شركات النفط الأوروبية تسيطر على المشهد الليبي


زيرو هيدج –

تخطط أوروبا لإعادة احتلال ليبيا، ولذلك، سوف ترسل قوات مسلحة في خلال الأشهر المقبلة لفرض  النظام ووقف تدفق المهاجرين القادمين من أفريقيا. وإذا نجحت هذه الحملة المسلحة في تأمين أجزاء من البلاد وفرض القانون والنظام، فسوف يتدفق مهندسون ايطاليون وألمان من شركة ENI الإيطالية وشركة Wintershall الألمانية على البلاد للمساعدة في استئناف إنتاج النفط في البلاد، وهو ما سيؤدي إلى إضافة 1.3 مليون برميل نفط يوميا إلى سوق النفط العالمية (وكانت ليبيا تنتج 1.7 مليون برميل يوميا قبل الاطاحة بمعمر القذافي في العام 2011).

وحتى أسبوعين مضيا، كانت ليبيا تحكم من قبل ثلاث حكومات:

الحكومة الأصلية التي تم تشكيلها من قبل جماعة الإخوان المسلمين بعد الاطاحة بمعمر القذافي، والتي توجد في العاصمة الليبية طرابلس. والحكومة المعترف بها دوليا (باستثناء تركيا وقطر) الموجودة في طبرق. وقد تم إخراج هذه الحكومة، التي تم إنشاؤها بمساعدة من الاتحاد الأوروبي والتي نظمت انتخابات وهمية، في وقت لاحق من طرابلس. وهناك نوع ما من الحكومة التي تسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية تحكم  المنطقة المحيطة ببنغازي.

ويبدو أن السلطة الحقيقية لأي من هذه الجماعات لا تتعدى الأماكن التي تقيم فيها الجماعة . بينما يسيطر مشايخ القبائل المحلية على حكم بقية المنطقة.

وعلى مدار عام، حاول الأوروبيون عبثا تشكيل حكومة وحدة وطنية. وفي هذه الأثناء، أخذ الوضع الأمني ​​في التدهور بشكل متزايد. وأصبحت ليبيا ملاذا لتنظيم الدولة الإسلامية وغيره من الجماعات الجهادية الأخرى، كما أصبحت نافذة لعبور ملايين الأفارقة الذين يريدون الهجرة إلى أوروبا. وقال وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان في شهر مارس إن هناك حوالي 800000 مهاجرا في ليبيا يأملون عبور البحر الأبيض المتوسط ​​هذا العام.

والطريقة الوحيدة بالنسبة للأوروبيين لمنع هذا من الحدوث هي استعادة السيطرة على المستعمرة الإيطالية القديمة. ولا يجب على الأوروبيين الانتظار حتى يعمل الليبيون على حل مشاكلهم الداخلية. ولكي يكون الأوروبيون قادرين على إرسال حملة مسلحة إلى ليبيا، فإنهم بحاجة إلى طلب رسمي من الحكومة الليبية. ووجود دعوة رسمية سوف يجعل التدخل “قانوني” بالنسبة لـ “قوات أفريقيا الأوروبية”، التي لم يتم تشكيلها بعد، لكي تعمل بحرية كما عمل الروس في سوريا. ولهذا السبب، يحتاج الأوروبيون أولا إلى تثبيت حكومة تطلب تدخل القوى الأوروبية. وفي الشهر الماضي، أنشأ الأوروبيون من فراغ حكومة وحدة وطنية “ديمقراطية” جديدة، ومع ذلك، فهي حكومة غير معترف بها من قبل الحكومات الموجودة في طبرق وطرابلس. وفي الوقت الذي حاول فيه الأوروبيون تثبيت هذه الحكومة في مدينة طرابلس، قامت الإدارة المحلية بإغلاق المجال الجوي في جميع أنحاء المدينة، وأغلقت الطرق القادمة من تونس لمنع السلطات من دخول المدينة.

