روسيا تضمن حقول النفط في ريف حمص الشرقي وتسابق أميركا شرقا


القدس العربي

أطبقت قوات النظام الحصار على منطقة عقيربات في ريف سلمية الشرقي في عمق البادية السورية. وشنت هذه القوات، مدعومة بميليشيا الدفاع الوطني، هجوما من محورين لعزل ناحية عقيربات التي يسيطر عليها تنظيم «الدولة الإسلامية» بمناطق البادية وريف حمص الشرقي.
وتقدمت قوات النظام من محور شمالي انطلاقا من اثريا باتجاه وادي سقرق، التي تقدم إليها المقاتلون الذين انطلقوا من منطقة تدمر شرقا لتحاصر نحو ثلاثين قرية شرق محافظة حماة في منطقة عقيربات.
ومع نجاح التقدم والحصار زجت قوات النظام بأعداد كبيرة من المقاتلين لقطع المستطيل الذي يصل بين السخنة شمال تدمر وطريق اثريا – الطبقة شمالاً.
وتحاول قوات النظام تقطيع ريفي حمص وحماة الشرقيين بعد عزلهما إلى جيوب صغيرة بهدف تسهيل السيطرة عليهما، ويبرز الدور الروسي واضحاً من خلال كثافة القصف العنيف على منطقة عقيربات، إذ تعرضت المنطقة، التي يُحاصر فيها أكثر من 15 ألف مدني، إلى مئات الغارات الجوية الروسية، أوقعت نحو 100 قتيل جلهم من الأطفال.
«هيئة تحرير الشام» حاولت كسر الحصار عن المدنيين في عقيربات، ونفذت هجوماً على حاجز الشيخ هلال شرق، على طريق السلمية خناصر شرق السعن. لكنها لم تتمكن من فتح ثغرة كبيرة أو السيطرة على الحاجز. ورفض تنظيم «الدولة الإسلامية» تنسيق العمل مع الهيئة، حسب ما أوردت مصادر مقربة من قطاع البادية التابع للهيئة. وقالت المصادر إن «داعش اشترط إدخال الذخيرة والمحروقات مقابل تنسيق عمل عسكري في الشيخ هلال لكسر الحصار وإخراج المدنيين العالقين في المنطقة».
إلى ذلك، ركز تنظيم «الدولة» قصفه على عدة قرى وبلدات يسيطر عليها النظام شمال وشرق سلمية، لتخفيف القصف على المناطق التي يحاصر فيها في عقيربات والقرى المحيطة.
وتأتي العملية العسكرية للنظام بعد أيام من فشل سيطرته الكاملة على بلدة السخنة شرق تدمر، وفشله في محيط معدان غرب دير الزور. ويمكن تفسير أسباب العملية وأهدافها كما يلي:
– الاستفادة من الفراغ الكبير لانشغال مقاتلي التنظيم في عدة جبهات أهمها السخنة ودير الزور، وهو ما سهل عملية التقدم السريع لقوات النظام والميليشيات، إذ حوصرت المنطقة بأقل من ثلاثة أيام.
– الرغبة الروسية بتأمين حقول النفط والغاز شمال طريق حمص تدمر، والتي تعتبر أهم مصادر التمويل للتنظيم في منطقة البادية. وقد قام بتفجير محطة جحار قبل انسحابه منها قبل عدة أشهر. وقد خسر حقل المهر أيضاً، وحقل جزل بشكل شبه نهائي حيث تدور المعارك إلى الشمال منه ويتبادل الطرفان السيطرة منذ عدة أيام.
– رغبة قوات التنظيم بتغيير التكتيك العسكري الهجومي المتبع والذي أدى إلى مقتل أكثر من 200 عنصر من عناصر التنظيم في منطقتي سالم العلي والبوحمد غرب معدان. فقد تابع العقيد سهيل حسن، قائد قوات النمر، الهجوم الخطي إلى معدان دون تأمين الجانب الأيمن الواصل إلى البادية. وهو ما أوقعه في فخ التقدم في مناطق صحراوية شبه خالية دون وجود لأي مقاومة تذكر، ثم قام التنظيم بهجمات معاكسة على عدة نقاط تمكن من أسر عدد من الجنود وإعدامهم ميدانياً. ونقل شاهد عيان خرج من منطقة معدان حديثا إلى منطقة سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية، «قسد»، في حديث مع «القدس العربي»، أن التنظيم» سحل أكثر من 50 جثة لمقاتلي النظام في بلدة المعدان تعبيراً عن انتصاره في صد الهجوم».
– ويعتبر تأمين ريفي سلمية وحمص الشرقيين سبباُ إضافياً لا يمكن إغفاله بسبب وجود عدد كبير من القرى ذات الأغلبية العلوية المؤيدة للنظام، والتي ينتسب مقاتلوها إلى عدة ميليشيات أهمها جيش الدفاع الوطني وصقور الصحراء، حيث هجرها الكثير من أهلها باتجاه سلمية ومدينة حمص.
– السيطرة على الجبال الاستراتيجية التي اتخذها التنظيم مركزاً له وحصنها هندسياً من خلال حفر كهوف كبيرة، واعتمادها كمستودعات للذخائر والأسلحة والوقود هي الأهم على الإطلاق في منطقة البادية السورية.
وتعتبر العملية تأمينا لظهر قوات النظام في معركتها المرتقبة على دير الزور، ومن المرجح أن التعثر الكبير لقوات العقيد سهيل الحسن في معدان ستغير محور الهجوم ونقله إلى تركيز الضغط على بلدة السخنة، على اعتبار أن الطريق سالك بين السخنة ودير الزور. فهو خال من المدن والبلدات وهو عبارة عن أرض منبسطة يمكن أن يستهدف النظام أرتال التنظيم بشكل أسهل، عكس منطقة وادي الفرات الواصلة بين معدان ودير الزور.
في المقابل فإن تأمين الطريق بين السخنة ودير الزور يحتاج إلى أعداد كبيرة من مقاتلي النظام والميليشيات، وستتعرض بطبيعة الحال إلى هجمات متكررة من انغماسيي التنظيم، وهو ما تكرر في عدة نقاط في عمق البادية قرب الوعر حيث شن التنظيم هجمات يومية على النقاط، قتل خلالها عشرات المقاتلين، حسب العديد من الفيديوهات المصورة التي بثتها وكالة «أعماق» المقربة من التنظيم.
وتبقى السيطرة على حقول النفط في جبل الشاعر وسلسلة الجبال التدمرية أهم أهداف العمليات اليوم، فروسيا تستعجل الاستثمار النفطي عبر شركاتها في المناطق التي طردت منها تنظيم «الدولة» مؤخراً شرق القريتين، وتريد تأمين خط النفط الواصل بين دير الزور ومصفاة حمص قبل أي تغير في واقع السيطرة المتبدل بشكل يومي، في ظل السباق الأمريكي للسيطرة على شمال دير الزور.

(*) كاتب سوري




المصدر