الائتلاف يرفض مؤتمر إدلب.. والنجار لـ (جيرون): قد نكون مخرجًا للائتلاف



شكّل مؤتمر إدلب الذي انعقد قبل يومين نوعًا من الانقسام في صفوف المعارضة السورية، حيث رفض الائتلاف المؤتمرَ ومخرجاته، وعدّه حالةً من التشويش على القوى الثورية، في حين رأى المتحدث الرسمي باسم المؤتمر أن هذه الخطوة قد تكون مخرجًا للائتلاف، في حال قررت الدول سحب شرعيته، لحساب جسم سياسي جديد.

قرر المؤتمر الذي انعقد يومي 16 و17 الشهر الجاري، بحضور أكاديميين وشخصيات سياسية وعسكرية وإعلامية، إنشاءَ هيئة تأسيسية تسمّي رئيس حكومة لإدارة المناطق الخارجة عن سلطة النظام، كما سيتم تشكيل لجنتين: الأولى مهمتها صياغة الدستور، والثانية تُحضّر لاختيار “مجلس الشورى”.

يرى المجتمعون أن الحكومة التي سيتم تشكيلها ستمتلك الشرعية داخل سورية وخارجها، وأوصَوا بأن تكون العلاقات مع الدول الداعمة للثورة السورية متوازنة، كما رفضوا أي تدخل أجنبي في سورية، أو تقسيمها أو إقامة فدرالية فيها، داعين الفصائل العسكرية المعارضة إلى التوحّد.

يرى عضو الهيئة السياسية في الائتلاف وأمين سرها، يحيى مكتبي أن الائتلاف لا يرى المؤتمر صوابًا، وعقّب مبيّنًا: “الجميع يعلم أن إدلب تحت سلطة (هيئة تحرير الشام) وهي تريد فرض وقائع، من بينها التسلط على الحياة المدنية والجانب التنفيذي لحياة الناس، وهذا مرفوض من قبل المدنيين أنفسهم، وخير دليل على ذلك التظاهرات التي خرجت في بلدات إدلب ضد الهيئة”.

أضاف مكتبي، في تصريحات لـ (جيرون)، أن المؤتمر هو عبارة عن محاولة “لاختراع العجلة من جديد، ثمّة ائتلاف وطني سوري يضم العديد من القوى الثورية المعارضة، وهو يمثل واجهة العمل السياسي، وهناك أيضًا الحكومة السورية المؤقتة والمجالس المحلية التي تعمل على الشق التنفيذي والخدمي للمواطنين”، ورأى أن المرادَ مما خرج به المؤتمر “واضح جدًا، سواء اقتراح كتابة الدستور أو تشكيل حكومة، ونسف كل الجهود السابقة، وكما قلت: هو أشبَه باختراع العجلة من جديد”، وتابع: إن “العنوان الأبرز هو أن نضع خطوطًا واضحة وفاصلة، بين ما هو ضمن المشروع الوطني السوري، وبين المشاريع التي لها أجندتها الخاصة”.

اعتبر مكتبي أن “مخرجات المؤتمر تُلزم أصحابها، وأن كل المشاريع المماثلة فشلت صراحة؛ لأنها لم تأخذ في الحسبان كثيرًا من النقاط المهمة، بخاصة في أن يكون طرح المشروع يضم كافة أطياف الشعب السوري، ويكون فيه خطاب جمعي بين السوريين، لكن عندما يكون مخرجات مؤتمر ما على قياس وجهة نظر عاقديه؛ فإنه بالتأكيد لن يستمر”.

وأكد أن “الائتلاف الوطني مؤسسة سياسية تضم قوى الثورة والمعارضة، وغايته الأساسية هي الدفاع عن تطلعات الشعب السوري في الحرية والديمقراطية والكرامة، وبناء مجتمع تعددي تسوده المساواة، ونحن لدينا رؤيتنا وتصورنا بالنسبة إلى العملية السياسية، وهناك تقصير يجب أن يُتدارك، ويحاول الائتلاف العمل عليه، وهو الانفتاح على شعبنا والقوى الحية، ولا سيما المجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والاتحادات، ونحن مستمرون في هذا التوجه”.