ولهذا السبب، اضطرت الإدارة الجديدة إلى دخول المدينة بواسطة القوارب. ويقال إن السيد فايز السراج، رئيس الحكومة المعين من بروكسل، تم إحضاره عن طريق البحرية الإيطالية. ورسميا، قيل إنه جاء بواسطة سفينة تابعة للبحرية الليبية، مع عدم وجود صورة تثبت هذا الادعاء. وإذا لم تدعم الدول الأوروبية الحكومة التي تدعمها بروكسل فسوف تعرض نفسها للتهديدات التي يشكلها أتباع الحكومات المتنافسة في طبرق وطرابلس.

وتتمثل المهمة الأولى لـ”حكومة الوحدة الوطنية” الجديدة في التخلص من الحكومتين المتنافستين ووقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا في أقرب وقت ممكن. ففي الأسبوع الماضي وصل أكثر من 6000 مهاجرا من افريقيا إلى إيطاليا في غضون أربعة أيام.

والمهمة الثانية هي تأمين شركات النفط الفرنسية والإيطالية والألمانية في ليبيا. حيث تم اهمال المنشآت النفطية في ليبيا، المملوكة جزئيا لشركة توتال الفرنسية وايني الايطالية ووينترشال الألمانية، في العام الماضي وتركت لحماية 27000 مقاتلا من حراس المرافق البترولية. ولم تعد تلك القوات تحت سلطة الجيش الليبي بعد الآن، وتركت المنشآت عرضة لهجمات الميليشيات الجهادية. ومن مصلحة المملكة العربية السعودية أن تدمر العديد من المنشآت النفطية الممكنة من خلال وكلائها الجهاديين قبل محاولة الأوروبيين استعادة فرض النظام في ليبيا. والمملكة العربية السعودية لديها تاريخ طويل من استخدام الجهاديين لحماية مصالحها الوطنية. وقد تأسست الدولة على هذا المبدأ عندما تحالف ابن سعود مع الوهابيين المتشددين للاستيلاء على شبه الجزيرة العربية في العام 1925 تقريبا. وفي الوقت الذي تحاول فيه جميع القبائل الليبية المتناحرة منع تدمير البنية التحتية الليبية النفطية، كانت هناك بعض الهجمات الغامضة على محطات النفط منذ انخفاض أسعار النفط دون 50 دولارا للبرميل. وقد تم إشعال النار من قبل الجهاديين في صهاريج تخزين النفط في المحطة الليبية الكبرى رأس لانوف في شهر يناير من هذا العام. وفي نهاية العام 2014، تم حرق محطة نفط بعدتعرضها للهجوم الذي أسفر عن مقتل 22 جنديا ليبيا أيضا.

الأوروبيون يتعجلون السيطرة على الوضع في ليبيا. وقبل أن يتم تثبيت حكومة الوحدة الوطنية الجديدة بشكل كامل ومع وجود معارك الشوارع المستمرة في طرابلس، زار وزراء الخارجية الإيطالي والفرنسي والألماني المدينة في الاسبوع الماضي من أجل التعهد بدعم “حكومة الوحدة الوطنية” الجديدة التي يتم مقاومتها بشدة. وبحسب صحيفة لوموند الفرنسية، تعمل القوات الخاصة الفرنسية والإيطالية والبريطانية في ليبيا منذ شهرين مضيا. ولكن هذه القوات غير قادرة على تحقيق الأهداف التي أعدتها بروكسل.

والسؤال الآن هو متى سوف يرسل الأوروبيون الحملة المسلحة إلى ليبيا وليس هل سيرسل الأوروبيون حملة مسلحة إلى ليبيا أم لا . وقد تعهدت بريطانيا حاليا بإرسال 1000 جنديا في حين تعهد الإيطاليون بإرسال 5000 جنديا إلى القوات التي يجري تشكيلها الآن لاستعادة النظام في ليبيا. ومن المتوقع أن تستغل بروكسل هذه الفرصة لتعزيز الفيلق الأوروبي، وهو نواة جيش أوروبي موحد يقوم حاليا بتنفيذ عملية عسكرية طفيفة في مالي. وربما يرسل الفيلق الأوروبي 5000 جنديا إلى ليبيا. وسوف تكون العملية القادمة في ليبيا هي أول تدخل عسكري مشترك للاتحاد الأوروبي على نطاق واسع. ومهما حاولت بروكسل وصف هذه العملية، فإنها ليست سوى عمل عسكري عدائي للاستيلاء على البلاد.