كيلو لـ (جيرون): السوريون أمام معركة جديدة لتكسير أجنحة إيران



رجح المعارض السوري ميشيل كيلو أن تشهد منطقة الشرق الأوسط معركة قادمة، ضد النفوذ والحضور العسكري الإيراني، وأن يكون السوريون على أعتاب مرحلة جديدة ضمن ما يطلق عليه “الصراع العالمي على سورية”، مقترحًا التفاهم مع الدول المعنية على استفتاء شعبي؛ يقرر وضع روسيا من سورية.

قال ميشيل كيلو، رئيس اتحاد الديمقراطيين السوريين، في حوار مع (جيرون): إن “الاستراتيجية الجديدة التي أعلنتها الولايات المتحدة الأميركية، حيال إيران مؤخرًا، ستضع السوريين أمام معركة جديدة من نوع مختلف مع إيران، سيدور جزء كبير منها في بلادنا”.

وأضاف أن هناك “مواقف دولية تعدّ سياسات إيران خطرًا يهدد المنطقة ومصالح جميع الدول، بما في ذلك العظمى منها.. ندخل الآن إلى مرحلة تهيئة الأدوات الاقتصادية والسياسية التي ترسم الإطار العام للجبهة التي ستدور فيها معركة تكسير المحور الشيعي، الممتد من مزار شريف إلى ضاحية لبنان الجنوبية، لكن المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد”.

وتابع: “نحن أمام حالة لا يمكن التعايش معها؛ لأنها تخلو من أي وعد سياسي لصالح شعبنا، خلال شهر تقريبًا سيكون قد تم القضاء تمامًا على الجسم الرئيس لـ (داعش)، وربما (النصرة)، بعد ذلك سننتقل إلى (عملية السلام)، دي ميستورا وبوتين وغيرهما من زعماء القوى الدولية صرحوا مؤخرًا أن نهاية الأعمال القتالية يسمح بالشروع في عملية السلام. لكن الجزء الأساسي من أي سلام لا بد أن يكون بإخراج الإيرانيين والروس من سورية”.

ترامب وإيران

يعتقد كيلو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قام بثلاثة أمور أساسية، في سياسته تجاه إيران: “الأمر الأول هو فصلُ نفسه بصورة رسمية عن الاتفاق النووي الذي عقده باراك أوباما، والذي يلزم رئيس الولايات المتحدة الأميركية بتجديد تأييده للاتفاق، من خلال توقيعه كل 90 يومًا، وهذا ما رفضه ترامب”.

أما الأمر الثاني -وفق رؤية كيلو- فهو أن “ترامب طرح أفكارًا على علاقة بشكل الصراع المقبل بين واشنطن وطهران -في سورية وخارجها- وتحدث بشكل أساسي عن الأدوات التي تستخدمها إيران لتخريب الأمن والنظام الإقليمي. والأمر الثالث يتعلق بحديث ترامب عن النظام الإيراني كنظام مذهبي شمولي، هو مركز ينتج الإرهاب في العالم بأسره، وخاصة في جواره”.

يرى كيلو أن الانخراط الإيراني في سورية -عبر القتال مع الأسد وإمداده بالسلاح والعناصر- “ستترتب عليه مآلات خطيرة سنعيشها قريبًا في حال تجاوز الصراع الأميركي ضد طهران مرحلة التهيئة الراهنة، أخشى أن يُدخِلونا في صراع جديد يستمر عشر سنوات، فيكون مهلكًا ومدمرًا في سائر مراحله، ما دام الجزء الأكبر منه سيدور على الأرض السورية”، معقبًا أنه “سينتهي بالقضاء على النظام في إيران”.

وأوضح المعارض السوري أن الصراع بين واشنطن وطهران “سيشهد -إضافة إلى استخدام جميع الأدوات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي يملكها الطرفان- مواجهات مباشرة وبالواسطة بين أميركا وربما العالم الغربي أيضًا، وبين نظام طهران وامتداداته الخارجية، وستكون سورية إحدى أهم ساحات المواجهة التي ستمتد إلى كل مكان يوجد فيه المتصارعان، من مزار شريف في أفغانستان وصولًا إلى الضاحية الجنوبية في بيروت، خصوصًا أنه يلاحظ منذ بعض الوقت وجود سعي إيراني واضح لتحويل جبهة الجولان إلى جزء من جبهة جنوب لبنان أو العكس”.

وتابع: “سيكون هدف واشنطن تكسير أجنحة إيران التي تحتل اليمن بواسطة الحوثيين، ولبنان عن طريق (حزب الله)، والعراق من خلال (الحشد الشعبي)، وسورية بحرسها الثوري ومرتزقتها متعددي الجنسية، بينما تتطلع إلى ابتلاع الكويت والبحرين. يقول الأميركيون إنهم لا يقبلون وجود محور شيعي على امتداد المناطق المذكورة، وإن تكسيره هو هدفهم الرئيس”.