مصدر معارض في الائتلاف قال لـ (جيرون): إن الائتلاف حقيقة يخشى من أن يتم اتهام الهيئات التي ستتشكل بأنها موالية لـ (جبهة النصرة) المصنفة على قوائم الإرهاب؛ وبذلك تكون صفوف المعارضة قد دخلت في دهليز الفرز والفصل من جديد، وأضاف أن “معظم ما خرج به المؤتمر لا يراه الائتلاف مخالفًا لمبادئه، لكن السؤال الأبرز هو: لماذا لم تنضم هذه القوى إلى مظلة الائتلاف، باعتباره الممثل الوحيد المعترف به من قبل المجتمع الدولي، لو أن هؤلاء الأكاديميين كانوا جزءًا من مشروع الائتلاف؛ لكنا زدنا الزخم والتأييد، وسعينا جميعًا لإخراج إدلب من مأزق كبير ينتظرها، في حال رفضت (هيئة تحرير الشام) حلّ نفسها لصالح سيادة الجانب المدني التابع للحكومة المؤقتة على مفاصل المعيشة في المنطقة”.

من جهة ثانية، قال عضو الهيئة السياسية في الائتلاف، هادي البحرة: إن المؤتمر مرفوض، وإن “الحكومة المؤقتة هي الذراع التنفيذي للائتلاف الوطني، وكذلك المجالس المحلية لإدارة المناطق المحررة”، ورأى “أن أي محاولة تخرج من أي جهة أخرى هي محاولة تسعى لتشويش القوى وليس توحيدها، وأشار إلى أن من يريد تطوير العمل يدعم ما أسسته الثورة”، وفق ما نقل عنه موقع الائتلاف الرسمي.

في المقابل، قال ياسر النجار، المتحدث الرسمي للمؤتمر السوري العام: “نحن في الداخل نرى أن الائتلاف له صفة التمثيل السياسي للمعارضة والثورة السورية، والمشكلة هي أن الظروف، عندما انطلق مسمى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، كانت مختلفة تمامًا، وليست كما هي الآن، وهذا يعني أن الائتلاف سُحب منه أهم ملف، وهو ملف المفاوضات، وأصبح جزءًا من هذا الملف كأعضاء”.

أضاف النجار في تصريحات لـ (جيرون): “رؤيتنا هي أن الملف السياسي للمفاوضات ذاهب تُجاه مرحلة أخطر، الحديث هنا عن دمج كل المنصات: معارضة من تصنيع روسيا من خلال منصة موسكو، ومعارضة مشكوك في أمرها من خلال منصة القاهرة، ومعارضة محسوبة على موسكو كتلك التي خرجت من حميميم”.

واعتبر أنه “في حال استطعنا تنظيم الصف في المعارضة في الجسم الحكومي في المناطق المحررة، عندها يكون لدينا حكومة مركزية وتمثيل سياسي له مرجعية في الداخل، ووفد للمعارضة من الداخل يخرج، ويعطي وجهة نظره السياسية ويعود إلى الداخل.. هذه هي المعارضة التي تمثل المناطق المحررة حقيقة، وبالتالي يكون الائتلاف شريكًا، لأن فيه أشخاصًا جيدين، يكونون ممثلين حقيقيين للمهاجرين والثوار ويستطيعون هم والمعارضة في الداخل فرض صيغة من المفاوضات”.

أوضح النجار “أنا لا أقول بأنْ يأتوا بشخص من الداخل، ويقولوا هذا يمثل الداخل، هذا أصبح مرفوضًا، سنتجاوز الأمر ونستبق إلى الأمام من خلال إيجاد حكومة مركزية تكون هي المتحدث الحقيقي باسم الحل السياسي والوجهة السياسية؛ وبالتالي لا يستطيع أحد مصادرة حق الداخل في تمثيل نفسه، ويدعي أن أستانا أو موسكو أو القاهرة هي من تمثل المناطق المحررة”، معقبًا “نذهب إلى مناطق محررة، فيها حكومة مركزية، تقوم بواجباتها تجاه المواطن السوري، تقوم بتأمين الخدمات، وفي حالة التقصير يكون هناك برلمان يحاسبها على حالة التقصير تلك، ويمنحها المشروعية ويذلل لها الأمور، خلال أفق زمني”.

وختم بالقول: إذا قررت الدول سحب المشروعية من الائتلاف، من خلال تأسيس جسم معارض تشرف عليه روسيا؛ فستكون هذه الحكومة في الداخل هي مخرج له، “نحن نستبق الخطوات من أجل تنظيم أمورنا وعملية سحب البساط، ونقول إن المعارضة الموجودة في المناطق المحررة يمثلها جسم مركزي له مرجعية، ولها حلولها التي يرضى عنها الشارع”.




المصدر
صبحي فرنجية