هل يجب الحديث مع بشار الأسد بخصوص مستقبل سورية؟
23 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2017
بشار الأسد خلال مؤتمر صحفي بتاريخ 18 كانون الأول/ ديسمبر 2017 بعد استقباله وفدًا روسيًا في دمشق. أ. ف. ب/ صورة (سانا) ه. و.
“بشار عدو الشعب السوري، أما عدوي فهو (داعش)”، ذلك ما أشار إليه إيمانويل ماكرون، يوم الأحد 17 تشرين الثاني/ ديسمبر 2017 من على محطة France 2. ثم تابع بقوله، في نهاية الحرب ضد التنظيم الإرهابي في سورية، “سيكون بشار الأسد” قائد الدولة السورية، والذي يطالب العديد من المعارضين برحيله الفوري، “محميًا من جانب أولئك الذين ربحوا الحرب على الأرض، سواء إيران أو روسيا، من هنا لا يمكن القول إننا لا نريد التحدث إليه أو إلى ممثليه”، أضاف إيمانويل ماكرون شارحًا.
زياد ماجد: “يناقض ذلك كل قيم فرنسا”
هل يجب الحديث مع بشار الأسد حول مستقبل سورية؟ فيما يلي وجهة نظر زياد ماجد، الاختصاصي بالعلوم السياسية، والأستاذ في الجامعة الأميركية في باريس.
ألهمني كلام إيمانويل ماكرون بثلاثة تعليقات. بادئ ذي بدء، إن الحديث مع بشار الأسد جارٍ منذ العام 2012؛ فالعملية التي تُدار في جنيف برعاية الأمم المتحدة تتضمن حوارًا مع النظام السوري. عُقدت حتى الآن ثماني جولات مفاوضات. إضافة إلى ما سبق، فالأمم المتحدة حاضرة على الدوام في دمشق، كحال سفير النظام السوري في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، الموجود دائمًا في نيويورك، حيث يحضر اجتماعات الأمم المتحدة.
علاوة على ما سبق، فإن مجرد القول إن “بشار سيكون هنا”، لأنه “محمي”، يكشف عن منطق معاكس للقانون الدولي، ويعتبر أن القانون السائد هو قانون الأقوى. يتناقض هذا القول وجميع القيم التي تدعي فرنسا الدفاع عنها في العالم، فهل يتوجب علينا العمل مع بشار الأسد، تحت ذريعة الاحتلال العسكري للروس والإيرانيين لسورية؟
بالتأكيد، يتم أخذ توازن القوى بالحسبان، عند بناء العلاقات الدولية، كما هي الحال مع الواقع الواجب التعامل معه، والواجب تعديله في الوقت نفسه. ولكن بموجب القانون الدولي، وجدت آليات -منذ نهاية الحرب العالمية الثانية- تسمح، بالتحديد، بعدم التعامل مع شخص متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، ولو كان هذا الشخص محميًا.
في النهاية، يعدّ قول إيمانويل ماكرون “بشار عدو الشعب السوري، أما عدوي فهو (داعش)”، صادمًا؛ لأنه يعني أن محاصرة بشار شعبَه وتجويعه، وارتكابه جرائم ضد الإنسانية، ذُكرت في تقارير هيئة الأمم المتحدة، ليس ذلك من شأن فرنسا. تطرد تلك الرسالة الشعب السوري من المجتمع الدولي، ومن حماية القانون الدولي، كما أنها تعني أيضًا أنه طالما تم ذلك في مكان ليس بالقريب، فلا بأس من ارتكاب المجازر.
بالطبع، يطرح تطبيق القانون الدولي العديد من المشكلات، ولكن يجب البدء بفرض احترام قرارات الأمم المتحدة، ومن بينها واحد، تم التصويت عليه في عام 2014 ولم ينفّذ البتة، يطالب بإنهاء الحصار في سورية. اليوم، يخضع جزء من سكان الغوطة، وفي بعض جيوب وسط البلاد للحصار والتجويع. لا يمكن لقرار كهذا أن يُطبق عند القول إن بشار الأسد سيكون محاورًا، ولكن بوضع الروس تحت الضغط، وبفرض عقوبات على مسؤولي النظام السوري، وبالقول إن من يبقون على الحصار سيدفعون الثمن أمام المحاكم الدولية… من الممكن البدء بإجراءات تهدف إلى إنشاء محكمة خاصة من أجل سورية.