حول الخطوات الأولى من مواجهة الدور الإيراني، قال كيلو: “يمكن اعتبار أن بداية المعركة ضد إيران ستكون فرض عقوبات على الحرس الثوري الإيراني، وإقناع الدول الأخرى بتصنيف إيران كدولة مارقة وراعية للإرهاب”، موضحًا أن “الدليل هو دور إيران في مساعدة الأسد على ارتكاب أعمال وحشية بل مشاركتها في جرائمه، فضلًا عن نظامها الشمولي والتوسعي العدواني. في هذا الإطار، ستكون أولوية أميركا ضرب إيران اقتصاديًا وعزلها سياسيًا، وقد دعا ترامب بقيةَ الدول إلى تأييد الموقف الأميركي والتعاون معه ضد خصمها الإيراني، وفصل الاتفاق النووي عن سياسته الأخرى تجاه طهران، هذا الشق الثاني هو ما يفترض أن نركز عليه، ونعرف كيف نساهم فيه بفاعلية ونشاط”.

عن مدى جديّة سياسة الولايات المتحدة الجديدة تجاه إيران، أجاب كيلو: “أعتقد أنها جدية، والسبب أن (إسرائيل) أبلغت الجميع بمن فيهم روسيا، أنها لن تسمح بتوطن إيران في سورية، وستوجه ضربة لها ولـ (حزب الله) ستكون قاضية على وجودها العسكري في بلادنا، وعلى (حزب الله) في لبنان”.

أشار أيضًا إلى أن “هناك تصريحات لكبار المسؤولين والجنرالات الإسرائيليين توحي بهذا المعنى، وقد قال هؤلاء إنهم لن يضربوا (حزب الله)، بل سيقضون عليه، وذلك لأن (إسرائيل) تدرك خطورة وصول إيران إلى حدود فلسطين وامتداداته البعيدة والعميقة التي تصل من مزار شريف إلى الضاحية، مرورا بسورية: المحافظة الإيرانية رقم 35، كما يسمونها”.

يعتقد كيلو أن “لدى الأوروبيين تحفظات على الموقف الأميركي من الاتفاق النووي، لكنهم لا يؤيدون قيام محور شيعي في المنطقة عنيفٍ وقاتل، ويمارس تهجير شعوب بكاملها، ويخلق مشكلات لأوروبا عبر هجرة شعوب المنطقة التي اقتلعت فجأة من أراضيها”، معقبًا أن “وصول إيران إلى حدود فلسطين وتهديد (إسرائيل) سيكون محددًا مهمًّا للموقف الأوروبي الذي سيرفض هذا الأمر”.

روسيا مستفيدة من استراتيجية واشنطن

يقول كيلو إن الروس سيستفيدون من تحجيم إيران في سورية وسياستهم “المعلنة التي تقوم على الانفراد بسورية، بطريقة تمكنهم من بناء نظام أمن إقليمي، يستعيدون من خلاله ما كان للاتحاد السوفيتي من نفوذ وحضور في العالم العربي”. وأشار إلى أن “إيران تنافسهم على سورية، بوصفها مركزًا يريدون التموضع فيه، لذلك فإن لهم مصلحة استراتيجية في خروج إيران من سورية كوجود أمني عسكري استيطاني واحتلالي، وإن كانوا لا يعارضون قيام علاقات اقتصادية ودبلوماسية وسياحية-دينية، بين طهران ودمشق”.

عن الحاجة الروسية إلى القوة الإيرانية التي تسيطر على الأرض، قال: “أعتقد أن هذا الكلام سينتهي مفعوله بمجرد دخولنا في مرحلة السلام، وهي مرحلة يقال إنها ستكون وشيكة عند الانتهاء من موضوع إدلب، ستتراجع أهمية إيران بقدر ما تتقدم عملية السلام، ونبتعد عن الصراع العسكري، وستتحول إيران إلى طرف يعوق تنفيذ أهداف روسيا السورية، لأنه ضد السلام في سورية”.

وأضاف: “غزا الروس سورية لأسباب استراتيجية عليا، ليست مذهبية أو طائفية. الروس يحتاجون إلى إيران خلال الصراع العسكري، لكن حاجتهم إليها ستتراجع بعد انتهاء مرحلته الأساسية وتلاشيه التدريجي، ومع بدء المرحلة السياسية؛ ستتناقص حاجة روسيا إلى إيران، وستعمل على تقليم أظافرها في سورية، وإخراجها من البلاد كقوة عسكرية منافسة لها”.

لفت كيلو الانتباه إلى أن “للروس تجارب سلبية مع الإيرانيين، فبعد إعلانهم وقف إطلاق نار شامل؛ احتلت إيران سوق وادي بردى، على الرغم من أنهم أصدروا بيانًا رسميًا يؤكد أنه لا يوجد فيه أي وجود لـ (داعش) و(النصرة). ليس الروس دومًا على الخط نفسه مع إيران، وإذا كان هناك تكامل عسكري اليوم؛ فإن هذا لا يعني انتفاء التنافس والصراع بين الدولتين، وإيران تدرك أنه بمجرد انتهاء المرحلة العسكرية سيتلاشى دورها، وبالتالي هي لا تريد أن تنتهي المعركة بشقها العسكري”.

ختم كيلو حديثه بالقول: إن الكلمة الأخيرة ستظل للولايات المتحدة الأميركية في الشأن السوري، إن هي أرادت أن يكون لها كلمة، مشيرًا إلى أنها ليست جهة مهزومة، ولا يستطيع أحد منعها من التدخل، متى قررت ذلك.


جيرون


المصدر
جيرون