات النظام وفصائل المعارضة جنوب غربي سورية، بعد اجتماعات غير معلنة، استمرت عدة أشهر، بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والأردن، ويُتوقّع في إثرها إعادة البناء والنهوض في عدد من القطاعات الحيوية.

وبهذا الخصوص قال عبد الفتاح: “لا أظن أن مرحلة إعادة البناء بدأت؛ لأن التهدئة ليست مستقرة، والنظام وروسيا لم يكفا عن القصف، وربما عمدوا حاليًا إلى نقل المعركة إلى مكان آخر، فهم في الوقت الراهن يمارسون تصعيدًا شرسًا على الغوطة الشرقية، على الرغم من أنها مشمولة في مناطق (خفض التوتر)”، وأضاف: “إعادة بناء الطبابة في درعا تحتاج إلى قرارٍ دولي، ودعمٍ على مستوى حكومي، وإذا تم التوافق على هذا القرار، فإن النهوض بهذا الملف لا يحتاج إلى أكثر من 6 أشهر”.




المصدر