مناطق (خفض التصعيد) لا تلبي مصلحة النازحين واللاجئين



انعكست مناطق (خفض التصعيد) التي تمخضت عن مباحثات أستانا، سلبًا على مستقبل النازحين واللاجئين السوريين، في “حين كان الهدف الرئيس منها مراعاة أحوالهم وتهيئة العودة الآمنة لهم”. وركّز مقال تحليلي صادر عن مركز (كارنيغي للشرق الأوسط) على أن فشل مفاوضات جنيف، وتحوّل محادثات أستانا من الخط الشامل إلى اتفاقات جزئية لمناطق (خفض التصعيد)، لكل منطقة شروطها، كان سلبيًا على النازحين واللاجئين.

جاء في المقال: “حمل شللُ مساري جنيف وأستانا، وبلوغهما طريقًا شبه مسدود، روسيا والولايات المتحدة وإيران وتركيا، على اتّباع مقاربة مختلفة، ويتم التفاوض، اليوم، على اتفاقات جزئية لكلٍّ من مناطق خفض التصعيد، وفقًا لعملية أستانا، حيث تؤدي روسيا دور الوسيط بين الدول النافذة في كلٍّ من هذه المناطق، ولكن هذه المقاربة الثنائية شرّعت الأبواب على مصراعيها أمام المخرّبين، وتحديدًا الميليشيات الناشطة على ضفّتي النزاع، مثل (حزب الله) اللبناني أو (كتائب أبو فضل العباس) و(عصائب أهل الحق) العراقية الموالية للنظام، والمجموعات متعددة الجنسية التي تحاربه، إذن، يحفّز تضارب المصالح على الأرض غير المستفيدين من الإجراءات المحلية على تقويضها”.

“على الرغم من أن الإرساء الجزئي لمناطق (خفض التصعيد) المتفق عليها قلَّص فعلًا زخم القتال؛ إلا أن غياب آليات الاستقرار وصون السلام، أسهم في تأجيج النزاعات المحلية بين اللاعبين المسلحين المتنافسين على النفوذ في سورية، وفي هذه الأثناء، تعثّرت الاتفاقات الأولية لنشر جنود من الدول الثلاث الراعية للاتفاق، على وقع تباين مصالحها وتباعدها”.

بدَلًا من أن تقود هذه الاتفاقات (الجانبية أو الجزئية) -بحسب كاتبة المقال مها يحيى- نحو إعادة الإعمار، والوقوف على الخيارات المتاحة، أمام مواصلة تلبية الحاجات الإنسانية الضخمة لـ 6.7 ملايين نازح داخلي، ولملايين اللاجئين العائدين، يتردد في الإجراءات صدى منطق اتفاقات المصالحات المحلية التي أبرمها النظام السوري وروسيا، في العامين الأخيرين، واستُخدمت هذه الاتفاقات، من جهة، لطرد المعارضة والمدنيين والقادة الميدانيين، من المناطق المحاصرة من قبل النظام، ومن جهة أخرى، لإجلاء المقاتلين المعارضين، كما يدعي النظام، عن بعض المناطق، تمهيدًا لعودة المدنيين إليها، “لكن هذه الاتفاقات لم تفضِ إلى عودة اللاجئين، وعلى خلاف العودة المرجوة، ومع استعادة النظام السيطرة على بعض المناطق، اكتسبت عصابات موالية للنظام وأمراء الحرب نفوذًا يُعتد به على الأرض هناك، وفرضت حكمًا تعسفيًا، وفي الوقت نفسه، سمحت السلطات المحلية لبعض اللاجئين والنازحين في الداخل بالعودة، ورفضت عودة آخرين، وتفتقر معظم المناطق إلى بنى تحتية، توفر شروط العودة وتجعلها ممكنة”.

جدير بالذكر أن الاتفاقات غير المتماسكة التي تُرسى اليوم لحمل بعض اللاجئين على العودة إلى بيوتهم، قلما احتسبت مصالحهم “ورمت الاتفاقات السياسية الأخيرة التي شملت عودة لاجئين، ونُفّذت في آب/ أغسطس على طول حدود لبنان الشرقية مع سورية، إلى قسر مقاتلي المعارضة وعائلاتهم على الانتقال إلى مناطق سورية أخرى، يُرجّح أن يندلع فيها القتال في المستقبل القريب، وبدلًا من أن تحلّ مشكلة اللاجئين نقلتها إلى منطقة أخرى”.

رأت كاتبة المقال مها يحيى أن “مسار أستانا اقتصر على اجتراح آليات لتقليص العنف، من دون أن يعبّد الطريق أمام حل مستدام”، مشيرة إلى أن “الاتفاقات متعددة الأقطاب تقلّص آفاق اتفاق شامل في سورية في مرحلة ما بعد النزاع”.




المصدر
جيرون