إن منطق عدم القيام بأي شيء، بهدف تجنب الأسوأ، هو منطق هش؛ لأن الأسوأ يحدث مسبقًا. جعل باراك أوباما من استخدام الغاز الكيماوي خطًا أحمر، وعندما تم استخدامه في عام 2013، لم يبد الأميركيون ولا المجتمع الدولي أي ردة فعل؛ الأمر الذي قاد حتمًا لتشجيع الروس في دعمهم للنظام.
نديم حوري: “ليس السؤال “هل يجب”، ولكن “عن ماذا” نتحدث مع بشار الأسد.
هل يجب الحديث مع بشار الأسد حول مستقبل سورية؟ فيما يلي وجهة نظر نديم حوري، المختص في الشأن السوري، ومدير برنامج الإرهاب ومكافحة الإرهاب في منظمة (هيومن رايتس ووتش).
إن القول إن “بشار سيكون هنا”، هو عبارة عن استنتاج. هناك اليوم اعتراف بحقيقة أن بشار الأسد وحلفاءه: روسيا وإيران، هو في موضع قوة. لقد قاد التدخل الروسي (الذي بدأ في أيلول/ سبتمبر 2015، ملاحظة التحرير) والدعم الإيراني الهائل إلى تثبيت وحتى تدعيم نظام بشار الأسد، وبالتالي، لن يكون هناك أي تغيير بواسطة القوة.
ولذلك، لم يعد السؤال المناسب يتجلى في معرفة إن كان من الواجب الحديث مع بشار الأسد، وإنما عمّ يجب الحديث معه: إن كان يجب الجلوس معه للنقاش حول التعاون التقني في الصراع ضد الإرهاب، أو من أجل أن يقوم بدور حارس حدود أوروبا، فبكل تأكيد لا يجب الحديث معه. ولكن إن كان من الممكن أن تثمر المحادثات عن تحسين وضع وصول المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح عشرات الآلاف من المحتجزين، وانتقال سياسي وعدل… فلِمَ لا؟
في الحالة الثانية، يجب الحديث مع الحليف الروسي أو تبني استراتيجيات، كي لا تعطل موسكو الآليات الدولية لتحقيق العدالة، ويعتمد ذلك على الطريقة التي سيستخدم فيها الرئيس الفرنسي العلاقات التي يقول برغبته في بنائها مع موسكو، لضمان انتقال نحو سورية ديمقراطية، تتوقف فيها الأجهزة الأمنة عن التعذيب المنهجي، وعن إعدام المعارضين.
وإن استمر الروس، على سبيل المثال، في إحباط كل تقدم باتجاه تحقيق العدالة على مستوى مجلس الأمن، فلا شيء يمنع فرنسا من العمل لاقتراح محكمة خاصة، تمولها وتنشِئها الجمعية العامة في الأمم المتحدة. لا يجب أن نكون ساذجين، فنحن لن نتحدث عن تحقيق العدالة مع بشار الأسد، لأنه لن يسلم نفسه بنفسه.
من ثم، هنالك العديد من وسائل الضغط على روسيا، فألمانيا بالنسبة إليها شريك مهم، كما يعتبر الرئيس بوتين في حالة بحث عن الشرعية الدولية. يجب، إذًا، إرسال إشارة مفادها أن ذلك الاعتراف يمر عبر قيام موسكو بدور إيجابي في صراعات كالصراع السوري. وللوصل إلى ما سبق، على فرنسا العمل مع الأميركيين والشركاء الأوروبيين والإقليميين.
تمتلك روسيا، بدورها، ما يكفي من وسائل الضغط على النظام السوري، وعندما هددته بالتوقف عن حمايته في مجلس الأمن؛ سمح بدخول المحققين الدوليين، وأعطى جزءًا كبيرًا من ترسانته من الأسلحة الكيماوية.
بالتأكيد، تم تفصيل النظام السوري على مقاس بشار الأسد وعائلته، ولكن لم يعد يجب اقتصار النقاش حول سورية على إشكالية مستقبل الرئيس السوري، ويجب الحديث حول أسئلة تصب في العمق، وسيكون مصير بشار الأسد تحصيل حاصل للآليات التي سيتم تطبيقها.
العنوان الأصلي
Faut-il parler avec Bachar Al Assad de l’avenir de la Syrie ?
الكاتب
تجميع ماريان مونييه
Recueilli par Marianne Meunier
المصدر- التاريخ
La Croix – 18 كانون الأول/ ديسمبر 2017
المترجم
أنس عيسى
أنس عيسى
[sociallocker]
جيرون