من أحضان الإيرانيين إلى الروس.. سهيل الحسن صاحب الخضوع المتبدل لحلفاء الأسد يجسد أزمة ولاء يعاني منها النظام



السورية نت - مراد الشامي

يعتبر العقيد سهيل الحسن الملقب بـ"النمر"، من بين أبرز القادة العسكريين في قوات نظام بشار الأسد الذي يحظى باهتمام من قبل حليفتي النظام روسيا وإيران، مجسداً حالة من الولاء المتبدل بين القوتين اللتين تنتشر عناصرها في الأراضي السورية.

ولم يكن الحسن قبل بدء الثورة السورية معروف لدى السوريين والمتابعين للشأن السوري، وبرز اسمه مع الحملات العسكرية الشرسة التي خاضها ضد المدن السورية الثائرة ضد النظام، وعُرف عنه اتباعه سياسة "الأرض المحروقة" ضد المناطق التي يهاجمها.

وشكل الحسن هالة لنفسه جعلته محبوباً لدى الحاضنة الشعبية للنظام، التي تغنت به في بعض الأحيان أكثر من رأس النظام بشار الأسد، إذ ظهر الحسن بصورة القائد الذي يخوض المعارك ويدلي بالتصريحات على وقع مدافعها، حتى أنه خلال لقائه بمجموعة من مقاتلي النظام صرخ هؤلاء "لبيك يا نمر"، وهو شعار غير معتاد على ألسنة قوات النظام التي كانت تهتف دائماً لبشار الأسد.

لكن هذا الضابط يجسد بنفسه حالة عامة يشهدها ما تبقى من جيش نظام الأسد، وهي طغيان ولاء ضباط الأسد لحلفاء النظام على حساب النظام نفسه.

لا ينكر الحسن ولا المتابعين لقصة صعوده في سوريا دور إيران في تصديره بالمشهد العسكري في سوريا، إذ مدته بالمقاتلين والدعم المادي واللوجستي، وجعلته عراباً لـ"القوة الضاربة" التي شكلها "الحرس الثوري" الإيراني في سوريا عام 2014، والتي بدأت عملها في محافظة حماه آنذاك.

وسخرت طهران هذه القوة لدعم الحسن في معاركه ضد مقاتلي المعارضة، مهيئة له أسباب التقدم في المعارك التي قتَل فيها أعداداً كبيرة من المدنيين لتحقيق "نصره المنشود"، عبر سياسته القائمة على إنهاك المناطق المُهاجِمة بالقصف العشوائي ثم الدخول إليها على أنقاض الركام.

وقبل أن تبدأ روسيا بشن أول غارة لها في سوريا في سبتمبر/ أيلول 2015، كان الحسن لصيقاً بالأهداف التي تسعى إيران إلى تحقيقها في سوريا، فخاض معاركها التي رأت في كسبها توسعاً لنفوذها في سوريا، لا سيما في غرب البلاد التي حرصت إيران على الوجود والتمترس فيها منذ بداية مساندتها للأسد.

وقَِبل الحسن بوضع ولائه على طاولة ضباط "الحرس الثوري" الإيراني، وصار في خطاباته يستخدم مصطلحاتهم وخطابهم الذي اعتمدوه لتبرير تدخلهم في سوريا، وكان قد ظهر في إحدى مقاطع الفيديو وهو يستخدم كلمة "مجاهدين"، ويتحدث عن ظهور "المهدي المنتظر" وهو ما كان الإيرانيون يرغبون بالترويج له، وشكر مراراً الإيرانيين على قدومهم إلى سوريا وتقديم الدعم للنظام.

ثم ظهر في تسجيل آخر، مبدياً إعجابه بزعيم ميليشيا "حزب الله" (أحد أبرز أذرع إيران في المنطقة العربية)، وقال: "أنا لست أكثر من خيط في عباءة سيدي وشيخي الجليل حسن نصر الله".

وحالة الولاء تبدلت لدى الحسن منذ أن وطأ الجنود الروس أقدامهم في سوريا، فأصبح الحسن الضابط المدلل لدى روسيا، وأبرز القادة التي تعتمد عليه موسكو لخوض معاركها على الأراضي السورية، حتى أنه كُرّمَ مراراً من قبل الضباط الروس.

ونشرت حسابات روسية ومواقع موالية للنظام على وسائل التواصل الاجتماعي، اليوم السبت 19 أغسطس/ آب 2017، مقطع فيدية لتكريم "فاليري غيراسيموف" رئيس هيئة الأركان الروسية للحسن، ونقل له رسالة تقدير من وزير الدفاع الروسي "سيرغي شويغو" وأهداه سيفاً روسيا.

ونشرت وزارة الدفاع الروسية تسجيلاً مصوراً لرئيس الأركان الروسية، وهو يشكر الحسن، ووقف الحسن وهو يصغي لكلمات المسؤول الروسي قبل أن يضرب له تحية عسكرية، بدا فيها وكأنه يحيي قائده الأعلى.

ولم يخفِ الحسن ولائه الشديد لروسيا، إذ قال خلال تكريمه للمسؤول الروسي أنه مستعد "لقتال الإرهابيين حتى القطب الشمالي".

وكان الحسن قد ظهر في فيديو يوم 11 أغسطس/ آب الجاري كقائد لعملية إنزال جوي قال النظام إن قواته نفذتها خلف خطوط مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" عند الحدود الإدارية بين محافظتي حمص والرقة، وقالت روسيا إن الإنزال تم بدعم منها، فيما ظهر الحسن وكأنه أحد جنودها عندما كان يُخبر بقية العناصر بخطة الإنزال.

ويعد الحسن الحالة الأكثر وضوحاً لأزمة الولاء التي يعاني منها نظام الأسد مع قواته،  الذين مع استمرار المواجهات في سوريا، يجدون أنفسهم أمام نفوذ عسكري روسي وإيراني بإمكانه إحداث تغييرات داخل جسم "جيش النظام"، ما يدفعهم إلى تغيير ولاءاتهم حفاظاً على مناصبهم.

وشهدت السنوات الماضية ترك مقاتلين لجيش النظام، وانضمامهم إلى الميليشيات التي تدعمها إيران التي أغرتهم بالأموال والمناصب، وتمكنت من شراء ولاءاتهم حتى بات هؤلاء المقاتلين يجدون أنفسهم فوق سلطة الفروع الأمنية لنظام الأسد، مستغلين دعمهم من قبل "الحرس الثوري" الإيراني.

يذكر أن الحسن من مواليد 1970، وكان قد تلقى تدريبات في إيران وروسيا، وانتقل إلى إدارة المخابرات الجوية وأشرف على تدريب المقاتلين في "فرع المهام الخاصة" وتدريب عناصر أمن المطار، ولمع اسمه خلال االمعارك التي قادها في ريف حماة وريف اللاذقية صيف العام 2013.

ويشار إلى أن الاتحاد الأوروبي أصدر قراراً بمنع سفر "النمر" إلى أوروبا، ويقول مقربون منه إنه حين سمع الخبر الخاص بالعقوبات الأوروبية التي فرضت عليه ضحك بسخرية وقال: "نحنا معتبرين أوروبا مو موجودة عالخريطة مو هيك قال المعلم (يقصد وليد المعلم وزير خارجية النظام النظام الذي صرح بأن أوروبا غير موجودة على الخريطة)".




المصدر