القوات الإيرانية في الجنوب.. اللعب على الحدود



نشرت إيران ميليشياتها -إضافة إلى ميليشيا (حزب الله) اللبناني- في ثلاث مناطق من سورية بعد حلب هي: البادية السورية، والمناطق الجنوبية الشرقية الحدودية مع الأردن والعراق، ومحافظة درعا. في وقت رأى فيه مراقبون أن هذا الانتشار يدل على تواصل السعي الإيراني إلى التمدد نحو الحدود الإسرائيلية، فضلًا عن غايتها في فتح الطريق، من طهران إلى المتوسط، مرورًا بسورية ولبنان.

يقول الخبير العسكري والاستراتيجي العقيد الركن عبد الله الأسعد: إن إيران “لا تزال تراودها أحلام الوصول إلى الحدود الشمالية، لكل من الأردن و(إسرائيل)”، موضحًا في حديث لـ (جيرون) أن “ما تريده إيران حقًا من وجود عميلها (حزب الله) وميليشياتها، جنوبًا على هضبه الجولان، هو أن تكوّن في وقت لاحق ورقة ضغط، تستطيع استخدامها؛ إذا تمت إعادة التفكير في جدوى الاتفاق النووي الخاص بها، وعندها سوف يتم اللعب على الحدود، من أجل الضغط على أميركا حليفة الدول الإقليمية جنوب سورية، وهي (إسرائيل) والأردن”.

يرى الأسعد أن “ثمة حجر عثرة في وجه هذا المخطط هي روسيا. إيران الشاعرة بهشاشة موقفها دوليًا لا ترغب في إغضاب روسيا في الوقت الحاضر خاصة، وأشد ما تحتاج إليه اليوم إيران هو الفيتو الروسي في مجلس الأمن، لعرقلة أي اقتراح للمجلس لمتابعة إيران دوليًا، وإنهاء الاتفاق النووي الخاص بها”. وأضاف: “تَعمَد إيران إلى الفوضى الحاصلة في المنطقة؛ من أجل مد نفوذها للوصول إلى البحر المتوسط، وقد استخدمت وكلاءها في المنطقة لتحقيق ذلك، وفي سبيل ذلك تحركت. ومنذ وضوح بوادر انهيار حليفها النظام السوري؛ قدمت إيران كافة أشكال الدعم العسكري، لتضمن بقاءه”.

هدف إيران الرئيس -كما يقول الأسعد- هو “الوصول إلى طريق بري يربطها بالعراق وسورية ولبنان، وهي تسعى لتحقيق ذلك، من خلال زج وفودها ووكلائها في كافة مناطق الصراع، في سورية والعراق؛ وتعمل في سورية على إنهاء الوجود السني، في المناطق المعارضة الممتدة على هذا الطريق، حيث وضعت كامل جهودها في التغيير الديموغرافي، عبر تبادل السكان -كما حدث في الزبداني وبردى وكفريا والفوعة- وتوطين الشيعة في المناطق التي أفرغتها، كما أنها تعمل على نشر المذهب الاثني عشري في مناطق سيطرة النظام، بين السنة، لكسب حاضنة شعبية وربطهم بإيران عبر معتقدات دينية”.

في السياق ذاته، قال الناشط إبراهيم الحريري لـ (جيرون): “بعيدًا عن الحسابات السياسية، ما يزال أبناء الجنوب يشعرون بالخيانة ونكران الجميل، من قِبل (حزب الله) اللبناني، بعد تحوله إلى ذراع ضاربة لإيران ضدهم، في حين أنهم فتحوا بيوتهم لاستقبال الفارين من الضاحية وبلدات الجنوب اللبناني، عام 2006، ورفعوا علمه فوق بيوتهم، إبّان الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان”.

وأضاف: “على الرغم من اتفاق خفض التصعيد المتفق عليه دوليًا، بمباركة روسية أردنية أميركية، والذي يقضي بانسحاب ميليشيات إيران و(حزب الله) من المناطق الجنوبية الغربية من درعا، بمسافة  40 كم عن حدود الأردن؛ فإن عدة تقارير أكدت أن قوات (حزب الله) وكتيبه “الرضوان” في درعا ما تزال موجودة، وتقاتل على خطوط التماس ضد المعارضة، في حي المنشية -أحد الأحياء المحررة في درعا المدينة الداخلة ضمن اتفاق خفض التصعيد- حيث سقط مؤخرًا عدد من القتلى التابعين لهذه الكتيبة، في أثناء رد المعارضة على خروقات النظام في مدينة درعا البلد، ونشرت عدة وكالات أنباء أسماءَ القتلى التابعين لميليشيات (حزب الله) في سورية”.

تعمد إيران -إضافة إلى دفع (حزب الله) اللبناني إلى المنطقة- إلى توظيف خليط من الميليشيات الشيعية الذين غالبيتهم من حملة الجنسية الأفغانية، كما وضعت طهران أساسًا طويل الأمد لوجودها في سورية، عن طريق اختراق المجتمع المدني والاقتصادي السوري، وتكشف المظاهر في دمشق، وفي غيرها من المحافظات الموالية للنظام، عن حجم التغلغل الإيراني على الأرض السورية، وفق محللين.


جيرون


المصدر
جيرون