الرسمي اللبناني والداعم يفشلان في إلحاق السوريين بالتعليم
29 أيلول (سبتمبر - شتنبر)، 2017
مع بداية العام الدراسي الجديد، ما يزال عدد الطلاب السوريين المتسربين عن التعليم في لبنان يتصاعد، لأسباب يؤكد عاملون في الشأن التعليمي أنها “مادية، ترتبط بقلة الدعم وضعف القدرة الاستيعابية للمدارس اللبنانية والمبادرات الدولية والمجتمعية، على حدٍّ سواء”، في حين يعزو آخرون ارتفاعَ التسرّب إلى “ملفاتٍ سياسية عالقة، ألقت بسوادها على اللاجئين؛ وتسبّبت بحرمانهم من أبسط حقوقهم”.
الإحصاءات الأخيرة الصادرة عن منظمات دولية تؤكد أن “نحو نصف السوريين في لبنان، ممن هم في سن التعليم، خارج المدارس. أي ما يزيد عن 200 ألف طالب من أصل 400 ألف”، في هذا الجانب، أوضح خالد رعد، المسؤول عن ملف اللاجئين في منطقة عرسال في البقاع، لـ (جيرون) الصعوبات التي تعاني منها العملية التعليمية بالنسبة إلى السوريين في عرسال، ويمكن إسقاطها على عموم لبنان، قائلًا: “يوجد في عرسال 4 مدارس رسمية، تستوعب 1500 طالب سوري، في حين يوجد في عرسال نحو 10 آلاف طالب في سن الدراسة، من الصف الأول الابتدائي وحتى الثالث الثانوي”.
أضاف: “يبدأ دوام المدارس اللبنانية التي تستقبل السوريين من الساعة الثانية والنصف ظهرًا، إلى الساعة السابعة مساءً، بعد إنهاء دوام التلاميذ اللبنانيين، وهذا بحد ذاته مرهقٌ للطلاب، وللأساتذة أيضًا الذين يكملون الدوام المسائي مع الطلبة السوريين، بعد انتهاء عملهم الصباحي؛ ما يؤثر بالنتيجة على جودة الإعطاء، وبالتالي على تعلّم الطلاب”.
بخصوص المدارس التي تدعمها منظمات دولية، وهي الأكثر شيوعًا في لبنان بالنسبة إلى السوريين، قال رعد: “يوجد في عرسال 7 مدارس سورية، تدرّس منهاج الحكومة السورية المؤقتة المعدّل، واحدة من هذه المدراس استبدلت المنهاج المتّبع بالمنهاج اللبناني، لفشل الأول بتأمين الاعتراف والمقبولية؛ إذ لم يستطع هذا المنهاج أن يوفّر أي مقعد جامعي خلال 4 أعوام. ويعمل في هذه المدارس بشكل تطوعي نحو 300 مدرس سوري، معظمهم مجازون جامعيًا”، مؤكدًا إصرار هؤلاء المدرسين على استكمال تعليم الأطفال بالمجان”.
في السياق ذاته، أكد أحمد القصير، وهو صحافي وناشط مجتمعي يعيش في لبنان أن عدد الطلاب السوريين المتسربين من المدارس في لبنان في ازدياد، وأضاف لـ (جيرون): “لا تستطيع المدارس اللبنانية الرسمية استيعاب أعداد كبيرة من السوريين؛ لأن الأولوية للطلاب اللبنانيين، وعلى الرغم من توافد المنح لوزارة التربية والتعليم اللبنانية على اسم السوريين، إلا أن رفع أجور المدارس اللبنانية الخاصة، بعد ارتفاع سلسلة الرواتب في لبنان، كرّس تحوّل الأولوية للطلاب اللبنانيين”.
حول البرامج التعليمية الداعمة، قال: “تخضع المدارس السورية المُحدثة بمبادرات فردية ومجتمعية، لسياسة الداعم، وطاقتها الاستيعابية قليلة جدًا، نتيجة نقص الدعم، فضلًا عن عدم الاعتراف بشهاداتها، وتفرض هذه المدارس على الطلاب رسومًا رمزية، إلا أن تسديدها -بالنسبة إلى الطلاب السوريين- ليس يسيرًا؛ ما يثني بعض الأهل عن إرسال أبنائهم إليها”.
من جانب آخر، أكد مروان أبو شاهين، وهو منسق تعليمي في منظمة (سوا للتنمية والإغاثة) -وهي منظمة داعمة للتعليم، تنشط في عرسال، وتوفّر بعض الترميم للطلاب السوريين في المواد العلمية واللغات الأجنبية التي تُعدّ الأساس في التعليم اللبناني- أن الأهالي السوريين مهتمون كثيرًا بتعليم أبنائهم، وأضاف لـ (جيرون): “يتوافد إلى المنظمة أمهات وآباء من مناطق بعيدة يريدون تسجيل أبنائهم في المدارس، لكن الطاقة الاستيعابية لا تكفي الجميع”، لافتًا “إلى صعوبة الموقف وحساسيته، بالنسبة إلى العاملين في الجمعية”.
أضاف موضحًا: “الأصل في هذه الجمعيات تقديم الدعم والاستدراك للطلاب المتسربين؛ ليتم دمجهم فيما بعد في المدارس اللبنانية الرسمية، وهذا ما يصعب تحقيقه، بسبب عجز هذه الجمعيات عن استيعاب كل الطلاب، وبالتالي عدم تضمين المزيد في التعليم الرسمي اللبناني”.
مما لا شكّ فيه أن شمل الطلاب السوريين في التعليم الرسمي اللبناني أفضل لهم، وأن نتائجه أنجع على المستقبل البعيد؛ إلا أن عدم توافره، لأسباب سياسية/ لوجستية، يجعل من التعليمِ الداعمِ البديلَ والفرصة الأخيرة، لبقاء جيلٍ من السوريين على احتكاك مباشر بالورقة والقلم، وهو ما ينبغي إيلاؤه الأهمية والمراقبة، وقد أكدّ تقرير أصدرته منظمة (هيومن رايتس ووتش) أن ملايين الدولارات المقدمة لتعليم أطفال اللاجئين السوريين، العام الماضي، لم تصل إلى المستفيدين. وذكرت المنظمة أن “غموضًا يلف المساعدات المدرسية المقدمة للاجئين السوريين، في لبنان والأردن وتركيا، بسبب عدم شفافية المانحين، وسوء ممارسات التوثيق”.
[sociallocker] [/sociallocker]آلاء عوض