مخيّم اليرموك والغوطة الشرقية تحت وطأة الحصار



أكد ناشطون حقوقيون وميدانيون، من داخل مخيّم اليرموك جنوبي دمشق، أنّ قوّات نظام الأسد والميليشيات الفلسطينيّة الموالية له تفرض حصارًا خانقًا على المخيّم، وذلك بعد أن أغلق حاجز (ببيلا–سيدي مقداد)، على خلفية فتح فصائل المعارضة السورية حاجز (العروبة–شارع النخيل) الفاصل بين المخيّم وبلدة يلدا، أمام المدنيين المحاصرين داخل اليرموك، حيث كان النظام قد خيّر فصائل المعارضة، في بلدات جنوب دمشق (ببيلا–يلدا–بيت سحم)، بين إغلاق حاجز (العروبة) أو إغلاق حاجز (ببيلا–سيدي مقداد).

في هذا السياق، حذّر عدد من الناشطين وجمعيات الإغاثية والمجتمع المدني من حدوث كارثة إنسانية في مخيّم اليرموك؛ نتيجة إغلاق نظام الأسد كافة الحواجز والمعابر المؤدية إليه، منبهين إلى أن قوّات النظام فرضت حصارًا تامًا على المخيّم، من مدخله الرئيسي من جهة حيّي الزاهرة والميدان، منذ منتصف العام 2013، ومنع بموجبه إدخال المواد الغذائية والمحروقات والأدوية إليه، كما قام في الآونة الأخيرة بإغلاق حاجز (القدم–عسالي)، ومنع إدخال المواد الغذائية منه، فيما يمارس في الوقت الراهن ضغوطًا كبيرة على فصائل المعارضة، في بلدات جنوب دمشق؛ من أجل مواصلة إغلاق حاجز (العروبة) الذي يعد المنفذ الأساسي لوصول المواد الغذائية للمحاصرين في المخيّم.

قال أحد الناشطين لشبكة (المخيّمات الفلسطينيّة) الناشطة داخل المخيّم: إنّ “النظام السوري خيّر فصائل المعارضة، بين إغلاق حاجز (بيت سحم) أو أن تقوم هي بإغلاق حاجز (يلدا–العروبة) في وجه أهالي مخيّم اليرموك؛ لتنصاع الفصائل إلى طلب النظام إغلاق الحاجز في وجه أبناء المخيّم”.

ونقل المصدر الفلسطيني عن ناشط سوري في بلدة يلدا، قوله: إنّ “اللواء محمد محلى رئيس شعبة المخابرات العسكرية في نظام الأسد، هدد منطقة جنوب دمشق (يلدا، ببيلا، بيت سحم) برسالةٍ نقلتها لجان (المصالحة) الممثلة للبلدات، قائلًا: إما أن يغلق حاجز (العروبة) أو سنغلق حاجز (ببيلا–سيدي مقداد)، وفي رواية أخرى: إذا لم يغلق حاجز (العروبة)؛ فسنعتبر (يلدا) كالمخيّم تابعة لتنظيم (داعش)”.

من جانبهم، عقد ناشطون وإعلاميون من عدة مناطق اجتماعًا، قبل أيام، لتدارس الوضع في جنوب دمشق، حيث اتفقوا على تشكيل لجنة، مهمتها الاجتماع بقادة الفصائل العسكرية والمعنين؛ لإيجاد حل جذري لمسألة فتح وإغلاق المعبر الوحيد الواصل بين اليرموك ويلدا، واتخاذ خطوات عملية لعدم تكرار إغلاقه باستمرار، مطالبين بتحييد المدنيين وعدم زجهم في الصراعات العسكرية.

يعدّ حاجز (يلدا–العروبة) شريان الحياة الوحيد بالنسبة إلى هذه العائلات، حيث يحصلون على المواد الغذائية الضرورية من خلاله، وإغلاقه يجعل حياتهم أكثر صعوبة، ويعيدهم إلى أيام الجوع. وقد شهدت الفترة الأخيرة، بحسب ناشطين، حالات نزوح لأهالي المخيّم باتجاه بلدات يلدا وببيلا، تحت إشراف قوّات المعارضة.

