المعتقلون السوريون …قضية للمساومات السياسية


أحمد مظهر سعدو

ماتزال قضية المعتقلين السوريين تراوح مكانها، وسط حالة من التهميش والضياع، وترتقي حقًا إلى مستوى قضية مركزية، فقد تجاوز عدد المعتقلين في سورية 200 ألف معتقل ومغيب قسرًا.

وقال المحامي والناشط الحقوقي، طارق حوكان لـ (جيرون): إن “ملف المعتقلين هو الجرح المفتوح والأكثر إيلامًا في مأساة الشعب السوري. وعندما نتكلم عن المعتقلين فإننا نتكلم عن أكثر من 200 ألف معتقل ومخطوف ومغيب، يعانون التعذيب والجوع والمرض في سجون الطاغية، إضافة إلى عدد غير محدد من المفقودين، لا يمكن تحديد مصيرهم قبل الإفراج عن جميع المعتقلين”.

وأكد أن هذه القضية تشكل كارثة بحجم عالمي، لم تشهد البشرية مثيلًا لها منذ الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك؛ لم تنل معاناة المعتقلين الاهتمام الواجب، على الرغم من أن التصدي لها يشكل مسؤولية دولية وسورية، وهو واجب على كل من ينتمي إلى الجماعة البشرية، ويحمل القيم الإنسانية”.

وأضاف حوكان أن “المطلوب أولًا النأي بهذا الملف عن المساومات السياسية التي تجري على طاولة المفاوضات. وثانيًا التأكيد على أن حل هذه القضية وإطلاق سراح جميع المعتقلين هو المقدمة اللازمة لأي حل. وهذا يتأتى من خلال جهد وعمل مشترك مع كل من يحمل القيم الإنسانية والأخلاقية أفرادًا وجماعات؛ من أجل الضغط على المنظمات الدولية ومراكز صنع القرار في الدول المؤثرة في المفاوضات، لإطلاق سراح جميع المعتقلين، وتأكيد أن لا حل سياسي من دون حل هذه القضية، وبإمكاني أن أضيف هنا أن المعارضة السياسية مقصرة في هذا الجهد.”

ولفت إلى “أن صور 11 ألف ضحية، قضوا في سجون الطاغية، لم تحرك ضمير العالم المتبلد؛ لذلك، علينا أن نبين للعالم أن هناك 200 ألف معتقل في الزنازين، من الممكن أن يلاقوا المصير نفسه إذا لم يتحرك تحركًا جديًا وفاعلًا، ومع الأسف، مازالت معاناة هؤلاء المعتقلين تعاني الإهمال من القوى الفاعلة على اعتبار أنها قضية ثانوية، قد تفسد المفاوضات بإثارتها. أضف إلى ذلك أن النظام ليس في وارد إنهاء هذا الملف؛ لإبقائه في نطاق المساومات السياسية أولًا، والأهم من ذلك؛ بسبب حجم الجرائم التي ستتكشف فيما لو أُفرج عن جميع المعتقلين الذين مازالوا على قيد الحياة. بقي أن نقول إن هذه الارتكابات لم تعد حكرًا على النظام، بل إن فصائل عسكرية كثيرة أضحت متهمة في هذا الملف، منها من هو مشارك في المفاوضات السياسية، واختطاف الزميلة رزان زيتونة ورفاقها على يد عناصر من (جيش الإسلام)، مثال على ذلك.

وترى المحامية والناشطة السورية، نورا مروان غازي، أن “هذا الانتهاك السافر لحقوق الانسان لم يعد حكرًا على الحكومة السورية وحدها، بل أصبح سلوكًا يُرتكب من جزء كبير من الفصائل المسلحة”.

وقالت غازي في حديثها لـ (جيرون): إنها “لا ترى أملًا في نيل كل المعتقلين حريتهم، ولكن هناك خطوات ربما تنفع، وهي التركيز على المطالب الإنسانية والقانونية بدلًا من حصرها في شعارات وهمية. والعمل مع الدول ذات التأثير على جميع الأطراف المتنازعة والتأثير فيهم، فعلًا لا كلامًا؛ لاتخاذ التدابير الملائمة. ويجب ألا نهمل تقديم الدعم اللازم لذوي المعتقلين من كل النواحي المادية والمعنوية والاجتماعية والتركيز والعمل الجاد لإعادة تأهيل المعتقلين المطلق سراحهم”.




المصدر