‘«فورين بوليسي»: منهم أوروبيون.. ما مصير أُسر «داعش» التي خرجت من الموصل؟’

11 تشرين الأول (أكتوبر)، 2017
9 minutes

منذ 30 آب (أغسطس)، تحتجز السلطات العراقية حوالي 1400 من النساء والأطفال الذين فروا من مناطق يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية خلال المعارك الأخيرة لتحرير المناطق حول الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، وتم تسليمهم – وهم مجتمعون تعود أصولهم إلى 10 دول على الأقل منها دول أوروبية مثل فرنسا وألمانيا – للقوات العسكرية في المنطقة. ونقلت الأسر لمواقع مختلفة في العراق، بيد أن السلطات لم توضح سبب احتجازهم أو ما الذي تعتزم فعله مع تلك الأسر. ويبدو أنه ليس هناك أية خطة.

جاء ذلك في مقدمة تقرير نشرته صحيفة «فورين بوليسي»، ويقول معدو التقرير أنهم أجروا مقابلات مع بعض هؤلاء النساء في أوائل أيلول (سبتمبر) في مجموعة من الخيام الكبيرة في قاعة العبور في مخيم يضم عشرات الآلاف من النازحين بسبب المعركة في الموصل. (نقلت السلطات منذ ذلك الحين المجموعة بأكملها إلى سجن مكتظ في المنطقة).

العراق يسيء معاملة النساء والأطفال

وينقل التقرير عن العديد منهن أنهن كن قد رغبن بتربية أطفالهن في ما دعته امرأة «جنة إسلامية»، وأن القوات العراقية تسيء معاملتهن منذ استسلامهن. في الغالب ظهر عليهن التعب والقلق والريبة مما سيحدث الآن لهن ولأطفالهن. إذ سألت إحدى النساء الأجنبيات: «هل سيبقوننا هنا إلى الأبد؟ أعتقد أن بلادنا لا تريد عودتنا». لديها طفل، ولدى شقيقتها ثلاثة وكانت حاملًا كما ظهر عليها.

لن تختفي مسألة ما يحدث لهؤلاء النساء والأطفال الأجانب. ومن المرجح زيادة عدد العائلات المرتبطة بمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية المحتجزين في العراق خلال الأشهر المقبلة، حيث تستعيد قوات الأمن العراقية على المزيد من الأراضي من التنظيم. ويتعرض المحتجزون الآن لخطر محاكمات غير عادلة وتعذيب وعقوبة الإعدام. وفي الوقت نفسه، يتعرض الأطفال المحتجزون لخطر المعاملة مثل المجرمين بدلًا من إعادة تأهيلهم.

وقد ثبت أن العراق غير قادر على إجراء فحص أساسي لعناصر «داعش» وأفراد أسرهم؛ فلا يحمل معظمهم هوية. والحقيقة أنه سيكون من السمية السياسية للسلطات العراقية معاملة الجماعات التابعة لـ«داعش» وأسرهم «بطريقة حسنة». إذ يشعر الكثير من المواطنين العراقيين بالاستياء من الأسر الأجنبية التي جاءت إلى البلاد للعيش في ظل نظام يسيء إلى مجتمعاتهم المحلية، وترغب في رؤيتهم يدفعون الثمن.

الدبلوماسية الأوروبية تنفي مسؤوليتها

ويضيف التقرير أنه يمكن للمجتمع الدولي أن يقطع شوطًا طويلًا في حل هذه المشكلة عن طريق توحيد الموقف بشأن ما ينبغي عمله إزاء تلك الأسر. ولكن على نقيض ذلك، في المحادثات الخاصة التي أجريناها مع أربعة دبلوماسيين أوروبيين، استخدموا حججًا تقنية للتأكيد على حجم المسؤولية الطفيفة التي تريد بلدانهم اتخاذها تجاه مواطنيها الذين اختاروا الذهاب إلى الأراضي التي يسيطر عليها «داعش».

وأشار الدبلوماسيون إلى أن حكوماتهم أصدرت تحذيرات سفر إلى العراق وسوريا، وأنه ليس لديهم التزامات قنصلية تجاه الأشخاص الذين اختاروا السفر هناك. ويأتي ذلك في تناقض صارخ مع الجهود التي تبذلها البلدان عادة لحماية وإنقاذ رعاياها في البلدان المدرجة في قوائم حظر السفر.

وقال هؤلاء الدبلوماسيون الأوروبيون أيضًا – بحسب التقرير – أن الإجراء القنصلي يقتضي من رعاياها طلب المساعدة المتاحة عن طريق طرف ثالث مثل قوة احتجاز أو منظمة مثل لجنة الصليب الأحمر الدولية. ولكن بإمكان الأفراد أنفسهم فقط تقديم مثل هذا الطلب، ولا يمكن لأفراد أسرهم التقدم بطلب. ويشكك التقرير في الأمر: «لكن لا يبدو أن السفارات أوعزت إلى السلطات العراقية أو أي شخص آخر بإبلاغ النساء والأطفال من بلدانهم بحقوقهم في التماس الوصول القنصلي. وهل يأملون ألا يطلب هؤلاء النساء والأطفال المساعدة حتى لا تكون مشكلتهم؟».

لدى البلدان الأصلية لهؤلاء النساء دور هام في إيجاد الحلول، بما في ذلك إعادة التوطين المحتملة لبلد ثالث. لا ينبغي عليهم الاختباء وراء هذا الإجراء.