من جانب آخر، قال الناشط الفلسطيني (ن. ص)، العامل في مؤسسة (جفرا للإغاثة والتنمية الشبابية)، لـ (جيرون): إنّ “أكثر من ثلاثة آلاف عائلة تعيش في ظروف غير إنسانية، بينهم 35 عائلة يحاصرها تنظيم (داعش) الإرهابي، منذ أكثر من شهر، في منطقة غرب اليرموك الواقعة تحت سيطرة (هيئة تحرير الشام)، ولا يُعرف مصيرهم اليوم”.

يأتي ذلك وسط أزمات معيشية مركبة، يعاني منها سكان مخيّم اليرموك، حيث يستمر انقطاع خدمات المياه والكهرباء عن المخيّم بشكل كامل، منذ (1579) يومًا على التوالي، إضافة إلى نقص حاد بالخدمات الطبية، وتوقف جميع خدمات وكالة (أونروا)، بحجة توتر الأوضاع الأمنية في المنطقة.

في سياق متصل، نقل مراسل (مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية)، من داخل مخيّم اليرموك، هذا الأسبوع، نبأ وفاة اللاجئ الفلسطينيّ “مروان عبد الله السعد”، بسبب نقص الرعاية الطبية والحصار المفروض على المخيّم من قبل قوّات نظام الأسد. وأكدت مصادر طبية في المنطقة الجنوبية أنّ “السعد” كان مصابًا بمرض سرطان المعدة، وكان بحاجة إلى العلاج في مشافي دمشق، إلا أن أجهزة النظام الأمنية رفضت خروجه من المنطقة بشكل قاطع، على الرغم من تدخل عدد من الوجهاء وأطراف المصالحة في بلدة يلدا لإخراجه؛ ما أدى إلى انتشار مرض السرطان في كافة أنحاء جسده، وسط عجز تام من قبل المراكز الطبية في المنطقة الجنوبية لإنقاذ حياته.

الجوع يفتك بالأطفال في الغوطة الشرقية

إلى ذلك، ذكرت منظمات حقوقية فلسطينية تنشط في سورية أنّ نحو 250 عائلة فلسطينية تعاني، في منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة، من أوضاع معيشية غاية في السوء، وذلك بسبب تشديد نظام الأسد حصاره على مدن وبلدات الغوطة، ومنعه إدخال أي من المساعدات الغذائية أو الطبية إليها.

ووفقًا لما أوردته (مجموعة العمل من أجل فلسطينيّي سورية)، و(شبكة المخيّمات الفلسطينيّة”، و(المجموعة 94)، فإنّ العائلات تتوزع على مناطق: (دوما، زملكا، حزة، حمورية) التي تتعرض لقصف متكرر من طيران النظام، إضافة إلى ما تعانيه البلدات من نقص حاد في المواد الغذائية والطبية، بسبب الحصار؛ ما دفع المؤسسات الإغاثية والطبية إلى إطلاق العديد من نداءات الاستغاثة، خصوصًا بعد تفشي نقص التغذية بين عشرات الأطفال.

وقد جدد أهالي الغوطة، من اللاجئين الفلسطينيّين، مطالبتهم عبر هذه المنظمات جميع الجهات الدولية، وعلى رأسها وكالة (أونروا)، والجهات الرسمية الفلسطينيّة والسفارة الفلسطينيّة في دمشق، ومنظمة التحرير، والمؤسسات الإغاثية العربية والأوروبية، بالعمل على وضع حد لمعاناتهم، وإيصال المساعدات الإغاثية والمالية إليهم.

يذكر أن غوطة دمشق الشرقية تخضع لحصار محكم، منذ مطلع أيلول/ سبتمبر 2013، إلا أن قوّات الأسد شددت من حصارها بشكل كبير خلال الأيام الماضية.


غسان ناصر


المصدر
جيرون