المنطق



مصطلح يوناني مشتق من كلمة (logiké) ويعني (النطق) أو (اللفظ)، ويراد به الدلالة على العقل الذي يحاكم المعطيات، من خلال البحث والتحليل والاستدلال والتفكير، وهو فرع من فروع الفلسفة، يستند إلى قواعد وطرق تفكير عقل الإنسان، وأطلق عليه الفارابي (رئيس العلوم).

ويعني أيضًا إرجاع الأحداث والأشياء والظواهر إلى مسبباتها وقوانينها، من خلال التفكير السليم بها، بالاعتماد على ضوابط محددة؛ بهدف الابتعاد عن الخطأ والمغالطات التي لا يقبلها العقل، وبالتالي الحصول على نتائج متماسكة ومفهومة مبنية على استدلال صحيح، يقبله العقل والتفكير.

ينطلق (المنطق) من ثوابت وأسس يقينية غير متبدلة وغير متناقضة، كي لا تعطي نتائج مختلفة ومتباينة، ولكون (اللفظ/ النطق) يعكس فكر الإنسان ومعرفته وتفكيره، سمّي هذا العلم بـ (المنطق)، وهو لا يعني التسليمَ دائمًا ومطلقًا بصحته أو أنه لا يمكن أن يشوبه خطأ ما؛ إذ إن اعتباره كذلك يتناقض مع تعريف نفسه أصلًا؛ لكون العلم والمعرفة دائمًا في حركة تقدم وتطور، وهذا سيؤدي إلى دحض الكثير من المعطيات أو القوانين التي أُخذت على أنها حقائق، في مرحلة ما.

عرفه أرسطو بأنه “آلة تحصيل العلوم”، وكان هو أول من وصفه بأنه علم متكامل مبني على منهج الاستدلال، وبعد تطور العلوم المختلفة في أثناء النهضة الأوروبية وتعدد التخصصات العلمية؛ أخذ هذا العلم بالتوسع في المنهج الذي يستند إليه، فجاء مفهوم الاستقراء المنطقي الذي يُعدّ الفيلسوف والكاتب الإنكليزي (فرانسيس بيكون) من أهم رواده، في القرن السابع عشر، ثم تلاه الفيلسوف والباحث الإنكليزي (جون ستيوارت ميل)، في القرن الثامن عشر، فيما استعمل الفيلسوف والرياضي الألماني (غوتفريد فيلهلم ليبنتز) مفهومَ المنطق الرياضي. وتوسع فيه في القرن العشرين الفيلسوف وعالم الرياضيات البريطاني (برتراند راسل)، ليصبح عِلمًا رياضيًا، وكان العالم الفلكي والفيلسوف الإيطالي (غاليلو غاليلي) قد قال في فهمه لمنطق الفلك: إن “الطبيعة كتبت قوانينها بلغة رياضية”.

عرفه ابن سينا بدوره بأنه “خادم العلوم”؛ وذلك لكونه وسيلة تستند إليها العلوم، وقال عنه ابن خلدون إنه “علمٌ يعصم الذهن عن الخطأ في اقتناص المطالب المجهولة من الأمور الحاصلة المعلومة، وفائدته تمييز الخطأ من الصواب”.

رأى البعض أن علم (المنطق) يدفع إلى التفكير السليم، وبذلك هو يؤدي إلى النقد السليم والمبني على أسس صحيحة؛ وهذا بدوره يغذي مبدأ قبول النقد كونه مبني على منهج سليم، ويجعل الباحثين والمهتمين بمعطيات العلوم الإنسانية وغيرها وكذلك قوانين الحياة؛ يذهبون نحو إرجاع الأشياء والسلوكيات والأحداث إلى أسبابها المنطقية، وأيضًا بوضع قوانين تقود إلى نتائج صحيحة، في كافة التخصصات والعلوم، ويدرس مدى تماسكها؛ ومن هنا تأتي أهمية هذا العلم، كونه يقود إلى التفكير المتماسك والمبني على مقدمات صحيحة، تؤدي بعمل الذهن البشري إلى استقراءات واستنتاجات سليمة.




المصدر
حافظ قرقوط