إذا لم تتخذ البلدان الأصلية خطوات لجلب هؤلاء النساء والأطفال إلى ديارهم، فثمة أسباب تدعو إلى الخوف على سلامتهم. إذ لم تتخذ السلطات العراقية حتى الآن إجراء تقييمات فردية لتحديد ما إذا كانوا قد ارتكبوا جرائم، ولم تفرج عن أولئك الذين لن يتم توجيه تهم إليهم. في الواقع، يبدو أنه لم يتم إحضار أي معتقلين أمام القضاء. ويؤكد التقرير – من خلال نتائج بحث فريقه – كيف قد يقضي المعتقلون شهوراً في ظروف غير إنسانية، وأن الأطفال يتعرضون للتعذيبومجموعة من الانتهاكات الأخرى.

ويقول التقرير: «لا يمكن للعراق أن يحتجز هؤلاء النساء والأطفال لأجل غير مسمى وبشكل تعسفي. فالعضوية في تنظيم الدولة الإسلامية جريمة بموجب قانون الإرهاب في البلاد، ولكن قد تكون النساء قد أُجبرن على القدوم إلى العراق مع أزواجهن الذين ينتمون إلى التنظيم. وقد تكون النساء الأخريات قد أتين عن طيب خاطر، لكنهن لم يفعلن شيئًا لدعم تنظيم الدولة الإسلامية وانضممن إليه ببساطة بالاسم فقط».

ويضيف أنه قد تكون نساء أخريات مسؤولات عن جرائم خطيرة، مثل العمل كقوة ضد نساء أخريات أو احتجاز أفراد أسر الأقليات في العراق، مثل الأيزيديات، في منازلهن. وفي الوقت نفسه، من الواضح أن الأطفال الذين أصبحوا أعضاء في تنظيم الدولة الإسلامية هم ضحايا تجنيد الأطفال الذين يحتاجون إلى إعادة التأهيل وليس الملاحقة القضائية.

احتجاز غير قانوني

ويضيف أنه من غير القانوني، بموجب القانون الدولي والعراقي، معاقبة شخص ما على جرائم مزعومة لزوجه أو والديه. ولكن لا تفعل السلطات العراقية شيئًا حتى الآن يفصل بين جميع تلك الأمور.

في نهاية المطاف – يشير التقرير – مصائر أولئك الذين يمثلون أمام القضاء قاتمة. إذ تتابع السلطات الحكومية العراقية وإقليم كردستان محاكمات ضد آلاف المحتجزين بموجب تشريعات مكافحة الإرهاب لجرائم مرتبطة بانتمائهم المزعوم إلى تنظيم الدولة الإسلامية في إجراءات تقوضها الانتهاكات الخطيرة للإجراءات القانونية الواجبة.

يضيف التقرير: «بعد البحث، تبين لنا أن هذه العملية قد شابتها انتهاكات واسعة ، بما في ذلك مزاعم تعذيب وانتهاكات إجراءات فيما يتعلق بالفحص الحالي والاعتقال وحملة الملاحقة القضائية. وبالإضافة إلى ذلك، يواجه المتهمون عقوبة الإعدام – واحدة من عقوبتين للمدانين بموجب قانون مكافحة الإرهاب العراقي».

كما سيثير إدانة النساء البالغات بجرائم مسائل قانونية وسياسية أخرى دون إجابة واضحة. وإذا أدانت السلطات العراقية وسجنت بعض النساء اللواتي لا يمكن إعادتهن إلى ديارهن، ويتساءل التقرير: «فماذا سيحدث بعد إتمام حكمهن؟ وما الذي سيحدث لمن لا تهمهن الحكومة، إذا لم يكن لديهن مكان يذهبن إليه؟».

وفي الوقت نفسه، لا يوجد سبب لعدم التعاون في مساعدة الأطفال الذين ليس لديهم بطاقات رسمية «هويات» – يقول التقرير – إذ ينبغي لجميع البلدان أن تعمل مع السلطات العراقية لتحديد نسب الأبناء (بما في ذلك من خلال إجراءات اختبار الحمض النووي) ومنح الجنسية وربما إعادتهم إلى بلدان آبائهم. وبالنسبة للأطفال المولودين في العراق والذين سيغدون بلا جنسية، فإن السلطات العراقية ستمنحهم الجنسية وفقًا للقانون العراقي والقانون الدولي.

وماذا سيحدث لأطفال النساء اللواتي أدينوا وحكم عليهن بالسجن أو عقوبة الإعدام؟ لقد سمعت دبلوماسيين غربيين يناقشون الخيار المحتمل لفصل الأطفال عن أمهاتهم وإرسال الأطفال للعيش مع أقاربهم في بلدانهم الأصلية. إذ يقتضي القانون الدولي أن تقوم السلطات بدراسة حالة كل طفل، وأن تحدد، بمشاركة الطفل، الترتيب الذي يخدم مصلحته الفضلى. فالسياسة الشاملة لفصل الأطفال الصغار عن أمهاتهم غير مرغوب فيها سياسيًا وترحيل الأطفال ليست خطة مشروعة.

وفي جميع الحالات – يشير التقرير – ينبغي للعراق أن يكفل عدم ترحيل النساء والأطفال أو إعادتهم إلى أوطانهم إذا كانوا معرضين للخطر في بلدانهم الأصلية للاضطهاد أو التعذيب أو المحاكمات غير العادلة لانتمائهم المزعوم؛ لتنظيم الدولة الإسلامية.

فالأطفال يستحقون فرصة في المستقبل، ولا يستحقون الاحتجاز؛ بسبب جرائم آبائهم المزعومة. وتستحق أمهاتهن البراءة ومحاكمتهن على الفور إذا كان هناك دليلًا على ارتكابهن جرائم خطيرة. ويستحق العراق الدعم الدولي لحل هذه المسألة. ولكن حتى الآن، يمر الجميع على المشكلة مرور الكرام.

الرابط الاصلي: http://foreignpolicy.com/

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]