هل السيطرة على دير الزور بالسهولة التي يتوقعها نظام الأسد؟.. هذا ما تكشف عنه الوقائع
15 آب (أغسطس - أوت)، 2017
ياسر العيسى
نالت دير الزور خلال الأيام الماضية، الجزء الأكبر من اهتمام نظام الأسد والإعلام الموالي له ومن بينه الروسي، وتركز هذا الاهتمام على الترويج لقرب سيطرة قوات النظام على محافظة دير الزور، في تسابق مع سعي أمريكي لها.
التسريبات الإعلامية ومن بينها ما ذكرته صحيفة “الغد” الأردنية في الـ3 من الشهر الجاري، تفيد بأن الفصائل العاملة في البادية على الحدود السورية الأردنية وتضم في غالبيتها عناصر من أبناء المنطقة (على رأسها جيش مغاوير الثورة)، ستتولى مهمة استعادة السيطرة على دير الزور بدعم أمريكي، وستكون الشدادي في ريف الحسكة الجنوبي ستكون هي المنطلق.
بعد ذلك خفت التصريحات والتسريبات المتعلقة بهذه الخطوة، وسط معلومات تفيد برفض هذه الفصائل العمل على “تحرير” دير الزور تحت قيادة ميليشيا “قوات سوريا الديمقراطية”، واشتراطها العمل وحيدة لاستعادة السيطرة على محافظتهم.
معركة السيطرة على دير الزور صرح بها النظام على لسان كبار مسؤوليه، وكان من بينها ما قاله نائب وزير خارجية نظام الأسد، فيصل المقداد في الـ7 من الشهر الجاري لقناة “سي ان ان” الأمريكية، وأكد أن أولوية المعارك في المرحلة الحالية هي “تحرير البادية السورية وصولاً إلى دير الزور بالتعاون مع الأصدقاء الروس وسائر الحلفاء”.
النظام روج في هذا الإطار لمعارك بادية تدمر وصولاً إلى السخنة، وأعلن السيطرة علي الأخيرة خلال اليومين الماضيين للوصول إلى دير الزور، والتي قد تكون مؤقتة بحسب ما تشير إليه تعليقات لمؤيدي “تنظيم الدولة” على وسائل التواصل الاجتماعي، مذكرة بتمكن التنظيم من استعادة تدمر قبل أن يسيطر عليها الروس والنظام مؤخراً.
ما بعد السخنة، يتوقع أن يكون الهدف التالي لقوات النظام هو كباجب (نحو 80 كم جنوب دير الزور)، إلا أن أراء المختصين تفند ما يروج له نظام الأسد، وتؤكد أن الواقع يختلف كثيراً.
الصحفي المختص بالشؤون العسكري راني الجابر أكد لـ”السورية نت”، أن الوضع في دير الزور “يعتبر وضعاً معقداً بامتياز”. مشيراً إلى أن “النظام الذي يضخ إعلامياً في المعركة بدعم من الروس، معلناً عن تقدم سريع في الصحراء، ما يزال عاجزاً عن تحقيق نصر حقيقي وحاسم”.
وأضاف: “الدليل هو تلكؤه الشديد وفتحه لأكثر من جبهة شمالي غربي وجنوبي غربي دير الزور وتعثر معاركه في عقيربات ومحيطها، والتي قرر بسبب عجزه في ريف حماة وحمص الالتفاف وتجاوزها”.
ورأى الجابر، أنه رغم تركيز النظام على دير الزور، إلا أنه ما يزال يفصله عنها من جهة السخنة أكثر من 100 كم، و”لن يكون التقدم فيها سهلاً كما يروج، خصوصا أنه يعاني من تآكل قواته وخسائرها الكبيرة، والتي قد تصل إلى 50 إلى 100 عنصر ما بين قتيل وجريح يومياً”.
ونوه الجابر، إلى أن النظام ترك طريق دير الزور – تدمر قبل 4 سنوات، بعد أن تحولت إلى منطقة كمائن ضد أى رتل يتحرك له، و”هو يعاني نفس المشكلة اليوم، لأنه غير قادر على المحافظة عليها بشكل كامل، بسبب حجم القوات الكبير المطلوب لحمايتها، ووجود جيب ضخم لتنظيم الدولة يمتد بين ريف حماة وحمص، بشكل منطلقاً للتنظيم لتنفيذ عمليات ضد النظام في البادية السورية”.
وتابع: “هذا يعني أنه لن يكون قادراً على توفير دعم كامل لقواته عبر هذا الطريق، ولن يكون كذلك قادراً على تركيز قواته في معركة دير الزور، فهي منتشرة بشكل جبهة طولها أكثر من 200 كم من الصحارى، التي يسعى لحصار التنظيم فيها بعد عجزه عن السيطرة عليها”.
وختم الجابر حديثه بالقول: “النظام يتحدث عن دير الزور والتقدم إليها، لكنه ما يزال بعيداً عنها، وهو لا يمتلك فعلياً قدرة الحسم، بسبب ضخامة المعركة القادمة في دير الزور، واحتمالية فتح معارك في إدلب، الأمر الذي يهدد خطة النظام العسكرية فعلياً، فهو يبرد الجبهات بدعم روسي للتفرغ لدير الزور ، التي يوجد فيها ثلاث مدن على الأقل (دير الزور – الميادين – البوكمال) ومعركتها ستكون بحجم أو أكبر من معركة الرقة، ما يؤكد أن الحسم ما زال بعيداً، وسط احتمالات متعددة لحصول مفاجآت، مرتبطة بتغير الوضع العسكري في سوريا ككل”.
يذكر بأن دير الزور ( 33 ألف كم والمحافظة الثانية من حيث المساحة بعد حمص )، تخضع أغلبها لسيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” منذ نحو ثلاث سنوات، وما تزال بعض أحياء المدينة الغربية، وحي في شرقها تحت سيطرة قوات النظام، إضافة إلى المطار ولواء عسكري ويحاصرها التنظيم، ولم تنفع محاولاته منذ أكثر من عامين ونصف العام من السيطرة عليها.
ويقسم “تنظيم الدولة” دير الزور إدارياً إلى ثلاث مناطق، وهي “ولاية دير الزور” التي تشمل كافة مناطق المحافظة تقريباً، البوكمال وقراها (شرقاً على الحدود العراقية وصفنها ضمن ولاية الفرات مع مدن وقرى عراقية)، وأخيراً “ولاية البركة” وتشمل عدد من مدن وقرى المعروفة بدير الزور جزيرة.
[sociallocker] [/sociallocker]