مشكلات كثيرة تحتاج حلاً.. ماذا ينتظر الرقة المدمرة؟

26 تشرين الأول (أكتوبر)، 2017
7 minutes
السورية نت – رغداء زيدان

صبيحة اليوم التالي لإعلان هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” في الرقة وقف مقاتل في جماعة محلية مسلحة في ميدان بوسط المدينة المدمرة المهجورة وقال: “سيحدث المزيد من المشكلات هنا”.

والمقاتل الذي يبلغ من العمر 19 عاماً والذي قال إن اسمه مورو أحد سكان الرقة القلائل الذين شهدوا آثار معركة استعادة المدينة السورية.

ولم تجد احتفالات القوات الكردية بالنصر صدى لأن المدينة خلت من المدنيين. فقد كانت العملية بمثابة تحرير مدينة أشباح.

وقال مورو وهو عربي انضم إلى “قوات سوريا الديمقراطية”، وهي تحالف من فصائل مسلحة تدعمه الولايات المتحدة لقتال “تنظيم الدولة”، بعد أن فر من الرقة قبل عامين “داعش هي السبب”.

وأضاف: “لكن ليس الجميع سيرى الوضع بهذه الطريقة. فإذا استمر الدمار سيلوم الناس التحالف وربما يلوموننا”.

كان ثمن الحملة التي أطاحت بالتنظيم من معقله في سوريا تدمير المدينة ومقتل وإصابة مئات المدنيين وتشريد عشرات الآلاف.

وبينما ينقشع غبار المعركة يخشى سكان الرقة المصدومون من تفجر صراع جديد.

وتحتاج إعادة بناء الرقة، التي أصابها مثلما أصاب مدناً سورية أخرى كحلب وحمص من دمار، إلى سنوات وهو ما يعني بقاء كثير من سكانها بلا مأوى وقتاً طويلاً الأمر الذي يثير الغضب من القوات التي ساعدت في القضاء على “تنظيم الدولة”.

ويخشى مؤيدو “قوات سوريا الديمقراطية” أن يتحول الغضب إلى اضطرابات تضعهم في مواجهة من كانوا أكثر تعاطفاً مع “تنظيم الدولة” أو من يعارضون ما تبدو على نحو متزايد سيطرة كردية على المدينة التي تسكنها أغلبية عربية.

وكانت رايات “وحدات حماية الشعب” الكردية، وهي العنصر المهيمن في “قوات سوريا الديمقراطية”، الأولى التي ترفرف فوق المواقع الحصينة التي فر منها مقاتلو “تنظيم الدولة” في الرقة. وردد المقاتلون الشعارات الكردية. وأعلنت “قوات سوريا الديمقراطية” أن المدينة ستصبح جزءاً من خطط الحكم الذاتي لشمال سوريا بقيادة الأكراد.

لكن نشوة النصر تبددت مفسحة الطريق أمام حقيقة مفادها أن المعركة لم تترك شيئاً يعود إليه معظم الناس. وتقول وزارة الخارجية الأمريكية إن رفع الركام وإزالة الألغام قد تستغرق شهوراً أو أكثر قبل أن تتسنى عودة السكان.

وقال مورو في إشارة إلى حكومة الأسد في دمشق “لقد ضقنا ذرعاً بداعش. النظام لا يمكنه العودة أيضاً”.

ووقف في المكان الذي جلده فيه “تنظيم الدولة” 130 جلدة لتخلفه عن الصلاة. وقال إنه تجسس هو وشقيقه على التنظيم لحساب التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة حيث قاما سراً بتصوير مواقع رئيسية قبل العثور على شقيقه وإعدامه.

الأكراد يسمح لهم بالدخول

بدت مظاهر وحشية “تنظيم الدولة” واضحة في أنحاء الرقة. وفتش المقاتلون الأسبوع الماضي سجناً سابقاً أقيم تحت استاد الرقة. وكانت بعض الزنازين ضيقة لدرجة لا تسمح بالوقوف فيها.

