في الظل.. خطط يحكيها شباب الساحل السوري للهروب من الموت

10 يناير، 2018

السورية نت – رغداء زيدان

أدون عيسى ـ خاص السورية نت

أنا أعيش في الظل، هكذا عبر “محمد 31 عاماً” اسم مستعار. لمراسل “السورية نت” عن حالته، حيث خسر وظيفته حين تم استدعاءه كاحتياطي في جيش النظام.

وتابع الشاب المنحدر من قرية في ريف جبلة: “أفضَل خسارة الوظيفة على خسارة حياتي، لذلك لم ولن ألتحق ومن وضعني أمام هذا الخيار المصيري كان أمامه العديد من الخيارات الأخرى لإيجاد حلول قبل أن يورط طائفة كاملة”.

ويقول محمد وهو خريج قسم الجغرافيا: “حالي كحال الكثير من شبان الطائفة العلوية الذين باتوا يتحركون في بضعة كيلو مترات فقط بعيداً عن الحواجز الأمنية وعناصر الميليشيات التي تلقي القبض بين الحين والآخر على بعضهم وتسفرهم بعد أيام قليلة من التدريب إلى جبهات القتال وقد حصل ذلك مع العديد من معارفي” على حد قوله.

ويتابع: “كنت على وشك الانتهاء من تجهيز شقتي الصغيرة تحضيراً للزواج لكنني ملاحق الآن والقادم مجهول بالنسبة لي”.

وذكر محمد أنه “يوجد عدة ميليشيات أشهرها كتائب أبو الحارث التي يقودها أحد أقرباء الأسد ويدعى يسار الأسد أبو الحارث وهو في الكثير من الأحيان يفاوض أهالي شبان على مبالغ مالية  بعد أن قام شبيحته بإلقاء القبض عليهم بتهمة التخلف عن الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية”.

الزواج البراني

يقول “عماد 29 عاماً ـ اسم مستعار”، وكان قد فوت موعدين قبل أن يتشجع في الثالث للقاء مراسل “السورية نت” بسبب حالة الرعب المفروضة في الساحل السوري: “لقد تزوجت دون تثبيت زواجي في المحكمة الشرعية أي زواج براني، والسبب هو عدم قدرتي على الحصول على بيان وضع من شعبة تجنيدي بسبب القرار الذي عممه النظام سابقاً على شعب التجنيد والذي أعطى مهلة حتى منتصف عام 2017 إما لالتحاق المكلفين بخدمة الاحتياط أو الفصل من الوظيفة وقد عمم القرار على بعض الوزارات ومنها وزارة الإعلام وبذلك فقدت وظيفتي وأبسط حقوق المواطن في أي بلد”.

ويتابع عماد: “نال القرار المشؤوم من حياة الكثير من شباب الساحل ودمر أحلامهم، وحتى قصص حبهم صارت أمام مفترقات طرق أهونها مر وأصعبها الموت على جبهات قتال الأسد حيث يريد لحكمه الخلبي والشكلي فقط أن يستمر”.

وكانت حالات الزواج دون تسجيله بشكل رسمي في المحاكم الشرعية ودوائر النفوس تنتشر بشكل كبير في الساحل السوري دون وجود إحصائية دقيقة، ولكن يؤكد بعض المتابعين أنها قد تصل لعدة آلاف.

الإرث حق مفقود

في المقهى اللاذقاني القريب من دوار الزراعة والمعروف بأن أعين المخابرات السورية تراقبه على مدار الساعة كون زبائنه من شباب وصبايا أغلبهم قد زار أفرع المخابرات مرة على الأقل بسبب مواقفهم المعارضة.

تحدث “كرم 26 عاماً ـ اسم مستعار” بأنه التحق بالخدمة الإلزامية بعد أن حاول المماطلة بالتخرج من فرعه بكلية الآداب وكان قراره السابق بعدم الالتحاق قبل أن يتوفى والده، وهنا كانت المصيبة مصيبتين: فقدان والده ومشكلة حصر الإرث لعدة عقارات في اللاذقية وفقدانه حق السير بالمعاملة بسبب تخلفه عن الخدمة.

وتابع  كرم وهو يضحك: التحقت، أنهيت المعاملة، وهربت حيث أدفع كل شهر مبلغاً لقائد كتيبتي كي أبقى في شاليه يملكه في الشاطئ الأزرق حيث أقوم بتأجيره للسياح أي أعمل وأدفع. 

خطة هروب

على أطراف قرية تبعد عن مدينة جبلة 24 كم مشيت أنا ورامي في طريق ترابي بين حقول الزيتون لنصل غرفة بضوء خافت خرج منها شقيقه سومر الذي جهز كأسين من المتة وأثناء ذلك وجه سؤاله لي: ألا تخاف من العمل مع صحيفة معارضة؟ ـ “والله إذا كمشوك ليفرموك”!

خفف الضحك من توتر سومر الذي قال: “منذ شهر تمت مداهمة منزلنا بجبلة مرتين لإلقاء القبض علي بسبب طول لساني على الفيس بوك، كما يصفني الأصدقاء والمعارف وبعدها بأيام تم استدعائي إلى الاحتياط ومنذ ذلك الوقت وأنا أحضر خطة الهروب، معي جواز سفر صالح لكن اسمي معمم على الحواجز”.

وتابع: “هاجسي أن أجد الطريقة المناسبة للخروج وقد نجح صديق لي منذ فترة من خلال طريق تهريب بالوصول إلى بيروت وهو الآن هناك. 

وبتأثر واضح قال سومر: “الأسد هو قابض أرواح شباب هذه الطائفة العلوية وقبل أن يدفنا دفن أحلامنا وحولنا لنكون العدو الأول لباقي مكونات الشعب السوري”.

وأوضح سومر: “أفكر بالوصول للبرازيل كونها تعطي فيزا إنسانية للسوريين خلال خمسة أيام فقط ضمن برنامج إنساني ينتهي في شهر أيار 2018، وهناك الكثير من شباب الطائفة اليوم وصلوا إلى ماليزيا كونها والسودان من البلدان النادرة التي لا تحتاج إلى فيزا للسوريين، ولكن ظروفهم صعبة للغاية كباقي السوريين بالإضافة لحملهم وزر منبتهم الطائفي حيث منع الأسدين من افتتاح مشاريع أو تطوير حياتنا في الساحل ليكون سبيلنا الجيش لذلك وصلوا إلى هناك دون رأس مال للعمل”.

لا ندري في الوقت الذي ننشر فيه هذا المادة ما أحوال هؤلاء الشبان، ولكن الواقع الذي لا يتمكّن الإعلام من اختراق بيئته يمهد لحال جديد ومختلف في مناطق يسيطر عليها الأسد وشبيحته بالنار والحديد والرعب.

حيث بدأ صوت الحرية يعلو صراخه رويداً رويداً خارج الصندوق الحديدي، الذي وضع الأسد فيه الساحل السوري، وهو يعتقد  بأنه سيستمر “كحاضنته”، التي باتت تنقلب ضده بتحول ملحوظ لأسباب مختلفة سياسية، أو ذلك المطلب الحق لكل مواطن وهو الحياة.

اقرأ أيضا: قتلى بانفجار مستودع أسلحة لقوات النظام في ريف اللاذقية

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]