النظام لموظفي دير الزور: الفصل أو العودة إلى المدينة



أكدّ الصحفي مازن أبو تمام مدير (وكالة الشرق السوري) أن النظام “أعطى مهلة للمعلمين والقضاة والموظفين في الدوائر الحكومية، بضرورة العودة إلى مدينة دير الزور والالتحاق بوظائفهم خلال عدة أيام، وإلا؛ فسيتم فصلهم”.

جاء تحذير النظام “بعد تمكّنه من السيطرة على المدينة، حيث طلب العودة من المدنيين الذين غادروا المدينة، خلال المعارك فيها، إلى محافظات أخرى، وعندما لم يستجيبوا لطلبه؛ وجّه لهم هذا التحذير”، وفقَ أبو تمام. وأضاف لـ (جيرون): “يعود تردّد الأهالي بالعودة إلى سببين: الأول هو عدم وجود بنية تحتية وخدمات في المدينة، بعد أن دمّرت منازل قسم كبير منهم، أما السبب الثاني فهو أن معظم المدنيين قد بدؤوا حياة جديدة في أماكن نزوحهم، وتأقلموا معها، ومن الصعب عليهم العودة حاليًا. أعرفُ قاضيًا يعيش في دمشق، ويعمل هناك، ولكنه الآن يرفض العودة، لذلك لجأ النظام إلى أسلوب التهديد بفصل الموظفين، لإجبارهم على العودة”.

كان معظم أهالي مدينة دير الزور قد نزحوا، بعد استيلاء تنظيم (داعش) على الأحياء التي كانت تحت سيطرة فصائل الجيش الحر، عام 2014، واتجه معظم الموظفين، البالغ عددهم وفق تقديرات هيئات مدنية نحو 35 ألف نسمة، إلى مناطق سيطرة النظام، في دمشق والحسكة، حيث نقلوا أعمالهم إلى هناك.

تحذيرات النظام وتهديداته للموظفين بالفصل لاقت استنكارًا ورفضًا من قِبل عدة هيئات حقوقية ومدنية، وبين الموظفنين أنفسهم، بسبب عدم توفّر بيئة مناسبة للاستقرار في المدينة، في ظل انتشار الألغام التي خلّفها (داعش)، والخراب الواسع في أنظمة الصرف الصحي والمياه والكهرباء، إضافة إلى الدمار الكبير الذي خلّفه قصف النظام للمدينة، خلال السنوات الماضية.

في هذا السياق، قال جلال الحمد، مدير منظمة (العدالة من أجل الحياة)، لـ (جيرون): “إن فرض النظام على الموظفين العودة إلى دير الزور بهذه الطريقة يدلّ على التخبّط الذي يعيشه، لأنه على دراية أن أغلب الناس لا يمكنهم العودة، وهي رسالة للأهالي بأن الأحوال شرعت تعود إلى ما كانت عليه في السابق، ورسالة للخارج أيضًا مفادها: أن النظام قوي، وبدأ يستعيد زمام المبادرة، وأنه قادر على إحلال الأمان”.

أضاف الحمد: “هناك بعض المدرسين ذهبوا لأخذ تكليف المباشرة، ولكن لا يوجد طلاب حتى الآن، ما دفعهم إلى مغادرة المدينة، مرة ثانية”، مؤكدًا أنهم “عادوا تحت الضغط، وأنهم ما زالوا متخوفين من بطش النظام”.

أكد الحمد وجودَ حالة من الانفلات الأمني والسرقة والتسلّط، من قبل عناصر الأمن على الأهالي، وقال في هذا الصدد: “حتى الآن، المحافظة ليست مستقرة، وغير قابلة للعودة إلى الحياة الطبيعية، فضلًا عن أن كثيرًا من العوائل أمست بلا مأوى بعد أن دمّرت منازلهم، ومن الجلي أن السلطات ليس لديها أي خطة لتنظيم عودة الناس إلى بيوتهم”.

النظام بدأ يروج، عبر وسائل إعلامه، أن المئات من المدنيين عادوا إلى المدينة، ولكن الوقائع تتعارض مع هذه الادعاءات، لأن المدينة ما زالت تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، ويؤكد بعض الأهالي العائدين أن الأنقاض تملأ المدينة، ولا يمكن العيش فيها حاليًا على الإطلاق.

المحامي إبراهيم ملكي، ممثل نقابة المحامين الأحرار- فرع حلب في أوروبا أكّد لـ (جيرون) أن “هذا القرار الإداري يخالف في مضمونه نظام العاملين الأساس في الدولة، الصادر عام 2004، والمعمول به في سورية، لأن أداء الوظيفة العامة يكون في مناخ عام ملائم، يستطيع الموظف خلاله أن يقوم بعمله على الصعيد الوظيفي، ويكون محميًا، والسلوك الذي يقوم به النظام يشبه قوانين العبودية في روما”.

أضاف ملكي: “يعدّ هذا القرار غير قانوني؛ لأنه يعدّ ابتزازًا للمدنيين في لقمة عيشهم، بإجبارهم على العيش في ظروف حرب غير مناسبة، وهو مخالف للقوانين الدولية واتفاقية حقوق الإنسان، ومن الممكن أن يرقى إلى جريمة حرب، وهو يشابه عملية التجنيد الإجباري، وسوق المدنيين إلى الاقتتال الداخلي وتفتيت المجتمع”.

يذكر أن النظام سيطر على كامل مدينة دير الزور قبل شهرين، بعد انسحاب تنظيم (داعش) من مواقعه في المدينة، لكن المدنيين يرفضون العودة إلى هذه المناطق، حتى الآن، بسبب عدم ثقتهم بالنظام، مزيد من التفاصيل: https://geroun.net/archives/10303.


سامر الأحمد


المصدر
جيرون