وعند ميدان النعيم حيث كان عناصر التنظيم ينفذون عمليات الإعدام العلنية تقول امرأة من السكان إنها أحصت ذات مرة 77 رأسا مقطوعة على أوتاد.

وهرب نحو 260 ألفاً من القتال. ويعيش معظمهم حالياً في مخيمات مكتظة ومبان مهجورة حيث يجدون صعوبة بالغة في توفير المياه والكهرباء والغذاء والدواء.

ويقول أقارب إن عودة من هربوا للخارج أمر غير مرجح.

ومقاتلو “قوات سوريا الديمقراطية” والمدنيون الذين لم يهربوا من بين قليل من السكان المحليين الذين شهدوا ما جرى للرقة بعد طرد “تنظيم الدولة”. ويتوق الآخرون للعودة.

وعند نقطة تفتيش على مشارف الرقة دار جدال بين حشد من النازحين منذ شهور مع أفراد من فصائل مسلحة يطالبون بتفتيش منازلهم.

وتقول سارة حسين (58 عاماً): “يقولون إن المنطقة ملغمة. لكنها ليست كذلك. الناس يعبرون. تحتاج لوساطة. الأكراد يسمح لهم بالدخول”.

وأضافت: “ألم تحرر الرقة؟ انتهى الأمر. شاهدنا المواكب على التلفزيون. نريد العودة لبيوتنا”.

ولم تعقب “قوات سوريا الديمقراطية” على الفور لكنها تقول إنها تمثل كل الأعراق في المناطق التي تسيطر عليها تمثيلاً منصفاً.

ويريد السكان أن يجلبوا ملابس الشتاء ويخشون من أن تتعرض ممتلكاتهم للنهب. وقال رجل إن “قوات سوريا الديمقراطية” استجوبته وصادرت أوراقه.

موظفو “تنظيم الدولة”

ويتم استجواب آخرين بشكل أكثر تفصيلاً وهم من بين الذين يخشى مورو أن ينفروا من “قوات سوريا الديمقراطية”.

ويقول موظف سابق لدى “تنظيم الدولة” يدعى أبو فرقان إن الجيران أخرجوه من الرقة على كرسيه المتحرك أثناء فرارهم.

وفقد الشاب البالغ من العمر 23 عاماً ساقيه في ضربة جوية في أغسطس/ آب وجلس خارج مسجد يطلب من العاملين في الهلال الأحمر مسكنات للألم. وتم تقطيب جروحه في عيادة تابعة “لتنظيم الدولة” إذ لا توجد مستشفيات عاملة في الرقة.

وقال: “قمت بأعمال متفرقة لصالح داعش في إدارة نقاط تفتيش الشرطة وتوزيع المياه على المقاتلين. هل سيتم استجوابي مرة أخرى؟”.

وأضاف أن الأجور التي كانت يدفعها “تنظيم الدولة” جيدة.

وتفادى الإجابة عن أسئلة بشأن إن كان لا يزال متعاطفاً مع عناصر التنظيم أو يعارض “قوات سوريا الديمقراطية”. ويقول: “عندما أتت داعش كان بعض الناس يخشون أكثر من رد فعل الولايات المتحدة” في إشارة إلى الضربات الجوية.

وذكر مسؤولو مجلس الرقة المدني أن الأيام الأخيرة من معركة تحرير المدينة شهدت توتراً بين التحالف وشيوخ العشائر الذين طالبوا بوقف الضربات الجوية من أجل المدنيين المحاصرين بينما يتفاوضون على خروج آمن لبعض عناصر التنظيم.

وقال شيخ أحد العشائر إن على التحالف أن يعوض الأسر المكلومة. وفي الوقت الراهن لا يريد الناس سوى العودة.

وظل مورو يردد “لقد دُمِّرت”.

اقرأ أيضا: غوطة دمشق على شفا المجاعة.. والنظام يزيد حصاره للمدنيين

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]