أنا معجب بزوجتي!



أنا معجب بزوجتي، وإعجابي بها، ليس ناتجًا عن خوف أو تملق، لا سمح الله. فأنا أنال كل حقوقي الزوجية، كما تنص عليها القوانين؛ كحق النوم في الصالون مثلًا، إذا طردتني من غرفة النوم، فالقانون الكندي لا يسمح لها بطردي إلى الشارع، إلا إذا كان قرار الطرد من البيت نهائيًا، وتحت طائلة المسؤولية. وحق رؤية الأطفال مرة في الأسبوع، إذا كان ذلك لا يشكل تهديدًا لسلامتهم العقلية أو الجسدية. فكما يعلم الجميع، إلا رجال بلادنا، أن الرجل الشرقي ميال للعنف، عندما يتعلق الأمر “بتقويم” اعوجاج الزوجة أو الولد، فالعصا -برأيه- لمن عصى، والعصاة هم دائمًا النساء أولًا، والأولاد ثانيًا، وامتدادًا لهذه الثقافة “العصاوية”، فإن “الأب القائد” يحق له معاقبة أولاده كلهم، ومن موقعه كأب، فإنه يعرف مصلحة أولاده، في الدنيا والآخرة، لذلك يملك كل الحقوق في “تقويهم”، حتى لو اضطر إلى إرسال بعضهم إلى “الجنة” بشكل مبكر، كي يردع الآخرين، عن الإيغال في طريق الرذيلة والإرهاب. فالموت هنا من علامات المحبة، ولا يحق لنا اتهامه بالعدوانية، مثلًا، وكذلك زوجتي، فهي عندما ستتخذ يومًا ما قرار طردي من البيت، إنما سيكون نابعًا من إحساسها بالمسؤولية تجاه أولادها، وليس لأي سبب شخصي آخر، لا سمح الله، فأنا لست بخيلًا عليها، ولست عفشًا، ورائحتي عطرة دائمًا، وأغسل أسناني، مرة كل أسبوع، على الأقل، ولا أرمي ثيابي الوسخة في أرض الحمام، بل أجمعها وأضعها في الغسالة، وأنا، في كل عمل، حريص على التعاون معها، حتى لو كان بالكلام، وهو أضعف الإيمان، وأقسم إنني لم أخنها حتى الآن، وللحقيقة، فعدم خيانتي لها، ليس تعففًا، وإنما لأنني لم أجد المرأة التي تقبل بشخص مثلي، “براغيه كلها فارطة”، وغير قابلة للشد.

ومن أسباب إعجابي بزوجتي، أنها لم “تهتني” بعيوبي في غيابي، فهي دائمًا صريحة وواضحة، لا تهاب في قول الحق لومة لائم، وهي تقول للأعور أنت أعور، وللأعرج أنت أعرج، وللدجال أنت دجال. تخيّلوا لو أن كل معارضتنا كانت قد تعلمت منها، كم كنا سنوفر جهدًا وشهداء! ولكن بما أننا ابتلينا بمعاصي المعارضة، فمن واجبنا أن نستر عليهم وعلى أنفسنا، كي لا تخرج زوجاتنا عن صمتهن لنشر عيوبنا وعجزنا، في البيوت والأسِرّة، على حبال دول العالم الصديقة والداعمة، فيستغلها القريب والبعيد، كما يحدث هذه الأيام في الأسر السورية اللاجئة إلى أوروبا، بعد أن قررت النساء هناك فضحنا أمام القضاء، يعني أمام الإعلام، لنيل حريتهن من هذا الرجل غير المحمول، الذي يعتبر الديمقراطية كفرًا، يجب وضعها تحت الأقدام. ومن أجل ذلك كتبت: أنا معجب بزوجتي الصريحة والواضحة.

أخيرًا، قد أعجز عن تعداد كل أسباب إعجابي بزوجتي، لكنني أستطيع اختتام ما بدأت به بالقول إنها أمّ رائعة، والأدلة كثيرة؛ ففي بعض الأحيان النادرة، نكون وحدنا في البيت، وتكون أحاديثنا مثل السمن والعسل، غير المغشوشين، وما إن يدخل أحد الولدين إلى البيت، حتى تنسى وجودي فعلًا، وتهرع لتلبية طلبات ابنها، ولكي ألفت نظرها الى وجودي، أقوم بحركات صبيانية، كالسعال المفتعل، أو الحركات التي لا معنى لها، كقطة الكرسي أثناء نقلها من مكان إلى آخر، فيكون ردها انفعاليًا: إنك تزعج الولد!! فأقول لها: إن ابنك غير مهتم بك، فهو يغازل صديقته على الهاتف، ولن ينتبه إلى حركاتي، أو إلى احتجاجك، فيكون ردها على شكل غارة جوية، تشبه الغارات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سورية، كأن تقول بعد صمت مريب: “على الأقل ابني يعرف الغزل، مو متل أبوه الطشه، اللي ما بيعرف يحكي كلمة كويسة، ووقت بيحكي بصيب المكان الخطأ”!!!

رغم كل تلك الملاحظات الواقعية التي تلدغني بها زوجتي، أختم حكايتي بالقول: إنني معجب بزوجتي دون أي مقابل، والله…


ميخائيل سعد


المصدر
جيرون