النجاح المستمر للسياسيين من أصول عربية في أمريكا اللاتينية


واشنطن بوست –

الرئيس البرازيلي الجديد، ميشال تامر، هو شخصية مثرة للجدل. لقد عمل سابقًا نائب رئيس البلاد، وانتقل إلى السلطة بعد انتهاء تعليق مهام الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف الأسبوع الماضي في خضم فضيحة الفساد الحالية.  

لقد حوّل تامر سياسة البلاد إلى اليمين، وخطط لإجراء إصلاحات في السوق الحرة وقام بتعيين مجلس وزراء جديد، جميع وزراءه من الذكور في أعقاب رحيل أول رئيس للبرازيل من الإناث. قد لا يظلّ هذا الرجل السبعيني في السلطة لفترة طويلة، نظرًا لأنه هو أيضًا يخضع لتحقيق في تمويل حملته الانتخابية وحملة روسيف عام 2014. وقبل توليه منصب الرئيس، اشتهر تامر على نطاق واسع في الخارج بزوجته التي تعمل كموديل، والتي تصغره بأربعة عقود.

هناك معلومة في سيرته الذاتية تشر إلى أنه في حين عدم وجود علاقة بالاضطراب السياسي الجاري في البرازيل، إلّا أن اسمه مرتبط بقصة أوسع انتشارًا في أمريكا اللاتينية. تامر، الذي وصل إلى البرازيل في العشرينات مع أبوين لبنانيين، هو جزء من شتات المهاجرين العرب المتنوعين والمنتشرين في أجزاء من أمريكا الوسطى والجنوبية. وهو تقريبًا أول سياسي إقليمي من أصل عربي يصل لرئاسة دولة لاتينية.

وكان كارلوس منعم، الرئيس السابق سيء السمعة للأرجنتين، ابن لمواطنين سوريين. ولمواصلة مسيرته السياسية، تحوّل من الإسلام إلى الكاثوليكية. كما أنَّ والد خوليو سيزار طربيه، رئيس كولومبيا بين عاميّ 1978 و1982، كان تاجرًا مغامرًا هاجر من بلدة تنورين، لبنان. وينحدر الرؤساء البارزين في السلفادور وهندوراس من أصل فلسطيني، في حين أن الرؤساء المتعاقبين في الإكوادور في فترة التسعينات لديهم تراث لبناني.

وبالرغم من أن الكثيرين في الولايات المتحدة يعرفون مدى وفرة المهاجرين الإيطاليين والألمان والأيرلنديين الذي يملأ أحفادهم الآن الأمريكتين، ربما يكونوا أقل وعيًا بالهجرات الرئيسية الأخرى في المنطقة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. وبالإضافة إلى الأعداد الكبيرة من الصين واليابان، جاء تدفق أعداد كبيرة من الوافدين إلى أمريكا الجنوبية من المنطقة المعروفة باسم بلاد الشام، التي تضم في العصر الحديث: لبنان وسوريا والأردن، إلى جانب إسرائيل.  

حسب بعض التقديرات، هاجر حوالي 250 ألف إلى 300 ألف من العرب إلى الأرجنتين والبرازيل والمكسيك في هذا الوقت، هربًا من الاضطرابات التي عصفت بالإمبراطورية العثمانية المنهارة. وكان كثيرون منهم يعرفون في البداية باسم “الأتراك” بسبب جوازات سفرهم العثمانية. وفقًا لإحدى السرديات، ينحدر ما لا يقل عن 5 بالمئة من جميع سكان أمريكا اللاتينية من أصول عربية، وهذه النسبة ربما تكون أعلى في البرازيل.

ينتمي معظم هؤلاء الوافدين العرب لمختلف الطوائف المسيحية. عائلة تامر، على سبيل المثال، انحدرت من الطائفة المسيحية المارونية في لبنان. التقارب مع الكنيسة الكاثوليكية، إلى جانب العمل الجاد الدؤوب والدهاء والفطنة، أسرع وتيرة استيعاب كثير من هذه المجتمعات في أمريكا الجنوبية.

حوالي 10 بالمئة من أعضاء البرلمان البرازيلي ينحدرون من أصول عربية، مع اعتقاد بأنَ نصف هذه النسبة تمثل العدد الأكبر من السكّان. الروابط التي لا تزال قائمة ببلاد الشام يمكن ملاحظتها في الأسماء الأخيرة للأشخاص وانتشار المواد الغذائية المشابه لمنتجات الشرق الأوسط في مختلف أنحاء المنطقة، من سلاسل الوجبات السريعة البرازيلية إلى انتشار فطيرة امباندا، وهي من الأكلات الشهيرة في الطبخ اللبناني.

هناك علاقات أخرى. لقد شكّل هذا الشتات العربي الواضح الجغرافيا السياسية المعاصرة لأمريكا اللاتينية. في فنزويلا، على سبيل المثال، هناك علاقة طويلة بين الحكومة اليسارية في البلاد والأنظمة في إيران وسوريا. طارق العصامي وزير فنزويلي بارز ينحدر من أصول درزية، ويزعم بعض النقَّاد أن لديه اتصالات بجماعة حزب الله الشيعية اللبنانية.

وتضم تشيلي أكبر مجتمع فلسطيني مسيحي في العالم خارج إسرائيل والأراضي المحتلة. بالستينو، أحد أندية كرة القدم الرئيسية في العاصمة سانتياغو، تأسس في عام 1920 من قِبل المسيحيين الفلسطينيين. وكان الهدف من إنشاء الفريق هو التعبير عن تضامنه مع الإخوة الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي. وهذا التعاطف انتشر على نطاق واسع، حيث تعترف كل الدول الرئيسية في أمريكا الجنوبية بالدولة الفلسطينية.